عرض مشاركة مفردة
  #36  
قديم 10-05-2007, 05:20 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

أخبرنا أبو خليفة قال قال محمد بن سلام: كان الأخطل مع مهارته وشعره يسقط أحيانا: كان مدح سماكا الأسدي، وهو سماك الهالكي من بني عمرو بن أسد، وبنو عمرو يلقبون القيون، ومسجد سماك بالكوفة معروف، وكان من أهلها؛ فخرج أيام علي هاربا فلحق بالجزيرة، فمدحه الأخطل فقال:
نعم المجير سماك من بني أسد *** بالقاع إذ قتلت جيرانها مضـر
قد كنت أحسبه قينا وأخـبـره *** فاليوم طيرعن أثوابه الشـرر
إن سماكا بني مجدا لأسـرتـه *** حتى الممات وفعل الخير يبتدر

فقال سماك: يا أخطل: أردت مدحي فهجوتني، كان الناس يقولون قولا فحققته. فلما هجا سويدا قال له سويد: والله يا أبا مالك، ما تحسن تهجو ولا تمدح؛ لقد أردت مدح الأسدي فهجوته- يعني قوله:
قد كنت أحسبه قينـا وأنـبـؤه *** فاليوم طير عن أثوابه الشـرر
إن سماكا بني مجدا لأسـرتـه *** حتى الممات وفعل الخير يبتدر

- وأردت هجائي فمدحتني، جعلت وائلا حملتني أمورها، وما طمعت في بني تغلب فضلا عن بكر.

أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال حدثني أبان البجلي قال: مر الأخطل بالكوفة في بني رؤاس ومؤذنهم ينادي بالصلاة. فقال له بعض فتيانهم: ألا تدخل يا أبا مالك فتصلي? فقال:
أصلي حيث تدركني صلاتي *** وليس البر عند بني رؤاس

أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال حدثني أبو الحصين الأموي قال: بينا الأخطل قد خلا بخميرة له في نزهة مع صاحب له، وطرأ عليهما طارىء لا يعرفانه ولا يستخفانه، فشرب شرابهما وثقل عليهما. فقال الأخطل في ذلك:
وليس القذى بالعود يسقط في الإنـا *** ولا بذباب خطبـه أيسـر الأمـر
ولكن شخصا لا نسـر بـقـربـه *** رمتنا به الغيظان من حيث لا ندري

يروي: ولكن قذاها زائر لا نحبه

حدثنا الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: بينا الأخطل جالس عند امرأة من قومه، وكان أهل البدو إذ ذاك يتحدث رجالهم إلى النساء لا يرون بذلك بأسا، وبين يديه باطية شراب والمرأة تحدثه وهو يشرب، إذ دخل رجل فجلس، فثقل على الأخطل وكره أن يقول له قم استحياء منه. وأطال الرجل الجلوس إلى أن أقبل ذباب فوقع في الباطية في شرابه؛ فقال الرجل: يا أبا مالك، الذباب في شرابك. فقال:
وليس القذى بالعود يسقط في الخمر *** ولا بذباب نزعـه أيسـر الأمـر
ولكن قـذاهـا زائر لا نـحـبـه *** رمتنا به الغيطان من حيث لا ندري

قال: فقام الرجل فانصرف.

أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال قال أبان بن عثمان حدثني أبي قال: دعا الأخطل شاب من شباب أهل الكوفة إلى منزله. فقال له: يا بن أخي، أنت لا تحتمل المئونة وليس عندك معتمد؛ فلم يزل به حتى انتجعه، فأتى الباب فقال: يا شقراء، فخرجت إليه امرأة، فقال لأمه: هذا أبو مالك قد أتاني؛ فباعت غزلا لها واشترت له لحما ونبيذا و ريحانا. فدخل خصا لها فأكل معه وشرب، وقال في ذلك:
وبيت كظهر الفيل جل متاعـه *** أباريقه و الشارب المتقـطـر
ترى فيه أثلام الأصيص كأنهـا *** إذا بال فيها الشيخ جفر معـور
لعمرك ما لاقيت يوم مـعـيشة *** من الدهر إلا يوم شقراء أقصر
حوارية لا يدخل الذم بـيتـهـا *** مطهرة يأوي إليها مـطـهـر


وذكر هارون بن الزيات هذا الخبر عن حماد عن أبيه أنه كان نازلا على عكرمة الفياض وأنه خرج من عنده يوما، فمر بفتيان يشربون ومعهم قينة يقال لها شقراء. وذكر الخبر مثل ما قبله، وزاد فيه: فأقام عندهم أربعة أيام. وظن عكرمة أنه غضب فانصرف عنه. فلما أتاه أخبره بخبره، فبعث إلى الفتيان بألف درهم وأعطاه خمسة آلاف، فمضى بها إليهم وقال: إستعينوا بهذه على أمركم. ولم يزل ينادمهم حتى رحل.
أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلام قال حدثني أبو يحيى الضبي قال: اجتمع الفرزدق وجرير والأخطل عند بشر بن مروان، وكان بشر يغري بين الشعراء. فقال للأخطل: أحكم بين الفرزدق وجرير. فقال: أعفني أيها الأمير. قال: أحكم بينهما، فاستعفاه بجهده فأبى إلا أن يقول؛ فقال: هذا حكم مشئوم؛ ثم قال: الفرزدق ينحت من صخر، وجرير يغرف من بحر. فلم يرض بذلك جرير، وكان سبب الهجاء بينهما. فقال جرير في حكومته:
يا ذا الغباوة إن بشرا قد قضى *** ألا تجوز حكومة النـشـوان
فدعوا الحكومة لستم من أهلها *** إن الحكومة في بني شيبـان
قتلوا كليبكم بلقحة جـارهـم *** يا خزر تغلب لستم بهجـان

فقال الأخطل يرد على جرير:
ولقد تناسبتم إلى أحـسـابـكـم *** وجعلتم حكما من السلـطـان
فإذا كليب لا تـسـاوي دارمـا *** حتى يساوي حـزرم بـأبـان
و إذا جعلت أباك في ميزانهـم *** رجحوا وشال أبوك في الميزان
وإذا وردت الماء كـان لـدارم *** عفواته و سهولة الأعـطـان

ثم استطارا في الهجاء.
أخبرني أبو خليفة قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثنا أبو الغراف فال: لما قال جرير:
إذا أخذت قيس عليك وخنـدف *** بأقطارها لم تدر من أين تسرح
قال الأخطل. لا أين سد والله علي الدنيا. فلما أنشد قوله:
فما لك في نجد حصاة تعدهـا *** وما لك من غوري تهامة أبطح
قال الأخطل: لا أبالي والله ألا يكون فتح لي والصليب القول؛ ثم قال:
ولكن لنا بر الـعـراق و بـحـره *** وحيث ترى القرقور في الماء يسبح

أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال حدثني محمد بن الحجاج الأسيدي قال: خرجت إلى الصائفة فنزلت منزلا ببني تغلب فلم أجد به طعاما و لا شرابا ولا علفا لدوابي شرى ولا قرى و لم أجد ظلا؛ فقتل لرجل منهم: ما في داركم هذه مسجد يستظل فيه? فقال: ممن أنت? قلت: من بني تميم. قال: ما كنت أرى عمك جريرا إلا قد أخبرك حين قال:
فينا المساجد و الإمام ولا ترى *** في آل تغلب مسجدا معمورا

أخبرني أبو خليفة قال أنبأنا محمد بن سلام قال حدثني شيخ من ضبيعة قال: خرج جرير إلى الشام فنزل منزلا ببني تغلب فخرج متلثما عليه ثياب سفره، فلقيه رجل لا يعرفه. فقال: ممن الرجل? قال: من بني تميم. قال: أما سمعت ما قلت لغاوي بني تميم? فأنشده مما قال لجرير. فقال: أما سمعت ما قال لك غاوي بني تميم? فأنشده. ثم عاد الأخطل وعاد جرير في نقضه حتى كثر ذلك بينهما. فقال التغلبي: من أنت? لا حياك الله والله لكأنك جرير. قال: فأنا جرير. قال: وأنا الأخطل.
أخبرني عمي قال أنبأنا الكراني قال أنبأنا أبو عبد الرحمن عن المدائني قال: دخل الأخطل على عبد الملك وقد شرب، فكلمه فخلط في كلامه. فقال له: ما هذا? فقال:
إذا شرب الفتى منها ثـلاثـا *** بغير الماء حاول أن يطـولا
مشى قرشية لا عيب فـيهـا *** وأررخى من مآزره الفضولا


أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثني يعقوب بن إسرائيل قال أخبرني إسماعيل بن أبي محمد اليزيدي قال أخبرني أبو محمد اليزيدي قال: خرج الفرزدق يؤم بعض الملوك من بني أمية، فرفع له في طريقه بيت أحمر من أدم، فدنا منه وسأل فقيل له: بيت الأخطل. فأتاه فقال: انزل. فلما نزل قام إليه الأخطل وهو لا يعرفه إلا أنه ضيف؛ فقعدا يتحدثان. فقال له الأخطل: ممن الرجل? قال: من بني تميم. قال: فإنك إذا من رهط أخي الفرزدق. فقال: تحفظ من شعره شيئا? قال: نعم كثيرا. فما زالا يتناشدان ويتعجب الأخطل من حفظه شعر الفرزدق إلى أن عمل فيه الشراب،- وقد كان الأخطل قال له قبل ذلك: أنتم معشر الحنفية لا ترون أن تشربوا من شرابنا. فقال له الفرزدق: خفض قليلا وهات من شرابك فاسقنا. فلما عملت الراح في أبي فراس قال: أنا والله الذي أقول في جرير فأنشده. فقام إليه الأخطل فقبل رأسه وقال: لا جزاك الله عني خيرا لم كتمتني نفسك منذ اليوم وأخذا في شرابهما وتناشدهما، إلى أن قال له الأخطل: والله إنك وإياي لأشعر منه ولكنه أوتي من سير الشعر ما لم نؤته؛ قلت أنا بيتا ما أعلم أن أحدا قال أهجى منه، قلت:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم *** قالوا لأمهم بولي على النار
فلم يروه إلا حكماء أهل الشعر.
أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال حدثنا عمر بن شبة قال قال المدائني: كان للأخطل الشاعر دار ضيافة، فمر به عكرمة الفياض وهو لا يعرفه، فقيل له: هذا رجل شريف قد نزل بنا. فلما أمسى بعث إليه فتعشى معه، ثم قال له: أتصيب من الشراب شيئا? قال: نعم. قال: أيه? قال: كله إلا شرابك. فدعا له بشراب يوافقه، وإذا عنده قينتان هما خلفه وبينه وبينهما ستر، وإذا الأخطل أشهب اللحية له ضفيرتان؛ فغمز الستر بقضيب في يده وقال: غنياني بأردية الشعر، فغنتاه بقول عمرو بن شأس:
وبيض تطلى بالعبير كـأنـمـا *** يطأن وإن أعنقن في جدد وحلا
لهونا بها يوما و يوما بشـارب *** إذا قلت مغلوبا وجدت له عقلا


فأما السبب في مدح الأخطل عكرمة بن ربعي الفياض فأخبرنا به أبو خليفة عن محمد بن سلام قال: قدم الأخطل الكوفة فأتى حوشب بن رويم الشيباني، فقال: إني تحملت حمالتين لأحقن بهما دماء قومي فنهره، فأتى سيار بن البزيعة، فسأله فاعتذر إليه، فأتى عكرمة الفياض، وكان كاتبا لبشر بن مروان، فسأله وأخبره بما أراد عليه الرجلان؛ فقال: أما إني لا أنهرك ولا أعتذر إليك، ولكني أعطيك إحداهما عينا والأخرى عرضا. قال: وحدث أمر بالكوفة فاجتمع له الناس في المسجد، فقيل له: إن أردت أن تكافىء عكرمة يوما فاليوم. فلبس جبة خز وركب فرسا وتقلد صليبا من ذهب وأتى باب المسجد ونزل عن فرسه. فلما رآه حوشب وسيار نفسا عليه ذلك وقال له عكرمة: يا أبا مالك، فجاء فوقف وابتدأ ينشد قصيدته:
لمن الديار بحائل فوعال حتى انتهى إلى قوله:
إن ابن ربعي كفانـي سـيبـه *** ضغن العدو وغدرة المحتـال
أغليت حين تواكلتـنـي وائل *** إن المكارم عنـد ذاك غـوال
ولقد مننت على ربيعة كلـهـا *** وكفيت كل مـواكـل خـذال
كابن البزيعة أو كآخر مثـلـه *** أولى لك ابن مسيمة الأجمال
إن اللئيم إذا سألت بـهـرتـه *** وترى الكريم يراح كالمختال
وإذا عدلت به رجالا لم تـجـد *** فيض الفرات كراشح الأوشال

قال: فجعل عكرمة يبتهج ويقول: هذه والله أحب إلي من حمر النعم. ومما في شعر الأخطل من الأصوات المختارة:
أراعك بالخابور نوق وأجمال *** ودار عفتها الريح بعدي بأذيال
ومبنى قباب المالكية حولـنـا *** وجرد تغادى بين سهل وأجبال
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
الرد مع إقتباس