إن موقع الأستاذية الذي يرى الداعية فيه نفسه يجعله بعيدا عن روح الرسالة الذي ينبغي أن يتحلى بها إن أراد
بالفعل خدمة من حوله بإرشادهم إلى الطريق القويم .
وما زلت أذكر ( الكاتب ) ،وما زلت أذكر كثيرا من حلقات النقاش التي أثيرت عقب ظهور كتاب (في النقد الذاتي )
وكيف كان البعض ينظر إليه باستخفاف ،ناعتا مؤلفه بصفات لا تليق أن تخرج من فم داعية جاد يسعى إلى مستقبل
أفضل من الواقع الذي لم يحقق حتى الآن طموح جماهير المسلمين ولا النخبة العاملة منهم في كل ميدان ،لقد أدركت مذاك
أننا نضيق بالنقد ونخشاه ،مع أننا في الوقت نفسه نوسع غيرنا نقدا وتجريحا ،ونحن مخطئون في موقفنا السلبي من النقد ،ومخالفون للهدي النبوي الشريف .
ولقد استمع ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بن علي وعبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي ،
وغيرهم من أئمة المسلمين وخلفائهم وأمرائهم إلى آراء مخالفيهم ،ولم يجدوا غضاضة من العمل بمقتضاها عند ترجيح المصلحة ،
ولم نسمع منهم أنهم وجهوا سهام الاتهام لأحد نصحهم ،والنبي صلى الله عليه وسلم ،واضح في قوله :"الدين النصيحة "
قلنا :لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يقول :رحم الله امرأ
أهدى إلي عيوبي .
|