عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 03-01-2001, 01:08 AM
الفاروق الفاروق غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 474
Post

لعل ما كتبه بعض المشتركين يفيد من طلب الحق والالتزام بنهج أهل السنة والجماعة أهل الجنة:

إن كل آية ورد فيها الاستواء فهي مصروفة عن ظاهرها جزما عند اهل السنة والجماعة, لأن كلمة استوى لها عدة معان وقد تجاوزت الخمسة عشر معنى فكيف يجوز أن نأخذ المعنى الذي يدل على تشبيه ونترك المعاني التي لا تشبيه فيها؟ بل قال في لسان العرب المشهور:قيل إن معنى استوى ههنا بلغ الأَربعين.

قال الإمام القرطبي: وقال بعضهم: نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله "ظاهر" اللغة. (وهذا قول المشبهة). وقال بعضهم: نقرؤها ونتأولها "ونحيل" حملها على ظاهرها. وقال الفراء في قوله عز وجل: "ثم استوى إلى السماء فسواهن" قال: الاستواء في كلام العرب على وجهين، أحدهما: أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته، أو يستوي عن اعوجاج. فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي وإلي يشاتمني. على معنى أقبل إلي وعلي. فهذا معنى قوله: "ثم استوى إلى السماء" والله أعلم. قال وقد قال ابن عباس: ثم استوى إلى السماء صعد. وهذا كقولك: كان قاعدا فاستوى قائما، وكان قائما فاستوى قاعدا، وكل ذلك في كلام العرب جائز. وقال البيهقي أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين: قوله: "استوى" بمعنى أقبل صحيح، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء، والقصد هو الإرادة، وذلك جائز في صفات الله تعالى. ولفظة "ثم" تتعلق بالخلق لا بالإرادة. (وأما ما حكي عن ابن عباس فإنما أخذه عن تفسير الكلبي، والكلبي ضعيف - أقول بل متهم بالكذب ولا يجوز الاحتجاج به ). وقال سفيان بن عيينة وابن كيسان في قوله "ثم استوى إلى السماء": قصد إليها، أي بخلقه واختراعه، فهذا قول. وقيل: على دون تكييف ولا تحديد، واختاره الطبري. ويذكر عن أبي العالية الرياحي في هذه الآية أنه يقال: استوى بمعنى أنه ارتفع. قال البيهقي: ومراده من ذلك - والله أعلم - ارتفاع أمره، وهو بخار الماء الذي وقع منه خلق السماء. وقيل: إن المستوى الدخان. وقال ابن عطية: وهذا يأباه وصف الكلام. وقيل: المعنى استولى، كما قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
قال ابن عطية: وهذا إنما يجيء في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى"
قلت: قد تقدم في قول الفراء على وإلى بمعنى. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في سورة "الأعراف" إن شاء الله تعالى. والقاعدة في هذه الآية ونحوها "منع الحركة والنقلة".

هذا من تفسير الإمام القرطبي وأظنه كافيا لمن يريد الحق من دون اعتقاد تشبيه, فانظر في قول الامام القرطبي: وهذا قول المشبهة, أي الذين فسروا الآية على ظاهرها, وأين هم من قول إمام السنة والمدينة: والكيف غير معقول؟ فإن من قال بعلو ذاته على عرشه فقد كيّف ومن كيف كفر والعياذ بالله لأن الكيف إنما جعلت للمخلوق.

روى ابن عساكر عن سيدنا علي أنه جاءه يهودي فقال له: متى كان ربنا؟ فتمعر وجه علي وقال: لم يكن فكان, هو كان ولا كينونة, كان بلا كيف, كان ليس له قبل قبل ولا غاية. فأسلم اليهودي (الإمام السيوطي تاريخ الخلفاء صفحة 145)

فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى موجود أزلا وأبدا بلا مكان ولا زمان فهو خالق المكان والزمان, بنص الإمام علي عليه السلام باب مدينة العلم ومصباح التوحيد.