عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 17-02-2007, 08:03 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي خطابات متبادلة بين المودودى ويهودية أسلمت..خطاب "8" !!!

الخطاب (8)


لاهور فى 19 مايو 1961

عزيزتى آنسة مارقوس

السلام عليكم ورحمة الله

استلمت خطابك المؤرخ فى 12 أبريل ، وأعتذر إليك مرة ثانية ، للتأخير فى الرد ، فكما تعلمين السبب هو تأخر صحتى ومزيد من الأعمال . والحمد لله فبعد فترة مرض طويل ، عولجت بأشعة (×) ، وتقريبا تماثلت للشفاء ، مع شعور بأنه ما زال هناك بعض الضعف .
لقد قرأت باهتمام قصتك فى "المرجع الإسلامى" والتى أرفقتيها بخطابك . لقد سطرت يداك صورة دقيقة عن قوة تأثير المادية الغربية على المسلمين العرب . لقد رأيت بعينى أثناء زيارتى الأخيرة ، مدى هذا التأثر على حياة العرب ، وناقشت تلك المسائل مع المفكرين والمصلحين المحبين للإسلام . التعليقات التى استقبلتيها عى قصتك ، لا تدهشنى بالمرة . حتى المخلصين من المسلمين يخشون من أن الغربيين والمسلمين المحدثين قد يشمئزوا حينما تعرض هذه الصور "التقليدية" عليهم . من الطبيعى أن يكون رد فعلك على هذه الآراء المضادة مختلطا بالفزع ، ولكنيجب عليك أن تتفهمى هذا الوضع . إذا صبرتى على نشر حقيقة الإسلام ، فتأكدى بأنك ستنجحين وستفوزين فى جهودك فى النهاية ، وستربحين بمن يعتنق الإسلام . وأنصحك بألا تحاولى إقناع كل الناس ، خصوصا هؤلاء الذين لا يأبهون للسماع لك ، وآراؤهم مخالفة تماما لآرائك ، حتى ولو كانوا هم أبائك المحبوبين . فالله سبحانه وتعالى يقول لنا "فذكر إن نفعت الذكرى" . عليك دائما بالبحث عن الأرواح التى يمكنها الإرتفاع عن المفاهيم المادية البحتة ويقدرون القيم الروحية والأخلاقية العليا . ما لم تتوصلى لمثل هؤلاء الأشخاص ، فستشعرين بالعزلة وتظلين فى متاهات المادية المتوحشة ، والمهاترات والمناقشات مع أشخاص معادين يحاولون أن يزرعوا الكآبة فى ذهنك .
من الطبيعى أن تريد هذه الدول المسماة "الدول النامية" العمل على أن يضعوا حدا لتخلفهم بالسرعة الممكنة ، ويلحقوا بالدول الغربية فى سباقها للتقدم المادى . ولكن المأساة ، أن المعونة من الدول الأجنبية الغنية ، هى مقدمة لطوفان من التبعية الثقافية المدمرة لديننا ، وقيمنا وحضارتنا ، وكل ما هو قريب من نفوسنا وعزيز لدينا نجد فيه معنى حقيقيا للحياة . الأنكى من هذا ، هو أن يسند أمر الأمة إلى أناس من ذوى الأفكار المهزومة والذين يعملون على تغيير أسس الشريعة بالرغم من ضآلة معلوماتهم . هذا الوضع ذو خطورة مزدوجة . ليس فقط أنها تهديد للنموذج الإسلامى ، ولكن أيضا إمكانية أن تقع البلدان الإسلامية فى أحضان الشيوعية . حينما يشاهد المسلمون مقدساتهم وقيمهم السامية فى الحياة تداس تحت الأقدام ، وأنه لم يبقى لهم إلا الأفكار المادية التى تقود حياتهم وموتهم ، بالتأكيد فسيكونون تربة خصبة للدعاية الشيوعية والتسلل والمؤمرات . أعتقد أن السياسة الأمريكية ستعانى ولن تعوض الخسائر فى الدول الإسلامية . وقد بلاقوا نفس المصير الذى واجهته فى الصين وجميع التبرعات النقدية والعينية وتقع فى أيدى العدو . التحيز المتجذر ضد الإسلام وكراهية المسلمين بين الأمريكان والغرب أعماهم حتى عن خسائرهم هم .
السؤال الذى أثرتيه فى نهاية خطابك السابق ، هو سؤال هام لا شك . هذا بالضبط هو السؤال الذى كنت احاول أن أصل لحله منذ السنوات الخمس والثلاثون الماضية . بدأت جهودى فى فهم الإسلام والعمل لإحيائه منذ شبابى فى الثالثة والعشرين من العمر ، ومنذ ذلك الوقت فقد كرست كل حياتى وعملى له . لم يكن لدى أية تطلعات لمجرد منهجية دفاعية أو خلفية دفاعية . فقد انطلقت من ثلاثة محاور هجومية . فمن أحد النواحى ، فأنا أعرف بمنتهى الوضوح القواعد والأسس التى ينبنى عليها الإسلام . لقد شرحت بشكل مفصل كيف أن طريقة الحياة فى الإسلام تتفوق كثيرا فى جميع النواحى عن مثيلاتها الغربية . وثالثا ، قدمت حلولا إسلامية عملية للمشاكل ... التى حتى المراقبون المسلمين ... يرون أنه لابد من اتباع الغرب فى حلها . ونتيجة لهذا العمل ، فإن الملايين من المسلمين فى باكستان والهند ، من كل مشارب الحياة ، يشاركونى الحماس لعودة النظام الإسلامى . حوالى 25 من كتبى باللغة الأردية قد ترجمت للغة العربية ، ونسبة كبيرة من المسلمين فى العالم العربى يقدرون ويدعمون أفكارى . إننى أحنى جبهتى لله سبحانه وتعالى وأحمده على كل هذا . وللأسف فحتى الآن القليل من أعمالى ترجمت للغة الإنجليزية . ولو أمكنك تعلم اللغة الأردية ، فربما تساعدك كتبى فى صراعك للدعوة للإسلام فى أمريكا .
ياترى هل تعلمين بأن منظمة باسم "الجماعة الإسلامية" كانت تعمل منذ عام 1941 فى الهند-باكستان فى شبه القارة الهندية ؟؟؟ . تسعى "جماعة الإسلام" على نشر وتطبيق المفاهيم التى ذكرتها فى كتاباتى . وبعد إنفصال باكستان عن الهند ، أصبح هناك جماعاتان ، أحدهما بالهند وأخرى بباكستان . وقد منع الرئيس "أيوب خان" الجماعة الثانية مع كل الأحزاب السياسية الأخرى ، حين صدور الأحكام العرفية عام 1958 ؛ والجماعة الأولى ما زالت تعمل فى الهند تحت قيادة مستقلة . لقد سردت لك هذه القصة لأجعلك تعلمين بأنه لكى تحصلى على بعض المكاسب الإيجابية فى الدعوة للإسلام ، لابد من التضحية بصبر لأعوام عدة . علاوة على ذلك ، لكى تحققى النجاح فى أمر ما ، لابد تحيطى علما بالمناخ العلمى والأخلاقى الذى حولك . إنه طريق صعب وغير مريح على طول الخط . أنت الآن قد بدأت هذا الطريق . أقدر تماما مدى الصعوبة والألم التى تواجه شابة غير متزوجة تتحول لتعمل للإسلام فى بلد كأمريكا ، ولكنك حينما اعتنقت الإسلام لا شك تشبعتى بوضوح الواجبات التى أنيطت بك ، يجب عليك أن تستعينى بالله العظيم وأن تحتسبى كل المسئوليات التى اختارك الله سبحانه وتعالى لها . كل ما تبذلينه من جهد وإخلاص فيه ، سيعود عليك بتوفيق وعون من الله سبحانه وتعالى ، وستفتح أمامك الطرق والسبل بما لم تكونى تتوقعيه مسبقا .
أعترف بأنى مفرط فى صحتى ، ولكنى مضطر لأداء كثير من الأعمال . يوميا هناك الكثير الذى يجب أن أقرأه وأحرره ، تصلنى كثير من الخطابات من الناس ، والكثير يأتون لزيارتى ، ولذلك فإذا تأخرت فى الرد على خطاباتك فلا تنزعجى واستمرى فى مراسلتى حتى أظل على علم بمجهوداتك ونشاطك . أنا مهتم جدا بكفاحك فى سبيل الإسلام . وأيضا ، فأنا أرغب فى نشر بعض مقالاتك فى الصحيفة الأردية الشهرية ، "ترجمان القرآن" متضمنة بعض خطاباتك ، ولكن لن أذكر فيها الأشياء الشخصية الحميمة . وأرجو ألا يكون لديك اعتراض على هذا . هل لى أن أسألك ، هل اتخذت اسما إسلاميا لك ؟؟؟


مع السلامات والتمنيات الطيبة .
المخلص

أبو الأعلى


يتبع