قول المجيب على السؤال أنهم أجرهم أكثر ثلاث مرات فيه غموض ولم أجد من قال به والحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرات ومرة واحدة للمقصرين وهناك فرق واضح
وقد سمعت بعضهم يقول لعل أجرهما سواء وقد قال في فتح الباري ج: 3 ص: 562 وفي قوله صلى الله عليه وسلم والمقصرين إعطاء المعطوف حكم المعطوف عليه اهـ وهو كما لو كان هناك من يقف على الباب وتقول له ءأدخل فلا يرد عليك ويدع غيرك يدخل فتطلب ثانية ثم ثالثة فيسمح لك أخيرا بالدخول فبعد ذلك تجد أن كلكم سواء في السرور والحبور
وهذا الفهم قد يسلم لصاحبه إن فهم الحديث الذي في مسلم ج: 2 ص: 946
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين
أقول إن فهم على الخبرية لا على الدعاء لكن ورد الحديث من طريق صريحة بتكرار الدعاء ثلاث مرات
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله وللمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله وللمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله وللمقصرين قال وللمقصرين رواه البخاري ومسلم وغيرهما
وعن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة رواه مسلم
وعن مالك بن ربيعة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول اللهم اغفر للمحلقين اللهم اغفر للمحلقين قال يقول رجل من القوم وللمقصرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة أو الرابعة وللمقصرين ثم قال وأنا يومئذ محلوق الرأس فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم رواه أحمد والطبراني في الأوسط بإسناد حسن
نقل ذلك كله في الترغيب والترهيب ج: 2 ص: 134
أقول ليس هذا فحسب بل قال الحافظ المنذري: وتقدم في حديث ابن عمر الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصاري وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة وتمحى عنك بها خطيئة
وتقدم أيضا في حديث عبادة بن الصامت وأما حلقك رأسك فإنه ليس من شعرك شعرة تقع في الأرض إلا كانت لك نورا يوم القيامة
وهذا ورد في الحلق ولعل اللفظ لا يحتمل التقصير والعلم عند الله تعالى ولذا تجد أن الإمام النووي قال في شرحه على صحيح مسلم ج: 9 ص: 49
باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير
قوله حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحاب وقصر بعضهم
وذكر الأحاديث في دعائه صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة بعد ذلك هذا كله تصريح بجواز الاقتصار على أحد الأمرين ان شاء اقتصر على الحلق وإن شاء على التقصير وتصريح بتفضيل الحلق وقد أجمع العلماء على ان الحلق أفضل من التقصير
وأقل ما يجزى من الحلق والتقصير عند الشافعي ثلاث شعرات وعند أبي حنيفة ربع الرأس وعند أبي يوسف نصف الرأس وعند مالك وأحمد أكثر الرأس وعن مالك رواية أنه كل الرأس وأجمعوا أن الأفضل حلق جميعه أو تقصير جميعه ويستحب أن لا ينقص في التقصير عن قدر الأنملة من أطراف الشعر فإن قصر دونها جاز لحصول اسم التقصير
ووجه فضيلة الحلق على التقصير أنه أبلغ فى العبادة وأدل على صدق النية فى التذلل لله تعالى ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذى هو زينة والحاج مأمور بترك الزينة بل هو أشعث أغبر والله أعلم
ونقل في شرح الزرقاني ج: 2 ص: 464 قول الخطابي وغيره إن عادة العرب حب توفير الشعور والتزين بها والحلق فيهم قليل وربما رأوه من الشهرة ومن زي الأعاجم فلذا كرهوا الحلق واقتصروا على التقصير
|