( 2 )
في كل بلد من بلدان العالم وعلى مر التاريخ، ينقسم أهل البلاد الى راض عن الحكم ومؤيد له وكاره للحكم ويعارضه. ويدافع كل طرف عن موقفه بقوة تعتمد على قربه أو بعده من النظام، مُسخِفًا ومستهزئا بالطرف الآخر، وقد تتطور العلاقة بين الطرفين الى الاقتتال، ليتم إقصاء وإبعاد الطرف الآخر، ويتحين الطرف المُقصى الفرص لينقض على الطرف الآخر إذا ما أحس بثغرة ما.
ولكن لو افترضنا أن حوارا هادئا دار بين شخصين من الطرفين المتضادين، دون عراك بالأيدي فماذا يدور بينهما؟ لنرى
المعارض: لما تؤيد نظام الحكم؟
المؤيد: سأجيبك إذا أجبتني أنت لما تعارض نظام الحكم
المعارض: إنه حكم فاسد يشجع الرشوة ويستكين للأجنبي، وينصب من هم قريبون منه، ويبعد من يعارضه، ويستنزف ثروات البلاد في أبواب لا تفيد، فلا يشجع البحث العلمي ولا يطور الإنتاج، فالبطالة متفشية و الجهل عام ولا مساكن لائقة للمواطنين والحبل طويل ..
المؤيد: وهل أتبع نهجك وأنا لا أشكو مما ذكرت؟ سأسرد لك قصة عن محاور مثلك حاور آخر مثلي.. جرت في منطقة مسيحية من مناطق البلاد المحيطة بنا
حيث كان صياد يصطاد السمك بصنارة ويشرب من علبة (بيرة) في يده، فجاءه ناصح فقال: لما تشرب البيرة وأنت تصطاد؟ ألم يكن من الأفضل أن تدخر ثمن البيرة لتشتري شبكة ؟
الصياد: وماذا بعد؟
الناصح: وبعد ذلك يزداد ربحك فتشتري زورقا..
الصياد: وماذا بعد؟
الناصح: عندها سيكون بإمكانك الصيد مع شرب البيرة..
الصياد: ولماذا كل تلك الطرق الملتوية؟ ألا تراني أشرب البيرة منذ الآن؟
المعارض: لقد فهمت .. ليبقى يشرب بيرة طالما بقي في صحته .. ولكن أظن أن لا صحة تدوم .. وقد اكتشفت تلك الحقيقة جماعات النمل .. في حين أهملتها صراصير الحقل التي تغني ليلا نهارا معجبة بصوتها، ظناً منها أن حياتها الرغيدة ستدوم الى الأبد .. والتي عندما تموت لعدم احتياطها ، سرعان ما تفتتها جماعات النمل لتخزنها مع مخزونها الاحتياطي..
__________________
ابن حوران
|