عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 30-01-2007, 04:08 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي خطابات متبادلة بين المودودى ويهودية أسلمت..خطاب "6" !!!

الخطاب (6)

لاهور ، 1 أبريل ، 1961

عزيزتى الأنسة مارقوس

السلام عليكم ورحمة الله
وصلتنى رسالتك المؤرخة فى 8 مارس فى وقتها ، ولكنى لظروفى الصحية لم أستطع الرد عليك . فأنا منذ منتصف شهر رمضان وأنا أعانى من آلام شديدة ومستمرة فى كتفى الأيمن ولم أحصل على علاج شافى يريحنى . وأخيرا نصحنى الأطباء بأن أحصل على علاج بأشعة (×) .
لقد قرأت خطابك باهتمام . وصور ملابس النساء التى أرسلتيها ليس جديدة على . فعادة ما نرى نساء أوروبيات وأمريكيات بلاهور يلبسون نفس المودات . ولقد رأيت نساء عربيات فى القاهرة وبيروت ودمشق فى نفس الزى . ببساطة ، لا أستطيع أن أتصور كيف تستطيع إمرأة تحمل بين جنباتها أى معنى للحشمة أن ترتدى مثل هذه الأزياء حتى فى بيتها أمام المقربين من أقاربها ، لا أن تخرج إلى الشارع بهذه الأزياء . وأنا سعيد جدا أن أعلم بأنك تستهجنين ذلك الزى . إذا أمكنك أن تتعلمى اللغة العربية أو اللغة الأوردية ، وتدرسى بصورة مباشرة التعليمات التفصيلية لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام على الأخص للمرأة ، فآمل أنك ستجدين فيها الخصائص الصحيحة والمناسبة للطبيعة الأنثوية . الدور الإجتماعى الذى تلعبه المرأة الغربية ، ليس فى الواقع هو "التحرر" ولكنه الإفساد والعبودية ، وكنتيجة للدعاية الخاطئة والمضللة ، المرأة تحاول أن "تتأنث dewomanize" نفسها . إنهن يعتقدن أنه من العار أن يملأن حياتهن ويؤدين العمل الذى يتفق مع طبيعتهن التى خلقن لها . وبدلا من ذلك يردن أن يتشبهن بالرجال . لقد أثبتت الحضارة الغربية أنها فى منتهى القسوة للأنوثة . من ناحية ، فهى تطلب من المرأة أن تتحمل وطأة الطبيعة بمفردها ، ومن ناحية أخرى تدعوها هذه الحضارة بأن تؤدى الواجبات المختلفة للرجل . وهكذا فقد وضعت بين شقى الرحى . وعلاوة على ذلك ، فقد أغرت نفس هذه الدعاية النساء بأن يصبحن أكثر وأكثر جاذبية للجنس الآخر وبذلك يخرجن عن حشمتهن ويرتدين القليل من اللباس أو حتى يتعرين منها . لقد تحولن إلى لعبة فى أيدى الرجال . أثبت الإسلام بأنه هو الذى كرم المرأة حقا ، بأن جعلها فى عصمة رجل واحد وحجبها عن بقية الرجال . الإسلام يعطى طبيعتها فى الحياة المخصصة لها ، القيمة العالية . بينما فى المقابل ، تستعبدها الحضارة الغربية لعدة من الرجال ، وربطتها بمفهوم خاطئ ، بأن الأعمال التى تؤهلها لها طبيعتها هى من العار والخزى .
المعلومات التى حصلت عليها عن جامعة المدينة ، غير صحيحة . فالمنهج الذى قدمته بمعرفتى وتمت الموافقة عليه من قبل لجنة شكلت بواسطة الملك ، يحتوى على دراسة القرآن الكريم ، والحديث ، والفقه وعلم الكلام والتاريخ الإسلامى بالإضافة إلى الفلسفة الأوروبية وعلم الشريعة والتاريخ والإقتصاد والسياسة والأديان المقارنة مع لغة أجنبية واحدة (الإنجليزية .. الفرنسية .. الألمانية) كمادة إجبارية . وهذه الدراسات لا يجوز أن يطلق عليها بأنها "علمانية" أو "دينية" بالمفهوم الضيق لهذين المتطلبين . تم التخطيط لهذه الجامعة بحيث لا تشبه غيرها من الجامعات الحديثة أو المدارس القديمة ، وستحتل مكانا فريدا خاصا بها . نتمنى تخريج علماء مسلمين متمكنون من العلوم الإسلامية بالإضافة للعلوم الحديثة وبذلك يكونوا مؤهلين للحياة المعاصرة .
مثل كل الأراضى الإسلامية الأخرى ، فالسعودية الآن تشهد حضارتين متناقضتين . فاكتشاف البترول قد أدى إلى تضخم الثروات بشكل غير محدد ويفوق الخيال ، وقد فتحت البوابات للحضارة الغربية على مصراعيها . وقد أقيمت مدينة الرياض الحديثة فى الصحراء ، كتوأمة لعواصم المدن الغربية . وكذلك مدن أخرى لجدة والظهران . حتى مكة والمدينة فى سبيلهما للحداثة . وفى ظل هذا الوضع الحرج ، فلو فشلنا فى إخراج علماء من الدرجة الأولى الذين يمكن لهم تجهيز العربية السعودية بالثقافة والقيادة العملية ، هذا الحصن للإسلام ، أخشى أن ننجرف للثقافة المادية كما حدث فى كل من تركيا والآن مصر وتونس ومراكش وأندونوسيا وباكستان التى تواجه قبضة هذه الثقافة القاتلة . أعتقد أنه من واجبنا العمل بكل ما نقدر على إنقاذ هذا المركز الإسلامى من هذا الخطر المتصاعد .
الحبيب بورقيبة رئيس تونس ، يتبع خطوات "كمال أتاتورك" التركى بحذافيرها . وكل هؤلاء الزعماء الذين ينسبون أنفسهم للإسلام الحديث ، يلعبون لعبة الغدر فى بلدانهم الخاصة . حينما ينطلق هؤلاء للكفاح ضد الإستعمار الغربى ، يناشدوا المسلمين باسم الإسلام ، ولكن فور يمتلكون القوة ، يجعلون الدين هو كبش الفداء "للتأخر" ويخمدون بكل قسوة ، كل توضيح للأفكار الإسلامية والثقافة الإسلامية . كل هؤلاء القوم هم نتاج الإستعمار الغربى . ليس لديهم معرفة أو تقدير للإسلام . لقد تعلموا فى البلدان البريطانية أو الفرنسية أو الأوروبية . البعض منهم متزوجونمن زوجات أجانب (بورقيبة زوجته فرنسية) . هم نماذج مماثلة فى تصرفاتهم وحياتهم الشخصية للأوروبين . لقد قبل المسلمون قيادتهم ليحصلوا على حريتهم السياسية من الإستعمار الغربى ، ولكن هؤلاء القادة المغتربون ، يحاولون إزالة الأثر الأخير من الحضارة الإسلامية من عوالمهم ، ليزدادوا قوة وأمنا .
لقد تقابلت مع "د. ولفرد كانتويل سميث" وجها لوجه عام 1958 حينما قدم لى نسخة مكملة لكتابه الذى ذكرتيه فى خطابك الأخير ، مثل هؤلاء الرجال يريدون أن يصنعوا إسلاما جديدا ويحاولون فاشلين ، أن يبعدونا عن الإسلام الحقيقى الذى يستند إلى الكتاب والسنة ، وأن نقبل النسخة المعدلة حسب الطلب وحسب أهوائهم . المسلم يجب أن يبقى مسلما بإحساسه الأصيل ، أو أنه ويأبى الله ذلك ، إذا خرج عن نقاء الإسلام فإنه سيختار منتصف الطريق بين الإثنين ، وفرص البقاء فى الإسلام الدافئ يكون خافتا جدا فى الحقيقة .
أنا متعجب جدا من الحماقة الأوروبية !!! حينما يريدون محاربة الشيوعية يلجأون للإسلام لمحاربتها لأنه الكفر ، ومن الناحية الأخرى ينظرون إلى الإسلام الحقيقى على أنه خطر عليهم ، ويعملون على إخراج المسلمين من دينهم ويشجعون كل أنواع الإبتداع والإرتداد منه . مساكين هؤلاء القوم ، إنهم لا يفهمون النتيجة الحتمية لحماقتهم تلك كيف ستكون ؟؟؟ دائما يشجعون هؤلاء الذين يفرزون أشياء غير إسلامية فى البلاد الإسلامية ، ولا يتعبون من دمغ هؤلاء الأشخاص الذين يعملون ويكافحون من أجل إبقاء الروح الحقيقية للإسلام ، يتهمونهم بأهم "رجعيون ومتعصبون" . ولا يكتفون بهذا الهجاء بل يعملون على أن يكون هؤلاء الزعماء المحدثين مضطهدين للمسلمين الذين يعملون على صحوة الإسلام . الله وحده الذى يعلم إلى ماذا ستؤدى هذه الإنتقادات الخاطئة والغير متعقلة من نقادنا الأوروبيون .
فليتأكد ويطمئن كل من د. ولفرد كانتويل ونظرائه الذين هم من بين أظهرنا ، أن الغلبية العظمى من المسلمين لن يستبدلوا دينهم ويعتقدون بهذه النسخة المشوهة التى يريدونها لهم . الحمد لله فإن المصادر الأساسية ، القرآن الكريم والسنة النبوية قد حفظت لنا سليمة لا يشوبها شئ . وحتى لو بقى مسلم واحد له القدرة بأن يطلع على المصادر الأساسية لا تلك المنحرفة ، فهذه الأخيرة لن يكون لها موقع فى الإعتقاد بين المسلمين .
رحلتى لأفريقيا قد تتأجل حتى شهر يوليو نتيجة لأن حالتى الصحية لا تسمح لى بالسفر . كما أن أصدقائى يفضلون الذهاب لإفريقيا عندما تهدأ مرحلة الإنتخابات ويسود الهدوء السياسى هناك مرة أخرى .

مع تحياتى وتمنياتى الطيبة .


المخلص
أبو الأعلى



يتبع