وفي تتمة هذه الحادثة ان نائب السلطان انزعج من كلام الشيخ فقال:كيف ينادى علينا ونحن ملوك الارض والله لأضربنه بسيفي فلما دخل النائب ووقع نظر الشيخ عليه يبست يده وسقط السيف منها فبكى النائب وسأل الشيخ ان يعفو عنه ويدعو له ورضي بحكم الشيخ بان ينادى عليهم فنادى على الامراء واحدا واحدا وغالى في ثمنهم حتى قبضه وصرفه في وجوه الخير فكانت هذه من الحوادث التي لم يسمع يمثلها عن احد والتي تظهر هيبة العلماء ومكانتهم عند السلاطين والامراء
وقد اشتهر عن الشيخ بن عبد السلام ما وقع له في الشام ومصر عن المحن التي كان سببها اهل البدع والضلال فمن اشهرها ما حصل بينه وبين الملك الاشرف موسى بن الملك العادل في مصر وهي ان طائفة من مجسمة الحنابلة قد صحبوا السلطان الاشرف منذ صغره فتأثر بهم حتى اعتقد اعتقادهم وصاروا يوهمونه بان ما جاؤوا به هو عقيدة الصحابة والتابعين والامام احمد بن حنبل وبدأوا بالطعن بالشيخ وتشويه صورته عند السلطان وقالوا انه اشعري العقيدة ينزه الله عن الحرف والصوت فبدَّعه السلطان وضلله على هذا وكفره وبعث اليه برسالة يطلب فيها منه ان يبين عقيدته فكتب الشيخ في الرسالة العقيدة المشهورة وهي عقيدة امام اهل السنة والجماعة الامام ابي الحسن الاشعري ومما جاء فيها قوله:"الحمد لله ذي العزة والجلال والقدرة والكمال والانعام والافضال الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد وم يولد ول يكن له كفوا احد ليس بجسم مصور ولا جوهر محدود مقدر ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الارضون ولا السموات كان قبل ان يكون المكان ودبر الزمان وهو الان على ما عليه كان "
ويقول ايضا في هذه الرسالة "استوى على العرش المجيد على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي اراده استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال ....متكلم بكلام قديم ازلي ليس بحرف ولا صوت ولا يتصور في كلامه ان ينقلب دادا في الالواح والاوراق شكلا ترمقه العيون والاحداق كما زعم اهل الحشو والنفاق بل الكتابة من افعال العباد ولا يتصور في افعالهم ان تكون قديمة"
-------------- يتبع
|