دَعْوَةٌ إِلى الجماعة بالانْضِمام إلى دَوْلةِ العراق الإسْلاميّة
مع
نصيحة لها
بقلم / عبد العزيز بن محمّد
( أبو أُسامة العراقي )
ذو الحجّة 1427 للهجرة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيّئات أعمالنا . مَن يهده الله فلا مُضلّ له ، ومَن يُضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم . أمّا بعد .
فابتداءً أُحَدِّثُ بِنعمة الله تعالى علينا وبِمنّته سبحانه على عباده وله الفضل وحده لا شريك له إذ مَكَّنَ للمجاهدين في سبيله في أرض العراق ، وها هي الانتصارات على الصليبيين وأذنابهم مِن الروافض المشركين ومَن على شاكلتهم مِن أهل الكفر والزندقة ، ها هي الانتصارات قد ذاع صيتها في الآفاق ، وهي على أرض الواقع أكثر وأعظم ، فلله الحمد وحده ، وله الشكر على مِنَّته وفضله . اللهمَّ إنّ هذا النصر إنّما هو مِنك وحدك لا شريك لك ، اللهمّ إنّ هذا النصر لا بِحَوْلنا ولا بِقوّتنا ولا بِعُدّتنا ولا بِعَددنا ، اللهمَّ إنّا نبرأُ إليك مِن حولنا وقوّتنا ، فلا حَوْل ولا قوّة إلا بك ، اللهمَّ لك الحمد لا شريك لك ، أنت القويُّ العزيز الكريم الرحيم ، نصرتَ عباداً ضُعَفاء لا حَولَ لهم ولا قوّة ، اللهمَّ فارزق عبادك المؤمنين دوام النصر وسعته ، ومَكِّن لهم في الأرض ، وأيّدهم على عدوّك وعدوّهم يا ربّ العالمين .
وقد مَنَّ الله تعالى علينا فأعلن المجاهدون عن الدولة الإسلاميّة في العراق ، والإعلانُ عن الدولة الإسلاميّة مع أنّ فيه دلالةً واضحةً على ما وصل إليه المجاهدون في سبيل الله مِن النصر بِفضل الله تعالى وحده ، ففيه كذلك بشارة عظيمة لِما بعده مِن الخير الكثير بإذن الله تعالى ، أسأل الله تعالى أنْ يُتِمَّ على عباده النعمة .
ولي في هذا المقام كلمتان مهمّتان ، تتعلّق الأولى مِنهما بِالنصيحة لِلْمُتَخَلّفين عن الانضمام إلى الدولة الإسلاميّة ، وتتعلّق الثانية بِالنصيحة للدولة الإسلاميّة نفسها .
أمّا الكلمة الأولى فأقول :
لا يخفى أنّ الاجتماع على قيادةٍ شرعيّةٍ واحدة ولزوم جماعة المسلمين ووحدة الصفّ مطلبٌ شرعيٌ عظيم ، فالله عزّ وجلّ يقول ( واعتصموا بِحبل الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا ) .
وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين تَفَرَّقوا واختلفوا مِن بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذابٌ عظيم ) .
وقال تعالى ( يا أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبُتوا واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تَنازعوا فتَفشلوا وتذهبَ ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصابرين ) .
وقال عزّ وجلّ ( شَرَع لكم مِن الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أنْ أقيموا الدين ولا تَتَفَرَّقوا فيه ) .
وقال تعالى ( إنّ الله يحبّ الذين يقاتِلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص ) .
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( إنّ الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً ، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا .. ) الحديث . رواه مسلم .
وقال النبيّ عليه الصلاة والسلام ( ثلاثٌ لا يغلّ عليهنّ قلب مسلم : إخلاص العمل لله عزّ وجلّ ، ومناصحة أولي الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم ) . رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وصحّحه الألبانيّ .
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( وأنا آمركم بِخمس ، الله أمرني بِهنّ ، السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة ، فإنّه مَن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام مِن عنقه إلا أنْ يرجع ) جزء مِن حديث رواه أحمد والترمذي وصحّحه الألبانيّ .
والجماعة الواحدة مِن المعاني العظيمة لأصل الولاء في الله تعالى ، فالمؤمنون كما وصفهم الله بقوله ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) . وقال تعالى ( إنّما المؤمنون إخوة ) . فهم أولياء وإخوة في الله ، وهم جماعةٌ واحدة ، وصفٌّ واحد ، يتآزرون ويتعاضدون كلّهم على أهل الكفر ، يعتصمون بحبل الله جميعاً ولا يتفرّقون .
فهذا الأصل العظيم هو مِن الضروريّات الْمُسَلَّمات لكلّ مؤمن ٍ بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
وكَوْنُ الجهاد في العراق بدأ أوّل ما بدأ على صورة جماعات وفصائل متعدّدة فإنّ هذا لا يعفينا مِن واجب الجماعة الذي أمرنا به الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
ولِما سبق فإنّي أدعو إلى الجماعة الواحدة بالانضمام إلى دولة العراق الإسلاميّة ، فالتعدّدية أمر ٌ مرفوضٌ ، وأخاطب كلّ مَن تخلّف عن هذا الواجب ، وبالأخصّ أُمراء المجاهدين فأقول : اتّقوا الله في أنفسكم ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ، والزموا جماعة المسلمين ، ويا أمراء المجاهدين : اتّقوا الله في إخوانكم الذين هم أمانة في أعناقكم ، فكلّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيّته ، لا تسلكوا بهم سبيل الفتنة والتفرّق ، فخيرٌ مِن التعدّد أن نكون جماعة واحدة ، مجتمعين على قيادةٍ شرعيّة واحدة . فاتركوا أهواء النفوس واحذروا نزغات الشيطان ، فأيّ حجّةٍ لِمَن يتخلّف عن أمر الله تعالى بالاجتماع ووحدة الصفّ ؟! واعلموا أصلحنا الله وإياكم أنّ تعدد الرايات ، والتولّي عن الاجتماع على راية شرعية واحدة مما يُفرح أعداءنا مِن الصليبيين والروافض المشركين الذين يتربّصون بِأهل الإسلام الدوائر ، وأنّ هذا التعدد مما يجعل لهم سبيلاً إلى النَّيْل مِن أهل الإسلام والعياذ بالله ، فمَن مِنكم يرضى أنْ يكون سبباً في ذلك ؟ واعلموا أنّ الفرقة والتولّي عن الجماعة مِن أسباب الخذلان والهزيمة والفشل ، ومِن أسباب ذهاب القوّة ، كما قال تعالى ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تَنازعوا فتَفشلوا وتذهبَ ريحكم ) .
فيا أيّها المؤمنون : كونوا جماعةً واحدةً ينصركم الله على عدوّكم وإن قلّ عددكم ، كما كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم جماعة واحدة ، فنصرهم الله على أعدائهم ، وفتحوا الأقاليم والبلدان في مدّةٍ يسيرة مع قلّة عددهم .
فاتّقوا الله يا عباد الله ، واحذروا أنْ تأخذكم العزّة بالإثم ، أعاذنا الله وإيّاكم مِن الخذلان وحرمان التوفيق .
فيا أيّها المجاهد في سبيل الله : إذا ابتغيتَ رضوان الله ، فإنّ رضوانه سبحانه في أنْ نعتصم كلّنا بِحبل الله جميعاً ولا نَتَفَرَّق ، وفي أنْ نجتمع كلّنا على قيادةٍ شرعيّةٍ واحدة .
ويا أيّها المجاهد في سبيل الله : إذا أردتَ النكاية في أعداء الله ، فإنّ النكايةَ العظيمة فيهم تحصل بالجماعة ، فنضرب أهل الكفر بيدٍ قويّةٍ واحدة ، وبعكسه فإنّ الضعف في التفرّق والتشتّت .
ويا أيّها المجاهد في سبيل الله : إذا أردتَ الاجتماع على قيادة شرعيّة واحدة فها هي قيادة دولة العراق الإسلاميّة ، لِنجتمعْ عليها ، فعلامَ التفرّق والاختلاف ؟!
فيا أيّها المجاهدون في سبيل الله : أُعيذكم بالله أنْ تنقلبوا إلى الآخرة مُتَفرّقين مُفَرِّقين لِوحدة الصفّ ، مفارقين لِجماعة المسلمين .
اللهمّ مُنَّ علينا بالهداية إلى الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمتَ عليهم ، وجنّبنا سبل أهل الغواية والضلال مِن المغضوب عليهم والضالّين ، اللهمَّ واجمع عبادك المؤمنين على طاعتك .