أبو دلال والوهاج،
ما ذكره الأخ الجواهري يكفي للمنصف تبيانا لإجماع الأمة على تنزيه الله عن المكان، وأود أن ألفت نظركما ونظر من قرأ كلامكما أن اعتقاد علو وقوفية الله مكانة لا مكان هو عقيدة المسلمين وهو المنقول من كلام أئمة وأعلام الإسلام، أما اعتقاد العلو والفوقية المكانية فهي عقيدة فرقة قديمة من مجموع الفرق الهالكة الوارد عددها في حديث افتراق الأمة إلى 73 فرقة، هذه الفرقة ظهرت في زمن غابر وقوبلت بردود العلماء فأطفأها الله، وما زالت بين فترة وأخرى تثير الغبار كلما نبغ لها رأس ضلال، والحمد لله أن علماء المسلمين يقفون لهذه الفرقة ورؤوسها بالمرصاد، هذه الفرقة هي المشبهة وشقيقتها الأخرى المجسمة.
لقد أتى المشبهة والمجسمة إلى آيات وأحاديث الصفات وأخذوها على ظاهرها فقالوا الله فوق عرشه (معتقدين المكان لا فوقية القهر والغلبة) وقالوا الله في السماء (معتقدين المكان والاحتواء) وقالوا الله ينزل في ثلث الليل (معتقدين الانتقال) وقالوا لله يد وقدم وساق وعين ووجه (معتقدين الجوارح) ثم بعد ذلك قالوا بلا تشبيه، وكأنهم يخاطبون أطفالاً لا يفقهون، هكذا بكل بساطة يجمعون ما تقع عليه أيديهم من أحاديث الصفات من غير بيان أحوالها في الغالب ويعتقدون ظواهر ما يرد فيها ثم يقولون "بلا تشبيه".
والمنصف الذي ينظر في بعض الكتب التي يدندنون حولها مثل كتاب السنة المنسوب لعبد الله بن أحمد بن حنبل، وكتاب العلو للذهبي، وكتاب العلو لابن قدامة المقدسي، يجد فيها من الضعيف والموضوع من الأحاديث والآثار والأقوال الشىء الكثير.
وممن رد كيد المشبهة لنحورهم ضرغام المذهب الحنبلي الإمام ابن الجوزي في كتابه "الباز الأشهب" وكشف عوارهم، وبين أنهم شانوا المذهب الحنبلي بتشبيههم وصاحب المذهب منهم براء.
نعود لأبي دلال وصاحبه الوهاج، قد تقولون لنا: نحن جئنا بآيات وأحاديث وأنتم تقولون لنا قال فلان وقال فلان.
إذا قلتم هكذا سنقول لكم، فلان وفلان هم أكابر علماء الإسلام الذين يعرفون بل يحفظون الآيات والأحاديث التي ذكرتموها وغيرها مما يذكرها المشبهة في مؤلفاتهم، وهي لم تغب عنهم ولديهم إجابات على استنتاجاتكم العرجاء منها، ولا تحسبوا أن نركن لاستنتاجاتكم ونترك ما قاله علماء الأمة، هيهات.
وللحديث تتمة، ولن يجد المشبهة في هذا المكان مبتغاهم.
|