عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 01-10-2000, 02:44 AM
أبو دلال أبو دلال غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2000
المشاركات: 25
Post

اخواني - هداكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إعلموا رحمكم الله تعالى أن علو الرب على عرشه فوق سماواته صفة ثابتة له سبحانه بدلالة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين ومن قبلهم من الأمم ، وقد دلت عليه أيضا الفطر السليمة والعقول المستقيمة قد شهدت له بذلك . ولما كثر في المسلمين من ينكر هذه الصفة لله سبحانه وتعالى ويردد مقولة أن الله في كل مكان وددت في هذا الكتاب الموجز ذكر الأدلة على ثبوت صفة العلو لله سبحانه لتكون تذكرة للجاهل ومعونة للعاقل ، وما ذاك إلا لأن إنكار علو الرب على السماء فيه من الخطورة على عقيدة المرء ما فيه من جهة أن فيه رد لخبر القرآن الكريم والسنة المطهرة وما اجمع عليه المسلمون . فأقول مستعينا بالله ومستلهما منه الرشد والتسديد أن الأدلة على علو الرب بذاته فوق سماواته كثيرة متنوعة فمنها :
1. أسماء الله الحسنى فإنها تدل على علوه سبحانه مثل اسم الأعلى الوارد في قوله تعالى سبح اسم ربك الأعلى ، والعلي كما في قوله تعالى ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ، والمتعال كما في قوله تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، والظاهر كما في قوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، ومعنى الظاهر أي : الذي ليس فوقه شيء كما بين ذلك النبي  في دعائه الطويل الذي كان يقوله إذا أخذ مضجعه وفيه : " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء " .
وقد وصف الله نفسه بأنه ذي المعارج أي ذو العلو كما في قوله من الله ذي المعارج.
فكل هذه الأسماء تدل على علو الله سبحانه بذاته على سماواته .
2. تصريح بعض الآيات والأحاديث بالفوقية لله سبحانه وتعالى فوق جميع مخلوقاته كما في قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده وقوله يخافون ربهم من فوقهم.
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كانت زينب تفخر على أزواج النبي  تقول : " زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات " .
وقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن مسعود : " العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم " .
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : " إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش " .
3. تصريح بعض الآيات بأن الله في السماء كما في قوله تعالى  أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير ، ومعنى قوله في السماء يعني على السماء ، لأن حروف الجر يحل بعضها مكان بعض ، فتأتي " في " بمعنى " على " ، ولهذا شواهد في القرآن الكريم فمن ذلك قوله تعالى عن فرعون ولأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل ، وكذلك قوله تعالى قل سيروا في الأرض أي على الأرض ، فعلى هذا فيكون معنى أن الله في السماء أي على السماء.
ويمكن أن يقصد بلفظ السماء العلو عامة ومن ذلك قول الله تعالى هو الذي أنزل من السماء ماءاً أي من جهة العلو وليس المقصود من السماء ذاتها لأنه من المعلوم أن الماء ينزل من السحاب الذي هو دون السماء فيكون المقصود بالسماء جهة العلو . وكلا المعنيين الأول والثاني يدل على شيء واحد وهو أن الله في العلو.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله  قال : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ؟ يأتيني خبر السماء صباحا ومساءً ! " .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله  قال : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
وعن معاوية بن الحكم السلمي قال : " كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية (موضع شمال المدينة) ، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون (أي أغضب كما يغضبون) لكني صككتها صكة (أي لطمتها) فأتيت رسول الله  فعظم ذلك علي ، قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال ائتني بها ! فأتيته بها ، فقال لها أين الله ؟ قالت في السماء . قال من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله قال : أعتقها فإنها مؤمنة " . فالرسول  أراد أن يمتحن إيمان هذه الجارية حتى يتبين له ما إذا كانت مجزئة في العتق أم لا ، لأنه لا يجزئ في العتق إلا رقبة مؤمنة ، فاكتفى رسول الله  بسؤالين يمتحن به إيمانها ، فرضي  جوابها وشهد لها بالإيمان ، ولو لم تكن إجابتها صحيحة لعلمها الرسول  الصواب فورا ولما أقرها على الخطأ ولما صح العتق أصلا ، وإلا فما هي فائدة السؤال ؟ لأنه من غير الممكن أن تصف الجارية ربها بوصف ليس له ثم يقرها الرسول  ويسكت على ذلك .
قال الدارمي في رده على الجهمية الذين أنكروا علو الرب على خلقه : " ففي حديث رسول الله  هذا دليل على أن الرجل إذا لم يعلم أن الله عز وجل في السماء دون الأرض فليس بمؤمن ، ولو كان عبدا فأعتق لم يجز في رقبة مؤمنة ، إذ لا يعلم أن الله في السماء ! ألا ترى أن رسول الله  جعل أمارة إيمانها معرفتها أن الله في السماء ؟ ". ثم قال رحمه الله : " ولو كان الأمر على ما يدعي هؤلاء الزائغة ، لأنكر عليها رسول الله  قولها وعلمها ، ولكنها علمت به ، فصدقها رسول الله  وشهد لها بالإيمان بذلك ، ولو كان في الأرض كما هو في السماء لم يتم إيمانها حتى تعرفه في الأرض كما عرفته في السماء " .
ومن الأدلة كذلك على أن الله في السماء حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله  : " والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي  قال : إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجل الصالح قالوا : أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب " إلى أن قال : " ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقال فلان ، فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة ، كانت في الجسد الطيب أدخلي حميدة وابشري بروح وريحان ورب غير غضبان ، قال : فلا يزال يقال لها حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل … الحديث " .
4. ومن الأدلة على علو الرب عز وجل أن هذا هو فهم الصحابة رضوان الله عليهم واعتقادهم ، فإنه لما توفي الرسول  قال أبو بكر رضي الله عنه : أيها الناس ، إن كان محمد إلهكم الذي تعبدونه فإن إلهكم قد مات ، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت ، ثم تلا : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل حتى ختم الآية.
وروى الزهري عن سالم أن كعبا قال لعمر رضي الله عنه : ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء فقال عمر : إلا من حاسب نفسه ! فقال كعب : إلا من حاسب نفسه ، وكبر عمر وخر ساجدا .
وقال الإمام مالك رحمه الله : " الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء " .
5. ومن الأدلة كذلك على علو الرب عز وجل على السماء صعود الأشياء ونزولها من عنده كما قال تعالى عن عيسى عليه السلام وما قتلوه يقيناً . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيما ، وقوله تعالى لعيسى عليه السلام يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ، وقوله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه.
وقوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يرفع القسط ويخفضه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل " .
قال الدارمي في رده على من أنكر علو الرب على خلقه : " فإلى من ترفع الأعمال ، والله بزعمكم الكاذب مع العامل بنفسه في بيته ومسجده ومنقلبه ومثواه ؟!! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا " .
وقوله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنه ومعنى تعرج تصعد. وقوله تعالى يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه.
ومن ذلك أيضا قصة معراج نبينا محمد  إلى السماء السابعة وفيها أنه لما عرج بالنبي  إلى السماء السابعة رفع إلى البيت المعمور ثم رفع إلى سدرة المنتهى حيث فرض الله عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة ، ثم قال : " فنزلت إلى موسى  " ، فلما نزل إلى السماء السادسة التي فيها موسى عليه السلام قال له موسى  : " إرجع إلى ربك فاسأله التخفيف " قال : فرجعت إلى ربي " أي إلى العلو ، أليس ذلك دليلا على علو الرب فوق جميع مخلوقاته ؟
قال الدارمي في رده على من أنكر علو الرب : " ولو كان – أي الله – في كل مكان كما يزعم هؤلاء ، ما كان للإسراء والبراق والمعراج إذا من معنى ! والى من يعرج به إلى السماء وهو بزعمكم الكاذب معه في بيته في الأرض ليس بينه وبينه ستر ؟ تبارك اسمه وتعالى عما تصفون ! " .
قلت : ولهذا وصف الله نفسه بذي المعارج .
وقال الشيخ بن عثيمين : " كل آيه تدل على صعود الشيء إلى الله أو رفع الشيء إلى الله أو نزول الشيء من الله فإنها تدل على علو الله عز وجل ".
6. ومن أدلة العلو كذلك رفع الأيدي والأبصار في الدعاء ، فلولا أن الله في السماء لما رفع الناس أيديهم إليه في الدعاء ، وقد ورد في رفع اليدين في الدعاء أكثر من مائة حديث عن النبي  في مواقع متفرقة في السنة النبوية منها حديث سلمان الفارسي رضى الله عنه قال : قال رسول الله  : " إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا " .
وكذلك حديث جابر بن عبد الله : أن رسول الله  قال في خطبته يوم عرفه : وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ! فقال بإصبعه السبابة ، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس – أي يشير بها إلى الناس - : " اللهم أشهد اللهم اشهد " ثلاث مرات " . فرفع الرسول  سبابته إلى السماء دليل فعلي منه على علو الله عز وجل.
قال الدارمي في رده على الجهمية : " إن كل واحد ممن مضى وممن غبر إذا استغاث بالله تعالى أو دعاه أو سأله يمد يديه وبصره إلى السماء يدعوه منها ، ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم من تحت الأرض ، ولا من أمامهم ، ولا من خلفهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم ، إلا من فوق السماء لمعرفتهم بالله أنه فوقهم ، حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في سجودهم : سبحان ربي الأعلى ، لا ترى أحدا يقول : سبحان ربي الأسفل " .
7. ومن الأدلة على علو الرب نزول الله إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وهذا الدليل يعتبر من أعظم الأدلة على علو الله فوق السماء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله  : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ " فنزول الرب إلى السماء الدنيا يدل على أنه فوقها أصلا ثم نزل في الثلث الأخير من الليل نزولا يليق بجلاله وعظمته والله أعلم .
8. دلالة العقل : والعقل الصحيح يدل على علو الله سبحانه وتعالى لأن العلو صفة كمال أما السفل فهو صفة نقص ، والنقص ليس من صفات الله بل صفته الكمال المطلق من جميع الوجوه كما قال تعالى ولله المثل الأعلى وقال تعالى وأنه تعالى جد ربنا أي تعالت عظمته .
9. دلالة الفطرة السليمة : والنفوس المستقيمة والفطر السليمة مفطورة على أن الله في العلو فوق كل شيء ، ولهذا يجد الإنسان نفسه إذا حزبه أمر يرفع يديه بمقتضى فطرته إلى العلو يدعو الله عز وجل يقول يا الله يا الله ! بل أن نفسه وقلبه فضلا عن يديه تتجهان إلى السماء بدون شعور ولا تتجه يمنة ولا يسرة ، ومن التناقض العجيب أن ترى الذين ينكرون علو الرب عز وجل ويقولون أن الله في كل مكان لا ينزلون أيديهم إلى الأرض حال الدعاء بل يرفعونها إلى السماء بمقتضى الفطرة.
والبهائم العجم تقر أن الله في العلو ، ومما يدل على ذلك قصة النملة التي رآها سليمان بن داود عليه وعلى أبيه الصلاة والسلام وهو خارج ذات يوم يستسقي بالناس ، وكانت مستلقية على ظهرها ، رافعة قوائمها نحو السماء تقول : اللهم إنا خلق من خلقك ، ليس بنا غنى عن سقياك ، فقال : " ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم " ، فهذا إلهام فطري من الله للنملة بعلوه سبحانه وتعالى .
و الحيوانات عموما ترفع رأسها في زمان الجدب وقلة الأمطار إلى السماء وكأنها تستمطر الله سبحانه وتعالى !
فالحاصل أن علو الرب تبارك وتعالى أمر معلوم بالفطرة لا يحتاج إلى مطالعة كتب أو رجوع إلى أدلة ، فكيف إذا وجدت ؟
إجماع سلف الأمة : وأما الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، أفضل الناس وأهل القرون المفضلة وأعلم الأمة إلى قيام الساعة بأمر دينها فقد أجمعوا قاطبة على أن الله سبحانه وتعالى في السماء فوق كل شيء ولم ينقل عنهم حرف واحد يدل على خلاف ذلك . قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب الاعتقاد واصفا اعتقاد أهل السنة : " وأن الأحاديث التي تثبت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه ، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه ". وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتوى الحموية – وهي الفتوى التي أرسلها لأهل حماة - حاكيا إجماع الأمة على علو الله سبحانه على جميع مخلوقاته قال : " ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله  ولاعن أحد من سلف هذه الأمة لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولاعن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك ".
وقال تلميذه ابن القيم في نونيته
شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر ظاهر ما فوقه

تخفى عليه خواطر الإنسان
والله فوق العرش والكرسي لا


وقال حافظ الحكمي في منظومته

على عباده بلا كيفية
كذا له العلو والفوقية

01. إجماع أهل الملل السابقة : وعلو الله سبحانه وتعالى أمر مجمع عليه عند جميع الملل السابقة ، فهذا خليل الله إبراهيم  حينما طلب معرفة ربه وخالقه أمام قومه ذهب يقلب نظره إلى السماء لا إلى الأرض فقال للقمر : هذا ربي ، ثم ذهب يطلب ربه مرة أخرى في السماء أيضا لما أفل الكوكب فقال للشمس : هذا ربي ! وما ذاك إلا لما استقر في الفطر والعقول أن الرب لا يمكن أن يكون في الأسفل بل في العلو.
وهذا موسى عليه السلام لما دعا فرعون إلى الإيمان بالله أنكر وجود الله قائلا وما رب العالمين ، فذكر له موسى أن الله في السماء فأنكر ذلك وقال لوزيره هامان متحديا يا هامان ابن لي صرحاً لعلى أبلغ الأسباب . أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ، والأسباب هي الطرق . ولذلك قال العلماء : " فمن نفى العلو من الجهمية فهو فرعوني ومن أثبته فهو موسوي محمدي " أي مؤمن بما جاء به موسى ومحمد عليهما السلام من أن الله في السماء .
وقال كعب الأحبار : قال الله عز وجل في التوراة : " أنا الله فوق عبادي ، وعرشي فوق جميع خلقي ، وأنا على عرشي ، أدبر أمور عبادي ، ولا يخفى علي شيء في السماء ولا في الأرض " .
وقال قتادة رحمه الله تعالى : قالت بنو إسرائيل : يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك ؟ قال : إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم وإذا غضبت استعملت عليكم شراركم " .
وعن ثابت البناني قال : كان داود عليه السلام يطيل الصلاة ثم يرفع رأسه إلى السماء ثم يقول : إليك رفعت رأسي ، نظر العبيد إلى أربابها يا ساكن السماء " .
فالحاصل أن علو الرب على خلقه أمر ثابت عند جميع الملل والشرائع ، بل إن جميع مسائل العقيدة المتعلقة بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كلها واحدة عند جميع الملل ، ولم تختلف الملل عن بعضها إلا في الشرائع كالصلاة والزكاة والحج ونحو ذلك من فروع الدين المتعلقة بالعبادات وذلك حسب ما تقتضيه حكمة الله وبحسب ما يصلح للناس في كل زمان .
21. ومن الأدلة على علو الرب تصريحه عز وجل باستوائه على عرشه ، والاستواء هو العلو . وقد جاء ذلك في سبع مواضع من القرآن الكريم ، قال تعالى :
الرحمن على العرش استوى
وقال الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش 
وقال إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش
وقال إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش
وقال الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش
وقال الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا 
وقال هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش
والسنة النبوية جاء فيها إثبات استواء الله على عرشه فمن ذلك حديث قتادة بن النعمان أنه سمع النبي  يقول : " لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه " .
والمسلمون مجمعون على ثبوت صفة الاستواء لله على عرشه وعلى رأسهم الأئمة الأربعة وسنكتفي بذكر كلام بعض أئمة السلف مثل الإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة والأوزاعي ، ومن أراد التوسع فبإمكانه الرجوع إلى مصادر البحث المذكورة في آخر الكتاب.
قول الإمام مالك :
جاء رجل إلى الإمام مالك فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ قال الراوي : فما رأيت مالكاً وجد من شيء كوجدته من مقالته ، وعلاه الرحضاء ( يعني العرق ) وأطرق القوم فسري عن مالك ( أي زال عنه الهم ) وقال : الكيف غير معقول ( أي لا ندرك كيف استوى الله على العرش بعقولنا ) والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأني أخاف أن تكون ضالا وأمر به وأخرج ( وذلك حتى ينز جر ولا يفتتن به الناس ).
قال الذهبي : " هذا ثابت عن مالك ، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك ، وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها ، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه ، وأنه كما يليق به ، لا نتعمق ولا نتحذلق ، ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا لا إثباتا ، بل نسكت ونقف كما وقف السلف ، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون ، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه ، ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته ولا في استوائه ولا في نزوله ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا " .
قول أبي حنيفة
وقد أفتى أبو حنيفة بكفر من أنكر أن الله في السماء فقد ذكر الذهبي في كتاب العلو : بلغنا عن أبى مطيع الحكم بن عبد الله البلخي صاحب الفقه الأكبر قال : سألت أبا حنيفة عمن يقول : لا أعرف ربى في السماء أو في الأرض فقال : " قد كفر لأن الله تعالى يقول الرحمن على العرش استوى وعرشه فوق سماواته " ، فقلت إنه يقول : أقول على العرش استوى ، ولكن لا يدري العرش في السماء أو في الأرض ، قال : " إذا أنكر أنه - أي العرش - في السماء فقد كفر " .
وروى المقدسي عن أبي حنيفة أنه قال : " من أنكر أن الله عز وجل في السماء فقد كفر " ، وإنما قال أبو حنيفة بكفره لكونه أنكر ما دل عليه القرآن والسنة من علو الله على سماواته .
قول عبد الله بن المبارك والإمام أحمد بن حنبل
سئل عبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا عز وجل ؟ قال " في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض " ، فقيل هذا لأحمد بن حنبل فقال " هكذا هو عندنا " ، أي هذا هو ما نعتقد. وفي رواية عنه قال : سألت عبد الله بن المبارك : كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول كما قالت الجهمية : إنه هاهنا في الأرض.
قول الأوزاعي
وقال الأوزاعي : " كنا والصحابة متوافرون ( أي متواجدون بيننا ) نقول أن الله عز وجل فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته " .

هذا هو طريق اهل السنة والجماعة وما سواه فهو من آراء الناس وعقولهم ، فالواجب التمسك بالكتاب والسنة وما سار عليه السلف الصالح خير الناس وافضل القرون لقوله عليه الصلاة والسلام (خير الناس قرني ثن الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )

اخوكم المحب لكم ابو دلال