عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 25-03-2007, 12:10 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

لقد كانت لديه عليه السلام الحساسية المفرطة فى كيف يرفع من معنويات من حوله ، وكيف يجعلهم يتواضعون ، بما فى ذلك نفسه ، وبمنتهى الأمانة . فبعد الإنتصار فى غزوة حنين وجد الأنصار فى أنفسهم عليه ، فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال : يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم ، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء .


قال : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال : يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومي . قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة .
قال : فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة . فجاء رجال من المهاجرين فتركهم ، فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم .
فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من (5/ 177) الأنصار ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال :
يا معشر الأنصار ، ما قاله بلغني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم !
قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل .
ثم قال : ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟
قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل .
قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذباً فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم .
ألا ترضون يا معشر الأنصار ، أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار .
قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا رضينا برسول الله قسماً وحظاً ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتفرقوا .
وبعد ثمان سنوات ، هذا هو تصورى عن محمد عليه الصلاة والسلام ، وقد أصبح جزءا منى . فإذا كانت زوجاته هن أمهات المسلمين ، فربما يكون الرسول هو أبا لهم . هذا على الأقل بالنسبة لى ، والكلمة الوحيدة المناسبة والتى ترمز لحقيقة المشاعر المشتركة ، والإحترام والرهبة والحب هى أنه "رسول الله" .


"مداخلة : كلما توقفت عند هذه اللفتة بعد الإنتصار فى غزوة حنين ، أبكى ولكن ليس كبكاء الأنصار !!! بكاؤهم كان لأن طبيب القلوب عليه الصلاة والسلام عالج نفوسهم وقلوبهم وواساهم ، وبكائى للعظمة والرحمة المهداة التى ألمسها عبر التاريخ من تداعيات هذه الواقعة ... فالسياحة الدينية لمدينة رسول الله ، مستمرة منذ ذلك الحين لليوم !!! سمع عليه السلام بما يردده الأنصار ، فلم يتركهم لأنفسهم والشيطان ، بل دعاهم وحاورهم ندا لند وهو من هو وهم من هم ، تواضعوا فى القول قائلين لله ورسوله الفضل والمنة ، وهذا صحيح ، ولكنه واجههم بما ينفثه الشيطان فى قلوبهم ، وقال لهم ، بل يمكنكم القول فتصدقوا ويصدقكم الناس تقولون كذا وكذا ، ثم يفتح بصرهم على حقيقة هذه الدنيا ، العرض الزائل وفضل الله سبحانه وتعالى الباقى . شاة وبعير ، وهدية من الله لهم ، هو نفس الرسول عليه السلام ، يحفظ بركة مدينتهم حيا وميتا ، نور ورحمة وهدى يرجعون به لمدينتهم ، فيقبل الناس وفودا عليها ليتعلموا من رسول الله وليتلقوا الدين على يديه ، وبعد موته ، هذا هو الحجيج الذى لا ينقطع عن مدينة رسول الله يوما واحدا فى العام ، فأى جمال بعد هذا الجمال ، وأى عظمة نالها أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد أن لفظوا لعاع الدنيا وراء ظهورهم ؟؟؟ ...... بالله عليكم دلونى على رجل واحد فى التاريخ كان بهذه العظمة ، وأليست هذه المواقف هى عبرة للحكام وكيف يتعاملون مع رعاياهم ؟؟؟ ".


يتبع (الجزء الرابع وعنوانه "الأمة")