عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 21-06-2000, 11:34 PM
مسلم مسلم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 3
Post تعقيب مختصر على الأخ (حادي الأرواح) - ودفاع عن الإمام الكوثري وعلماء أهل السنة

تعقيب مختصر على كلام الأخ حادي الأرواح
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعــد :
فقد اطلعت على ما ذكره الأخ حادي الأرواح ، ولاحظت أن الصواب جانبه في عدة أمور ، ورغبة في بيان الحقيقة والنصيحة لكل مسلم ولئلا يغتر به عامة الناس كتبت هذه السطور على عجل .
وأود أن أحصر الكلام على ما ذكره في النقاط التالية :
أولا : بالنسبة للشيخ الكوثري فقد كررت الكلام عنه عدة مرات بل وأخرجته عن الإسلام زاعما أنه هو الذي أخرج نفسه ! ناسبا إليه بزعمك آراء كفرية حاشاه منها ، والرجل أحد علماء المسلمين وقد جند نفسه للدفاع عن المسلمين وعقيدة أهل السنة والجماعة الحقة التي تدعي الانتساب إليها ، والكلام عن جهوده لخدمة الإسلام والمسلمين يطول ، ويكفي أن تقرأ ترجمة موسعة له وبعض كتبه لتعرف علمه وقدره ، على أن الرجل بشر يخطئ ويصيب ككل البشر ، وأخذ البعض عليه حبه لمذهب الحنفية والدفاع عنه باستماتة ، أما في العقيدة فهو على عقيدة أهل السنة والجماعة ، ويؤيد كلامه في ذلك دائما بالدلائل والنقول ويقبله المنصف المعتدل طالب الحق بإخلاص ، ويرده من هو على خلاف ذلك .
ثانيا : أما ما نسبته للكوثري من قوله أن في كتب ابن الامام أحمد بن حنبل وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي شركا وآراء وثنية ، فهو كلام عام غير مفصل ، وكان عليك نقل نص كلامه بالضبط وماذا قال في كل من ذكرت لا أن ترسل الكلام على عواهنه ، وهل كلامه على ما في الكتب أم على من ألفها ، وهل كلامه عن تلك الكتب مؤيد بما يؤكد ما يقوله وبنقولات علماء المسلمين الثقات أم هو مجرد كلام منه فقط ؟!! .
وهل تفرد الكوثري بالكلام في هذا أم سبقه كثيرون ؟
لأن الخوض في العقيدة ومباحثها يحتاج لعلم واسع وروية وتوثيق ، فهل يصح لعاقل أن يعتقد أن عالما مسلما معروفا بخدمة دينه وتراث أمته وشهد له العلماء له بذلك ، هل يصح أن يعتقد أنه ينتقص الله عز وجل ويصفه بصفات العيب والنقص كما زعمت ، ولولا خوف الإطالة لذكرت لك تفصيل ما أجملت هنا .
وفي هذه العجالة أذكر لك ما ينبهك إلى ما ذكرت هنا آنفا ورغبة خالصة صادقة لإفادة إخواني المسلمين الباحثين عن الحق فأقول :
أ) كتاب السنة المنسوب لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل :
هذا الكتاب نسب لابن الإمام أحمد ، ويشكك في صحة نسبته أمران:
الأمر الأول: أن في سند الكتاب إلى المؤلف راويان مجهولان لا توجد لهما ترجمة باعتراف محقق الكتاب ، الأول أبو النصر محمد بن الحسن بن سليمان السمسار ، والثاني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خالد الهروي .
الأمر الثاني: أن هذا الكتاب فيه نصوص صريحة فيها تكييف وتشبيه وتجسيم لا يجوز وصف ربنا عز وجل بها سبحانه وتعالى .
ونذكر خمسة أمثلة فقط تؤكد ذلك :
1 - في (1/106) رقم (10) في كتاب السنة طبعة دار عالم الكتب بالرياض : " وهل يكون الاستواء إلا بجلوس " . قال المعلق عليه (1/106) : إن هذه العبارة أقرب إلى التجسيم وتشبيه الخالق بالمخلوقات ، وسلفنا الصالح رضوان الله عليهم من أشد الناس إنكارا على المشبهة والمجسمة . ا هـ
2 – وفي (1/175 - 176) رقم (217) " رآه على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة أسد ، وملك في صورة ثور ، وملك في صورة نسر ، في روضة خضراء دونه فراش من ذهب " . قال المعلق عليه (1/167) هذا حديث ضعيف لا يحتج به خاصة في أمور العقيدة ثم هو دخول في الكيفية وهو على خلاف مذهب السلف الذي يقرر أن الكلام في كيفية الذات أو الصفات من الأمور البدعية . اهـ
أليس في هذا تجسيم وتشبيه صريح !! ، بالإضافة إلى ذكر أحاديث موضوعة فضلا عن الضعيفة في مجال العقائد ويسمى الكتاب بالسنة ! والمراد به وبأمثاله عندهم كتب الاعتقاد ! كما صرح به المعلف في المثال الرابع الآتي .
3 وفي كتاب السنة (1/286) رقم (547) : " كيف كلم الله عز وجل موسى عليه السلام ؟ قال : مشافهة " . وانظر نحوه رقم (546) ورقم (541) .
4 وفي كتاب السنة (1/294) رقم (568) : " كتب الله التوراة لموسى عليه السلام بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة في ألواح من در فسمع صريف القلم ليس بينه وبينه إلا الحجاب " .
قال المعلق (1/294) : " هذا الأثر من الإسرائيليات المقطوع ببطلانها ثم هو مروي عن رجل مجهول ، وقد أغنانا الله سبحانه في موضوع صفاته بما ورد في كتابه وصحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فكان حريا بالمصنف رحمه الله ألا يورد مثل هذه الأقاويل الباطلة في كتاب من كتب العقيدة المعتمدة كهذا الكتاب " !!.
5 - وفي (2/475) رقم (1084) : " خلق الله عز وجل الملائكة من نور الذراعين والصدر " وتكرر برقم (1195) . قال المعلق : وهذا الأثر منكر لأن النصوص الصريحة بخلافه ، ثم هو دخول في الكيفية أيضا ، والكلام فيها مخالف لصريح مذهب السلف بل هذا الكلام أقرب إلى الفكر البرهمي منه إلى غيره كما هو معلوم في ديانة البراهمة . اهـ . هذا بالإضافة إلى أن في الكتاب فقرات كثيرة في ذم الإمام أبي حنيفة بل وإخراجه من الملة !! للأسف الشديد ، وكيف أدخل هذا الكلام في هذا الإمام في كتاب يُزعم أنه من كتب العقيدة المعتمدة !! . وقد حصرت الكلام في هذه الكتب فقط لذكر الأخ لها دون غيرها ، وإلا فإن الفائمة طويلة من أمثال هذه الكتب وما تحويه مما لا يليق بالله عز وجل ومما هو موضوع أو مدسوس على الأئمة .
ب) كتاب التوحيد لابن خزيمة :
روى البيهقي في الأسماء والصفات من طريقين (ص 267، 269) أن مؤلفه ندم على تصنيفه ، وفيه قوله : " وقد رجع محمد بن إسحاق – ابن خزيمة – إلى طريقة السلف وتلهف على ما قال " . اهـ
وكتابه هذا يسميه الفخر الرازي في تفسيره (14/151) كتاب الشرك ، لما حواه من التشبيه .
ج) كتاب النقض أو الرد على بشر المريسي لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي :
حوى ما لا يوافق عقيدة أهل السنة والجماعة ، ومن ذلك :
1) قوله (1/215) طبعة مكتبة الرشد الرياض : " لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء ، ويتحرك إذا شاء ، ويهبط ويرتفع إذا شاء ، ويقبض ويبسط ، ويقدم ويجلس ، إذا شاء ؛ لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك ، كل حي متحرك لا محالة ، وكل ميت غير متحرك لا محالة " . وهو تجسيم صريح . تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
2) قوله (1/223 - 224) : " ادعى المعارض أيضا أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية ... " إلى أن قال : " والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله ، ولمكانه أيضا حد وهو على عرشه فوق سماواته فهذان حدان اثنان " . اهـ . والله سبحانه وتعالى منزه عن الحدود والغايات .
3) قوله (1/458) : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم " . وفيه تجسيم صريح لا يليق بالله عز وجل . تعالى الله عن ذلك ، وفي الكتاب نحو هذا كثير .
د) أما كتاب الرد على الجهمية المنسوب للإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى :
فهو موضوع عليه ، وفي سنده المروي به إليه الخضر بن المثنى وهو مجهول ، وروايته مردودة وفيه من الكلام ما يُجل ويُنزه الإمام أحمد عن التفوه به . وقد نص الذهبي على عدم صحة نسبته إليه وأنَّه موضوع عليه ، فقال في سير أعلام النبلاء (286/11) بعد أن ذكر رسالة صحيحة النسبة للإمام أحمد : " فهذه الرسالة إسنادها كالشمس ، فانظر إلى هذا النَّفَس النوراني ، لا كرسالة الاصطخري ، ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبد الله ، فإنَّ الرجل كان تقياً ورعاً لا يتفوه بمثل ذلك ... " .
ولا نقصد بذكر بعض نصوص هذه الكتب وما قيل فيها وما حوته لا نقصد بذلك القدح أو الطعن في عقيدة مؤلفيها ، بل نحسن الظن بهم فلعلهم أرادوا الحق وأخطأوا فيه ، أو أن الكتب لا تصح نسبتها لهم ، أو حصل فيها دس وعبثت بها الأيدي . والقصد بيان ما فيها كي لا يعتقده العوام ، أو يغتر به من لا باع له في العلم خاصة وأنها تطبع كرات ومرات ، وقد توزع مجانا .
وأنبه هنا إلى أن بعض هذه الكتب التي ذكرت هنا وما ماثلها قد حققت للأسف كرسائل جامعية ونال بها عدد من الطلاب درجات علمية ( ماجستير – دكتوراه ) مع أن بعضها لا تصح نسبته إلى مؤلفه كما ذكرنا أو رجع عنه صاحبه كله أو بعضه .
وأنبه هنا أيضا إلى أمر مهم هو أن التقسيم المزعوم للتوحيد إلى توحيد ربوبية ، وتوحيد ألوهية، وتوحيد أسماء وصفات ... وبعضهم يزيد أقساما أخرى بزعمه !، كل هذه التقسيمات لم يأت بها دليل من الكتاب والسنة الصحيحة ، وهو تقسيم مبتدع! حدث في القرون المتأخرة ، ولم يقل به سلف هذه الأمة المتقدمين في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ، وشاع هذا التقسيم وكتبت فيه الكتب والرسائل ، بل وأفردت كل قسم من أقسامه برسائل ماجستير ودكتوراه ونال بذلك أناس شهادات !! والتقسيم من أساسه مبتدع ، فإن التوحيد واحد لا قسيم له ، فإما موحد وإما مشرك ، ولم يأت حديث واحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن التوحيد ثلاثة أقسام أو أكثر ، فكيف يزعم أن أهل الجاهلية موحدين! توحيد ربوبية ! غير موحدين توحيد ألوهية !! مع أن المعنى يتلازم ، والكلام في بدعة التقسيم هذا وخطئه يطول ، وقد نبه عليه عدد من أهل العلم ، وليس مجال الكلام فيه هنا .
ثالثاً : من أنت حتَّى تدعي الاجتهاد ، وتزعم أنَّك لا تنتمي إلى أحد المذاهب الفقهية ، مع أن ظاهر كلامك يدل على أنك مقلد لبعض من ذكرت من المعاصرين .
وما هي الآلات التي عندك حتَّى تزعم ذلك وما هو مستواك العلمي ، وهل المذاهب تخالف الدليل عن عمد ، والكلام يطول في هذا الموضوع وقد أفرد بالتأليف ، وارجع لكتب الأصول خاصة كتب المتقدمين ، وأخشى أن تكون ممن يزعم أن علم الأصول بدعة ، من باب ( من جهل شيئا عاداه ) .
رابعاً : قولك " بل قال صلى الله عليه وسلم : اختلاف أمتي رحمة " : هذا الحديث - يا من ادعيت الاجتهاد !! - قال عنه الحافظ ابن حجر : " هذا الحديث حديث مشهور على الألسنة ، وقد أورده ابن الحاجب في المختصر في مباحث القياس بلفظ : اختلاف أمتي رحمة للناس ، وكثر السؤال عنه ، وزعم كثير من الأئمة أنّه لا أصل له ، لكن ذكره الخطابي مستطرداً ، ... ، ولم يقع في كلامه شفاء في عزو الحديث ، ولكنه أشعر بأن له أصلاً عنده ، انظر المقاصد الحسنة (ص 50) .
وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 49) : رواه البيهقي في المدخل من حديث سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عبّاس ... وفيه : اختلاف أصحابي لكم رحمة ، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي في مسنده بلفظه سواء ، وجويبر ضعيف جداً ، والضحاك عن ابن عباس منقطع ، وقد عزاه الزركشي إلى كتاب الحجة لنصر المقدسي مرفوعاً من غير بيان لسنده ولا لصحابيه ، وكذا عزاه العراقي لآدم بن أبي إياس في كتاب العلم والحكم بدون بيان بلفظ : اختلاف أصحابي رحمة لأمتي ، قال : وهو مرسل ضعيف ، وبهذا اللفظ ذكره البيهقي في رسالته الأشعرية بغير إسناد . ثم ذكر روايات أخرى في معناه .
وقال السبكي : وليس بمعروف عند المحدثين ، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع . كما في فيض القدير (212/1) .
فالحديث غير ثابت ، وإن كان معناه صحيحاً ، فهلا تثبت قبل أن تكتب وتطعن في علماء الإسلام وتدعي الاجتهاد ولم تبلغه .
وأخيراً :
أوصيك وإخواني المسلمين طالبي الحق الواضح بإخلاص دون تقليد للمشايخ !! بقراءة الكتب التالية – وجميعها مطبوع - ففيها بغية طالب الحق ، ومعظمها لعلماء أجلاء معروفين من المتقدمين ، ولم نذكر كتب المعاصرين نظرا لكثرتها ، فمن هذه الكتب :
1) الأسماء والصفات للبيهقي وكتاب الاعتقاد له أيضاً .
2) تبيين كذب المفتري فيما نسب لأبي الحسن الأشعري لابن عساكر .
3) كتاب الفرق بين الفرق ، وكتاب أصول الدين ، كلاهما لعبد القاهر البغدادي .
4) إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل لبدر الدين ابن جماعة .
5) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه لابن الجوزي .
6) دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك للإمام أحمد للحصني .
7) متن العقيدة الطحاوية لأبي جعفر الطحاوي .
8) كتاب قواعد العقائد للغزالي وشرح الزبيدي عليه .
9) الطبقات الكبرى للسبكي والرسائل المضمنة فيها ، ومجموع رسائله ،وجميع كتبه المؤلفة في هذا الباب ومنها رده على النونية .
10) إلجام العوام عن علم الكلام ، والاقتصاد في الاعتقاد ، كلاهما للغزالي .
11) كلام الذهبي في سير أعلام النبلاء مما يتعلق بالموضوع الذي يذكره في ثنايا بعض التراجم .
وأكتفي بهذه العجالة هنا وهي على اختصارها أرى فيها كفاية لمعرفة الحق مع مراجعة الكتب المذكورة خاصة للمنصف المعتدل طالب الحق بإخلاص ، أمّا المعاند والمجادل بالباطل والهوى فلا كلام لنا معه لعدم قبوله الحق كما جربناه ، وأرجو أن تكون من النوع الأول ، ولعله لا تكون لي عودة مرة أخرى خاصة في مثل هذا الباب الذي ينبغي أن لا يعرض هكذا أمام عامة الناس خاصة في مسائل الأسماء والصفات ونحوها لتعلقها بالذات الإلهية ، ويكفينا في مثل هذا الإيمان بما جاء في القرآن والسنة الصحيحة وتفويض معناها إلى الله تعالى ، وتنزيه الله عن كل نقص ، دون تفسير وتحقيق للألفاظ ، ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ولنهتم بما نزل على المسلمين من مصائب وفتن ، ونجمع ولا نفرق ، حتى لا يضحك أعداؤنا علينا ، كما هو الواقع الآن .
والله الموفق لما يحبه ويرضاه وهو الهادي إلى سواء السبيل .
مسلم
- الإمارات -