عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 11-03-2001, 04:19 PM
المؤيد الأشعري المؤيد الأشعري غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 226
Post

بسم الله وبه نستعين

وبعد

كم نعيد ونزيد من الإعادة بأن التوسل جائز شرعا ولا خلاف فيه وما خالف فيه غيركم معشر السلفية، لأنكم قمتم تخلطون بين مقام الخالق ومقام المخلوق فأخذتم تنكرون وتكفرون الناس وهذا دليل بقولك: [ . فإن قيل التوسل بالذوات أفضل فهو قول كفري باطل. ]

إن التوسل أحد طرق الدعاء وباب من أبواب التوجه إلى الله سبحانه وتعالى فالمقصود الأصلي الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى والمتوسّل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وإن التوسل بهذه الواسطة لها اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى يحبها ولو ظهر خلاف ذلك لكان أبعد الناس عنها و أشد الناس كرها لها، إن المتوسل لو اعتقد أن من توسل به إلى الله ينفع ويضر بنفسه مثل الله دونه فقد أشرك .

أن التوسل ليس أمرا لازما أو ضروريا وليست الإجابة متوقفة عليه بل الأصل دعاء الله تعالى مطلقا كما قال تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } كما قال سبحانه : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى } .

لم يختلف أحد من المسلمين في مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة فمن صام أو صلى أو قرأ القرآن أو تصدق فإنه يتوسل بصيامه وصلاته وصدقته بل هو أرجى في القبول وأعظم في نيل المطلوب لا يختلف في ذلك اثنان والدليل على هذا حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فتوسلوا إلى الله بصالح عملهم فأفرج عنهم، وهذا النوع من التوسل قد فصله وبين أدلته وحقق مسائله الشيخ ابن تيميه في كتبه وخصوصا في رسالته "قاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" .

ومحل الخلاف في مسألة التوسل هو التوسل بغير عمل المتوسّل، كالتوسل بالذوات والأشخاص بأن يقول : اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو أتوسل إليك بأبي بكر الصديق أو بعمر بن الخطاب، وهذا الخلاف شكلي وليس بجوهري لأن المتوسل بالذوات يرجع في الحقيقة إلى توسل الإنسان بعملة وهو المتفق على جوازه ونظر المانع المتعنت في المسألة بعين البصيرة لانجلى له الأمر وانحل الإشكال وزالت الفتنة التي وقع بسببها من وقع فحكم على المسلمين بالشرك والضلالة .

اعلم أن المتوسل بشخص ما فهو لأنه يحبه إذ يعتقد صلاحه وولايته وفضله تحسبا للظن به أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى ويجاهد في سبيله أو لأنه يعتقد أن الله تعالى يحبه كما قال سبحانه : { يحبهم الله ويحبونه } أو لاعتقاد هذه الأمور كلها في الشخص المتوسل به .

إذ تدبرت الأمر وجدت أن هذه المحبة وذلك الاعتقاد من عمل المتوسل لأن أعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب إليه ومسئول عنه ومثاب عليه وكأنه يقول: يا رب إني أحب فلانا واعتقد إنه يحبك وهو مخلص لك ويجاهد في سبيلك، واعتقد أنك تحبه وأنت راضٍ عنه، فأتوسل إليك بمحبتي له وباعتقادي فيه أن تفعل كذا وكذا …

ولكن أكثر المتوسلين يتساهلون ويتسامحون في هذا التصريح في الأمر مكتفين بعلم من لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . وبهذا ظهر أن الخلاف في الحقيقة شكلي ولا يقتضي هذا التفرق والعداء بالحكم بالكفر على المتوسلين وإخراجهم عن دائرة الإسلام . . . .
سبحان الله هذا بهتان عظيم!!!

وربما شد انتباهك في ذكر واسطة بين العبد وربه وأن هذه الواسطة كفر وبدعة وضلالة وغيرها .

نقول وبالله التوفيق والإستعانة .
إن من الناس يخطئون في حقيقة الواسطة فيطلقون الحكم هكذا جزافا بأن الواسطة شرك وأن من اتخذ واسطة بأي كيفية كانت فقد أشرك بالله تعالى وان شانه في هذا شأن المشركين القائلين : { إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى } .

وهذا الكلام مردود ولا استدلال بالآية في غير محله وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دون الله تعالى وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى، فكفرهم وإشراكهم من حيث عبادتهم لها ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله تبارك وتعالى .

وفي قوله تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } فإنهم لو كانوا يعتقدون حقا أن الله الخالق وحده وأن الأصنام لا تخلق لكان عبارتهم لله وحده دون الأصنام أو لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الحجارة، وهل هذا يتفق مع شتمهم له عز وجل وغيره على حجارتهم انتقاما لها منه سبحانه وتعالى؟

لقوله تعالى: { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } .

إن البداهة تحكم أنه لا يتفق أبدًا وليست الآية التي معنا وحدها تدل على أن الله تعالى أقل عند أولئك المشركين من حجارتهم لها أمثال منها قوله تعالى : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله ما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون } .

فلولا أن الله تعالى قال في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه هذه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله : { ساء ما يحكمون } .

من هذا القبيل قول أبي سفيان رضي الله عنه قبل إسلامه: أعْلَ هبل …

كما رواه البخاري ينادي صنمهم المسمى بهبل أن يعلو في تلك الشدة رب السماوات والأرض ويقهره ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذين يريد أن يغلب آلهتهم، هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ومع الله رب العالمين، فليعرف حق المعرفة فإن كثيرًا من السلفية لا يفهمونه كذلك ويبنون عليه ما يبنون .

فالواسطة لابد منها وهي ليست شركا وليس كل من اتخذ بينه وبين الله واسطة يعتبر مشركا وإلا لكان البشر كلهم مشركين بالله تعالى لأن أمورهم جميعا تبنى على الواسطة فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم تلقى القرآن الكريم بواسطة جبريل، فجبريل واسطة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو واسطة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فقد كانوا يفزعون إليه في الشدائد فيشكون إليه حالهم ويتوسلون به إلى الله ويطلبون منه الدعاء فما كان يقول لهم أشركتم وكفرتم، فإنه لا يجوز الشكوى إليَّ ولا الطلب مني بل عليكم أن تذهبوا وتدعوا وتسألوا بأنفسكم الله لأنه قريب مجيب الدعاء وهو أقرب إليكم مني .

لا، لم يقل هذا بل يقف ويسأل مع أنهم يعلمون كل العلم أن المعطي هو الله وأن المانع هو الله وأن الباسط هو الله وأن الرزاق هو الله، وانه صلى الله عليه وآله وسلم يعطي بإذن الله وفضله وهو الذي يقول: ( إنما أنا القاسم والله معط ) .

وبذلك يظهر انه يجوز وصف أي بشر عادي بأنه فرج الكربة وقضي الحاجة أي كان واسطة فيها فكيف بالسيد الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم النبي العظيم أشرف الكونين وسيد الثقلين وأفضل خلق الله على الإطلاق؟ ألم يقل كما جاء في الحديث الشريف : ( من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ) .

فالمؤمن مفرج الكربات ألم يقل صلى الله عليه وسلم : ( من ستر مسلما) ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله عز وجل خلقا يفزع إليهم في الحوائج )؟

ألم يقل صلى الله عليه وآله وسلم : ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) .؟؟؟

ألم يقول صلى الله عليه وسلم : ( من أغاث ملهوفا كتب الله له ثلاثا وتسعين حسنة ) ؟؟؟

وكلها تجد في ما رواه أبو يعلى والبزار والبيهقي .

فالمؤمن هنا فرج وأعان وأغاث وقضى وستر وفزع إليه مع أن المفرج والقاضي والستار والمعين هو الله تبارك وتعالى ولكنه لما كان واسطة في ذلك صح نسبه الفعل إليه . وقد جاء في الأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تفيد أن الله سبحانه وتعالى يدفع العذاب عن أهل الأرض بالمستغفرين وعمار المساجد وأن الله تعالى يرزق بهم أهل الأرض وينصرهم ويصرف عنهم البلاء والفرق .

روى الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن عن مانع الديلمي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لولا عباد الله ركع وصبية رضع وبهائهم رتع لصب عليكم العذاب صبا ثم رضّ رضا ) .

وروى البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) .

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله عز وجل خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع إليهم الناس في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله تعالى ) رواه الطبراني في الكبير وأبي نعيم والقناعي وهو حسن .

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه بلاء) ثم قرأ ابن عمر : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } رواه الطبراني .

وهناك واسطة عظمى وهي يوم الحشر عندما يفزع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!!!

فتأمل ذلك وأقرأه مرة أخرى بتركيز جيد لعله يذهب ما تجده في نفسك ضد المتوسلين وأهل المزارات ولا تكفر!!

أقول لا تكفر لا تكفر!!

وأما توسل سيدنا عمر بن الخطاب بسيدنا العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنهما هو مشروعية التوسل بغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان من دعاء سيدنا العباس رضي الله عنه: اللهم أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبه- وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث واحفظ اللهم نبيك في عمه .

الأولى أن يقدم سيدنا عمر بن الخطاب أحدٌ من العشرة المبشرين بالجنة والأسبق إسلاما من العباس، قدّم العباس تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما كذلك لآل البيت لأنهم هم البركة وهم الخير التي، ونرى دعاء العباس برسول الله صلى الله عليه وآله توسل إلى الله برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .

والحمد لله رب العالمين!!