عرض مشاركة مفردة
  #20  
قديم 19-12-2006, 01:24 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

يقول الزير أبو ليلى المهلهل وقلب الزير قاسي ما يلينا
وان لان الحديد ما لان قلبي وقلبي من حديد القاسيينا
تريدي يا أميه أن أصالح وماتدري بما فعلوه فينا
فسبع سنين قد مرت علي أبيت الليل مغموما حزينا
أبات الليل أنعي في كليب أقول لعله يأتي الينا
كان كليب في رؤوس المعلا تغشاه ذئاب الجائعينا
أتتني بناته تبكي وتنعي تقول اليوم صرنا حائرينا
فقد غابت عيون أخيك عنا وخلانا يتامى قاصرينا
سللت السيف في وجه اليمامه وقلت لها أمام الحاضرينا
وانت اليوم يا عمي مكانه وليس لنا بغيرك معينا
وقلت لها ما تقول أنك عمك حماة الخائفينا
كمثل السبع في صدمات قوم أقلبهم شمالا مع يمينا
فدوسي يا يمامه فوق راسي على شاشي أذا كنا نسينا
فان دارت رحانا مع رحاهم طحناهم وكنا الطاحنينا
أقاتلهم على ظهر المهر أبو حجلان مطلوق اليمينا
فشدي يا يمامه المهر شدي وأكسي ظهره السرج المتينا
وهاتي حربتي رطلين وازود وحطيها على عدد متينا
ونادي على عدية وكل قومي صناديد الحرب المانعينا
ونادي أخوتي يأتوا سريعا لنلقي جيش بكر أجمعينا
فنادتهم أتوا كأسود غاب وقالوا قد اتينا يا أخينا
وياتوا يحرسون الليل كله وقضوا الليل كله وساهرينا

( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من شعره ونظامه شكره الجميع على مقاله وباتوا تلك الليله في سرور وانشراح ولما اصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح أمر الزير قومه بالاستعداد للحرب فركب ظهر الجواد وتبعته الفرسان والقواد وقصدوا بني مرة بقلوب قويه وهمم عليه فالتقاهم جساس مع أخوته وأهله واشتبك بينهم القتال وعظمت الاهوال وابتلت بني مرة بالبلاء والويل وكان الزير يحصد فيهم بالنهار والليل واستمر القتال بين الفريقين مدة سنتين حتى فقد من بني مرة في هذا الحرب الاخير نحو اثني عشر الف أمير عدا السادات والاكابر والجيوش والعساكر وكان الزير يأمر قومه بقطع الرؤوس ووضعها في المخازن لانه كان قد اقسم بالله العظيم ان سيملي البيوت من جماجمهم وباقي الاماكن فلما طال المطال واشتدت على بكر الاهوال اجتمعت اكابر الناس مع الامير جساس واخذوا يتفوضون كيف يتخلصون لان الزير لايقبل منهم فدى وجميع وسائطهم التي استعملوها في توقيف الحرب راحت سدى فقال سلطان لاخيه جساس أعلم يا أخي بأن الزير في كل صباح يمر على قبر أخيه فيجيبه بالسلام ويقول له قد قتلت في ثأرك فلان وفلان فهل اكتفيت أم لا فلا يجيبه أحد فالرأي عندي ان انتخبوا رجلا وتضعوه داخل القبه بحيث لايراه أحد فإذا مر الزير على القبر حسب عادته وسأل أخاه ذلك السؤال فيجيبه الرجل بصوت خفيف من قلب ضعيف لقد اكتفيت ياأخي فاغمد سيفك من هذا اليوم عن قتال القوم واياك أذية البشر فان ذلك مما يجلب علي الضرر فاذا سمع هذا المقال فلربما ينطلي عليه المحال فيكف عن الحرب والقتال فنستريح من القيل والقال فاستصوب جساس وباقي الاعيان رأي الامير سلطان
( قال الراوي ) وكان في القبيله رجل فقير الحال عديم الاشغال فاستدعاه جساس اليه وقص ذلك الكلام عليه وقال له اذا بلغنا الارب ولكن الطريقه خطره قبيحة فأخذ جساس يحسه بالكلام ويرغبه في هذا بالشعر والنظام :

على ماقال جساس بني مرة الا يافارغ الاشغال اسمع
فلي عندك حاجه صغيرة فتقضيها سريعا لم ترجع
فان الزير لا شانا جميعا وفرق جمعنا في كل موضوع
ولا يقبل رجاء ولا عطايا وعن الافعال ماكان يرجع
بثار كليب صرنا شرايد أعدم في الوغى كل ليث أروع
يمر في قبره في كل صباح ويزعق بصوت للاكباد يصدع
يقول الا نعمت أخي صباحا ايكفي ماقتلت تريد ارجع
فاذهب واختبي بالقبر حالا اذا صاح المهلهل انت تسمع
اذا سألك أحارب أو اصالح اجيبه انت محفوظ ارجع
ان رضيت منهم نلت ثأري وانت بقتلهم لا عدت تطمع
لعله يظن انك انت اخيه فيصفح عن مآلمنا ويرجع

( قال الراوي ) فلما فرغ جساس من هذا المقال قال له عديم الاشغال على الراس والعين ولما كان الليل حفروا سردابا وصلوه الى القبر وادخلوا ذلك الرجل فيه ولما كان الصباح ركب الزير ظهر الحصان وتبعه الابطال والفرسان ومر على قبر اخيه حسب عادته ونادى بصوت عال نعمت صباحا يا أخي كليب فقد قتلت في ثأرك نهارا امس خمسة آلاف نفس أيكفي ما قتلت منهم او ارجع افنيهم عن بكرابيهم فاجابه ذلك الرجل من القبر بصوت خفيف وانت انعمت صباحا يا اخي الحنون يا ساقي الضد كاس المنون كف الحرب فقد اكتفيت وان قاتلتهم بعد اليوم تكون قد تعديت
وبغيت فتزيدني ضررا وغما وكدرا فان نفسي قد بلغت مناها ونالت مشتهاها فكثرت خير اتك وزادت في الدنيا مسرتك .






------------------------------------------------
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس