أكرمك الله تعالى على هذه الدرر يا حبيب
إضافة إلى ما قاله السيد الخليجي، أحب أن أذكر الدليل العقلي على تنزيه الله عن المكان والجهة، فأقول وبالله التوفيق:
إعلم أن النظر العقلي السليم لا يخرج عما جاء به الشرع، ولا يتناقض معه، والعقل عند علماء التوحيد شاهد للشرع إذ أن الشرع لا يأتي إلا بمجوَّزات العقل وقد قال تعالى: فتكون لهم قلوب يعقلون بها.
وكما قال الحافظ الفقيه الخطيب البغدادي : (( الشرع إنما يَرٍِِِدُ بمجوزات العقول وأما بخلاف العقول فلا ))اهـ. انظر كتاب : القفيه والمتفقه ( ص / 93 ).
فسنبين في هذه الإضافة أن الله منزه عن الجهة والمكان بالأدلالة العقلية والبراهين القطعية، وإليك بيان ذلك من أقوال العلماء:
1 - قال الشيخ أبو سعيد المتولي الشافعي في كتابه (( الغنية في أصول الدين )) (ص / 73 -74 - 75 ) ما نصه : والغرض من هذا الفصل نفي الحاجة إلى المحل والجهة خلافا للكرامية والحشوية والمشبهة الذين قالوا إن لله في جهة فوق.
والدليل على أنه مستغن عن المحل أنه لو افتقر إلى المحل لزم أن يكون المحل قديما لأنه قديم ، أو يكون حادثا كما أن المحل حادث وكلاهما كفر.
والدليل عليه أنه لو كان على العرش على ما زعموا لكان لا يخلو إما أن يكون مثل العرش أو أصغر منه أو أكبر، وفي جميع ذلك إثبات التقدير والحد والنهاية وهو كفر.
والدليل عليه أنه لو كان في جهة وقدرنا شخصا أعطاه الله تعالى قوة عظيمة واشتغل بقطع المسافة والصعود إلى فوق لا يخلو إما أن يصل إليه وقتا ما أو لا يصل إليه.
فإن قالوا لا يصل إليه فهو قول بنفي الصانع لأن كل الموجودين بينهما مسافة معلومة، وأحدهما لا يزال يقطع تلك المسافة ولا يصل إليه يدل على أنه ليس بموجود.
فإن قالوا يجوز أن يصل إليه ويحاذيه فيجوز أن يماسه أيضا، و يلزم من ذلك كفران:
أحدهما / قدم العالم لأنا نستدل على حدوث العالم بالافتراق والاجتماع.
والثاني الولد الزوجة. )) اهـ.
وقال الشيخ أبو جعفر الطحاوي في عقيدته المشهورة (( العقيدة الطحاوية )) التي قال فيها بأنها عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان وصاحبيه أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني ما نصه: (( تعالى يعني الله عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات)) اهـ.
وبارك الله فيكم وأيدنا وإياكم الحجة إنه على ما يشاء قدير, والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الطاهر الأمين .
|