عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 26-05-2007, 11:53 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

الرحلة إلى قندهار

كانت وجهتنا مدينة قندهار والتي تعد من أكبر المدن الأفغانية، استغرقت الرحلة عن طريق حافلات النقل العام من الحدود الإيرانية إلى مدينة قندهار حوالي اليومين. كنا نبيت بالمساء في الاستراحات التي على الطريق حتى يبزغ الفجر ثم نواصل طريقنا نهارا. كانت الطريق آمنة ولم نتعرض لأي مشاكل كقطاع الطريق والعصابات أو القصف الجوي. ومررت على الكثير من الأحياء والمباني والمنازل والسيارات المدمرة والتي قصفت ليلا. وقد رأيت أثناء مروري بالقرى الأفغانية الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسر الأفغانية والحالة المتردية للبيوت والبنية التحتية لهذه المناطق، فقمت بتقديم بعض من المساعدات والصدقات التي أحضرتها معي لهؤلاء المحتاجين الذين كانت علامات الفقر والعوز واضحة على وجوههم. وفي قندهار استقر بي المقام بأحد الفنادق المتواضعة، وقمت بالاتصال بأهلي بالبحرين لكي أطمئنهم على وصولي. وقد تجولت في مدينة قندهار ومررت بمكتب الصليب الأحمر الذي كان مغلقا في ذلك الوقت، ثم تجولت في أحياء المدينة التي بدت لي مدينة قديمة المباني والشوارع. وكانت الشوارع والأسواق مزدحمة بالناس.
إلى العاصمة كابول

بعد أن مكثت في قندهار عدة أيام قررت الانتقال إلى العاصمة الأفغانية كابول لتقديم المساعدة والوقوف على الوضع الإنساني، حيث من المعلوم أن العمل الإغاثي يتركز عادة في العاصمة أكثر من غيرها من المدن الأخرى والمناطق الريفية. وصلت إلى العاصمة كابول بعد رحلة استغرقت يوما كاملا بواسطة الباص ومكثت فيها عدة أيام، قدمت خلالها بعض المساعدات والصدقات للمساكين والمحتاجين. ورغم سماع أصوات الانفجارات والقصف من المناطق البعيدة، فقد كان الوضع العام في العاصمة كابول شبه مستقر وكانت الحياة طبيعية. كانت كابول مختلفة تماما عن مدينة قندهار، فكابول مدينة منظمة حديثة، شوارعها مرصوفة وواسعة ونظيفة ومشجرة بالأشجار الجميلة، كانت المباني جديدة وجميلة. وكنت أرى الناس وهم يتجولون في شوارع العاصمة، وكانت الأسواق مليئة بالبضائع وكانت النساء يشترين من الأسواق بكل أمان، قد كنت أرى الأطفال وهم يلعبون بفرح وأمان فتذكرت ابنتي هاجر وتمنيت لها السعادة والخير. كان الناس يلبسون ملابس نظيفة على خلاف ما رأيته في قندهار. كانت الجبال تحيط بالعاصمة كابل، لذا فقد كان جوها بالنهار جميلا ومائلا إلى البرودة، وأما بالليل فقد كان الجو بارداً. وكان الهواء نظيفا نقيا، أما قندهار فقد كان طقسها حاراً بالنهار ومعتدلا بالليل، وأما الهواء فلم يكن صحيا بل كان مغبرا لأن الشوارع لم تكن مرصوفة بل كانت تعلوها الأتربة.
الخروج من كابول

كانت الأحداث في أفغانستان تتسارع بشكل غير متوقع، وأيقن الناس أن كابول ستسقط لا محالة في أيدي الميليشيات الشمالية التي يطلقون عليها لقب المخالفين. كانت الميليشيات الشمالية تنتمي إلى العرق الطاجيكي والفارسي وكان هؤلاء يكنون عداوة شديدة جداً للعرب ويحمّلونهم مسئولية مقتل القائد الأفغاني الطاجيكي أحمد شاه مسعود، لذا فقد كانوا يتحينون الفرصة ويتمنون أسر أي عربي للانتقام لمقتل قائدهم وزعيمهم. فلما أحس العرب بأن الوضع لم يعد آمنا، بدؤوا بالخروج من أفغانستان، وعندها قررت عدم البقاء في العاصمة فخرجت إلى المناطق الريفية على أمل أن أتمكن من مغادرة أفغانستان إذا ساءت الأحوال. وقد صدقت التوقعات، فبعد خروجي من كابول بأيام قليلة، سقطت العاصمة الأفغانية في أيدي الميليشيات الشمالية التي عاثت فيها فسادا ودماراً، وقامت بالانتقام من العرب الذين وقعوا في قبضتهم، وقاموا بقتل العديد من الأفغان من الأصول البشتونية، والذين يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية المحاذية لباكستان. كان الشماليين يقتلون الناس على الهوية وعلى الهيئة، لذا فقط سارع الكثيرون من الأفغان إلى حلق لحاهم ولبس البنطلون بدلا من اللباس الأفغاني التقليدي وذلك حتى يسلموا من القتل والانتقام العشوائي.