عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 03-05-2007, 03:55 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

موعظة
الحمد لله المستحق لغاية التحميد، المتوحد في كبريائه وعظمته الولي الحميد، الغني المغني المبدئ المعيد، المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ولا يبيد، المانع فلا معطي لما منع ولا راد لما يريد.
خلق الخلائق وأوضح لهم أحسن طريق، وهداهم إلى الأمر الرشيد، وصورهم فأحسن صورهم، وبشر من أطاعه بالجنة والنعيم والتخليد، وحذر من عصاه من العذاب الشديد.
وحثهم على ذكره وحمده وشكره ووعدهم بالمزيد، فقال جل وعلا وهو أصدق القائلين وأوفى الواعدين: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.
وحكم على خلقة بالفناء فما لأحد عنه محيص ولا محيد، فكم أبكي الموت خليلاً بفراق خليله، وكم أيتم طفلاً فشغله ببكائه وعويله.
أوحش المنازل من أقمارها، ونفر الطيور من أوكارها، وعوضهم من لذة العيش بالتنغيص والتنكيد.
فالملك والمملوك والغني والصعلوك والقوي والضعيف، تساوت قبورهم في القفر والبيد.
فسبحانه من إله أذل بالموت كل جبارٍ عنيد، وكسر به من الأكاسرة كل جبارٍ صنديد، وأخرجوا من سعة القصور إلى ضيق القبور، وقطع حبل أمدهم المديد.
أخذ به الأباء والجدود والأطفال من المهود، وأسكنهم بعد اللين والسعة والرفاهية مضيق اللحود، وعفر وجوههم في التراب بعد لين الوسائد والفرش الناعمة والتمهيد وبقوا في تحت الأرض إلى يوم الوعيد.
فيا بؤس للدنيا شد ما عن ثديها فطمتهم ومن سمها أطعمتهم وبيدها الباطشة لطمتهم، وفي ظلمات الأرض وغيابات الثرى طرحتهم، فقلبت قائم تلك الأعيان، وطمست تلك الوجوه الحسان.
وأعمت تلك الأبصار، وأصمت تلك الآذان، وأسالت الحدق على الخدود والوجنات، وغسلت بالصديد جميل القسمات، وملأت بالتراب اللهازم واللهوات.
وكسرت تلك الضواحك والربعيات، وعبثت الديدان بجسوم أولئك الفتيان والفتيات، لطالما أغربوا ضاحكين، وتقلبوا فاكهين، وباتوا على سررهم مطمئنين آمنين.
فكم بها من لسانٍ فصيح، طالما ما أنشد وخطب، وأرهب وأرغب، ومدح وأطنب، وكم من فصيح لسان وعظيم بيان أخرسه الحدثان، وتحكمت في جسده الهوام والديدان.

وَلَو كَشَفَ الأجْدَاثَ مُعْتَبِرًا لَهُمْ ** لَشَاهَدَ أحْدَاقًا تَسِيْل وَأوْجُهًا
غَدَتْ تَحْتَ أَطْبَاق الثّرَى مُكْفَهِرَّةً ** فَلَمْ يُعْرَفِ المَوْلَى مِنَ العَبْدِ فِيْهِم
وَأَنَّى لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ بَعْدَمَا ** رَأَى مَا يَسُوءُ الطّرْفَ مِنْهُمْ وَطَالَمَا
رَأَى أَعْظُمًا لا تَسْتَطِيْعُ تَمَاسُكًا ** مُجَرَّدَةً مِنْ لَحْمِهَا فَهِيَ عِبْرَةٌ
تَخَوَّنَها مَرُّ اللَّيَالِي فَأَصْبَحَتْ ** أُزِيْلَتْ عَنِ الأَعْنَاقِ فَهِيَ نَوَاكِسٌ
عَلاهَا ظَلامٌ لِلْبِلَى وَلَطَالَمَا ** كَأنَ لَمْ يَكُنْ يَوْمًا عَلا مَفْرقًا لَهَا
تَبَاعَدَ عَنْهُمْ وَحْشَةً كُلُّ وَامِقٍ ** وَقَاطَعَهُمْ مَنْ كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ
يُبَكِّيْهِمْ الاًعْدَاءُ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ ** فَقُلْ لِلّذِي قَدْ غَرَّهُ طُوْلُ عُمْرِهِ
أَفِقْ وَانْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ بَصِيْرَةٍ ** فَأَيْنَ المُلُوكُ الصَّيْدُ قِدْمًا وَمَنْ حَوَى
حَوَاهُ ضَرِيْح مِنْ فَضَاءِ بسِيْطِهَا ** فَكَمْ مَلِكٍ أَضْحَى بِهَاذَا مَذَلَّةٍ
يَقُودُ عَلَى الخَيْلِ العِتَاقِ فَوَارِسًا ** فَأصْبَحَ مِنْ بَعْدِ التَّنَعُّمِ في ثَرَى
بَعِيْدًا عَلَى قُرْبِ المَزَارِ إِيابُهُ ** غَرِيْبًا عَنِ الأَحْبَابِ والأَهْلِ ثَاوِيًا
تُلِحُّ عَلَيْهِ السّافِيَاتُ بِمَنْزِلٍ ** رَهِيْنًا بِهِ لا يَمْلِكُ الدّهْرَ رَجْعَةً
تَوَسَّدَ فِيْهِ التُّرْبَ مِنْ بَعْدِ مَا اغْتَدَى ** كَذَلِكَ حُكْمُ الله في الخَلْقِ لَنْ تَرَى
لِيَنْظُرَ آثارَ البلا كَيْفَ يَصْنَعُ ** مُعَفَّرَةً في التُّرْبِ شُوْهًا تُفَزعُ
عَبُوْسًا وَقَدْ كَانَتْ مِنَ الِبَشْرِ تَلْمَعُ ** وَلا خَامِلاً مِنَ نَابِهٍ يَتَرَفَّعُ
تَبَيّنَ مِنْهُمْ مَا لَهُ العَيْنُ تَدْمَعُ ** رَأى مَا يَسُرُّ النّاظِرِيْنَ وَيُمْتِعُ
تَهَافَتَ مِنْ أَوْصَالِهَا وَتَقَطَّعُ ** لِذِيْ فِكْرَةٍ فِيْمَا لَهُ يَتَوقَّعُ
أَنَابِيْبَ مِنْ أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تُسْمَعُ ** عَلى التُّرْبِ مِنْ بَعدْ الوَسَائِدِ تُرْفَعُ
غَدَا نُورُهَا في حِنْدِسِ الظُّلْمِ يَلْمَعُ ** نَفَائِسُ تِيْجَانٍ وُدُرٍ مُرَصَّعُ
وَعَافَهُمُ الأَهْلُونَ والنَّاسُ أَجْمَعُ ** بِوَصْلِهِمُ وِجْدًا بِهِمْ لَيْسَ يطْمَعُ
وَيَرْحَمَهُمْ مَنْ كَانَ ضِدًا وَيَجْزَعُ ** وَمَا قَدْ حَوَاهُ مِنْ زَخَارِفَ تَخْدَعُ
تَجِدْ كُلَّ مَا فِيْهَا وَدَائِعَ تَرْجِعُ ** مِنَ الأَرْضِ مَا كَانَتْ بِهِ الشَّمْسُ تَطْلَعُ
يُقَصِّرُ عَنْ جُثْمَانِهِ حِيْنَ يُذْرَعُ ** وَقَدْ كَانَ حَيًَّا لِلْمَهَابَةِ يُتْبَعُ
يَسُدُّ بِهَا رَحْبَ الفَيَافِي وَيُتْرِعُ ** تُوَرِي عِظَامًا مِنْهُ بَهْمَاءُ بَلْقَعُ
فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى القِيَامَة مَرْجِعُ ** بأقْصَى فَلاةٍ خَرْقُهُ لَيْسَ يُرْقَعُ
جَدِيْبٍ وَقَدْ كَانَتْ بِهِ الأرْضُ تُمْرِعُ ** وَلا يَسْتَطِيْعَنَّ الكَلامَ فَيسْمَعُ
زمَانًا عَلَى فُرُشٍ مِنَ الخَزِّ يُرْفَعُ ** مِنَ النَّاسِ حَيًّا شَمْلهُ لَيْسَ يُصْدَعُ

اللهم انهج بنا مناهج المفلحين وألبسنا خلع الإيمان واليقين، وخصنا منك بالتوفيق المبين، ووفقنا لقول الحق وإتباعه وخلصنا من الباطل وابتداعه، وكن لنا مؤيدًا ولا تجعل لفاجر علينا يدًا واجعل لنا عيشًا رغدًا ولا تشمت بنا عدوًا ولا حاسدًا، وارزقنا علمًا نافعًا وعملاً متقبلاً، وفهمًا ذكيًا وطبعًا صفيًا وشفعًا من كل داء، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم آمين
اللهم آمين
اللهم آمين



يتبع إن شاء الله
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية