عرض مشاركة مفردة
  #11  
قديم 02-01-2001, 05:21 PM
TEACHER TEACHER غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2000
المشاركات: 88
Post

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الرب العاليمن الموجود أزلا وأبدا بلا مكان والصلاة والسلام على رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أما بعد: هذا رد مختصر على المجسمة الذين يعتقدون الجهة لله تعالى فأقول وبالله التوفيق:

قال إمام أهل سنة والجماعة أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن جناب الأزدي الحجري المصري المعروف بالإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة : (( ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر )) .
أي أن من وصف الله تعالى بوصف من أوصاف البشر المحدثة فقد كفر، لإثباته المماثلة بينه تعالى وبين خلقه، وذلك منفي بالنص وهو قوله تعالى : (( ليس كمثله شىء)). وقال أيضا : (( لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات )) أي أنه لا تحوي الله تعالى الجهات الست كما تحوي جميع المخلوقات، إذ المخلوقات لا تخلو عن التحيز في إحدى الجهات الست، لأن الحادث لا بد أن يكون بمكان.
وقال أهل الحق إن الله ليس بمتمكن في مكان أي لا يجوز عليه الممماسة بالمكان والإستقرار عليه، وليس معنى المكان ما يتصل جسم به على أن يكون الجسمان محسوسين فقط بل الفراغ الذي إذا حل فيه الجرم شغل غيره عن ذلك الفراغ مكان له، كالشمس مكانها الفراغ الذي تسبح فيه، وعند المشبهة والكرامية والمجسمة الله متمكن على العرش تعلقوا بظاهر قوله : (( الرحمن على العرش استوى )) قالوا الأستواء الإستقرار وقال بعضهم الجلوس، هؤلاء المشبهة قسم منهم يعتقدون أن الله مستقر على العرش ، يكتفون بهذا التعبير من غير أن يفسروا هل هذا استقرار إتصال أم اسقترار محاذاة من غير مماسة، وقسم منهم صرحوا بالجلوس، والجلوس في لغة العرب معناه تماس جسمين أحدهما له نصف أعلى ونصف أسفل، فمن قال أنه مستو على العرش استواء إتصال أي جلوس أو قال أستواؤه مجرد مماسة من غير صفة الجلوس فهو ضال، والذين قالوا إنه مستو على العرش من دون مماسة اي أنما يحاذيه من فوق أي كما تحاذي ارضنا السماء فهؤلاء أيضا ضالون: فلا يجوز أن يكون قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) على إحدى هذا الصفات الثلاثة، والتفسير الصحيح تفسير من قال : (( الرحمن على العرش استوى )) قهر، لأن القهر صفة كمال لله تعالى، هو وصف نفسه به قال تعالى : (( قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار)) فيصح تأويل الإستواء بالإستلاء وإن كانت المعتزلة وافقت أهل السنة في ذلك.

ثم إن من الدلائل أهل الحق : أن التعري عن المكان ثابت في الأزل لعدم قدم المكان إذ هو غير المتمكن (والمشبهة موافقون لنا على عدم قدم المكان) ولو تمكن بعد خلق المكان لتغير عما كان عليه والتغير من أمارات الحدث، وذلك يستحيل على القديم، ولو كان تعالى هو والمكان موجودين في الأزل لم يكم الله خالقا للمكان ولا خالقا لشىء من الأشياء، ثم لو كان كما يعتقدون لم يستطع الله لأن يحفظ هذا العالم لم يستطع أن يحفظ هذه الأرض التي هي مستقرة على غير أعمدة.

والأستواء قد يراد به ايضا العلو، والعلو على وجهين: علو مكان وعلو معنى أي علو قدر، والذي يليق بالله هو علو قدر لا علو المكان، لأنه لا شأن في العلو مكان إنما الشأن في علو القدر، ألا ترون أن حملة العرش والحافين حوله هم أعلى مكانا من سائر عباده وليسوا أفضل خلق الله، بل الأنبياء الذين مكانهم تحت أفضل منهم، ولو كان علو المكان يستلزم علو القدر لكان الكتاب الذي وضعه الله فوق العرش وكتب فيه : (( إن رحمتي سبقت غضبي )) اخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التوحيد : باب قول الله تعالى : (( بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ )) مساويا لله في الدرجة على قول أولئك.

فقد قال الشاعر :

قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ولا دم مهراق

فالإستواء هنا ليس الجلوس على العراق

وإعتقاد أن الله في مكان هو كعقيدة النصارى واليهود، فيجب النطق بالشهدتين في الحال للرجوع إلى الإسلام لأن هذا الإعتقاد يخرج صاحبه عن الإسلام.

وقد قال الإمام علي الذي هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم : (( من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود )) والذي يكون في مكان لا بد ان يكون محدود. والله تعالى ليس محدودا وقال ايضا : (( كان الله ولا مكان وهو الأن على ما عليه كان )).

والله أعلم وأحكم.