عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-03-2001, 08:09 AM
المؤيد الأشعري المؤيد الأشعري غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 226
Post

بسم الله وبه نستعين
وبعد

نكمل ما أنتهينا عنده

أعلموا وفقني الله وإياكم أن علماء المحدثين متقسمين متقدمين ومتأخرين، فالمتأخرين هم من زمن الإمامي البخاري ومسلم وما بعدهما وهم يقولون بالحديث الصحيح وهي وراية عدل ضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة وهذا هو المعني الخاص به وقسموا الأحاديث حسب معانيها الخاصة من صحيح وضعيف وحسن دون الإلتفات إن كان معمول به أم لا أو أنه لا يصلح الإستدلال به، بينما المتقدمين وهم من زمن الشيخين البخاري ومسلم وما قبلهم يرون أن الحديث الصحيح هو المعمول به بغض النظر إن كان صحيح بالمعنى أو حسن أو بعض الضعيف من الأحاديث .

وهذا ما أشار إليه الإمام الصنعاني في بعض مؤلفاته حيث قال:
" إنَّ الحديث الصحيح بالمعني الأخص عند المتأخرين من حوالي زمن البخاري ومسلم وهو ما رواه العدل الحافظ عن مثله من غير شذوذ ولا علة، وبالمعنى الأعم عند المتقدمين من المحدثين وجميع الفقهاء والأصوليين هو المعمول به، فالصحيح الأعم يشمل الصحيح بالمعنى الأخص والحسن وبعض الضعيف .

فإذا قال المحدث من المتأخرين هذا حديث غير صحيح فإنما نفى معناه الأخص باصطلاحه فلا ينتفى الأعم وحينئذ فيحتمل أن الحديث حسن أو ضعيف أو غير معمول به، فيجب لأجل هذا الاحتمال البحث عن الحديث، فإن كان حسنا أو ضعيفا معمولا به كان مقبولا وإن كان ضعيفا غير معمول به كان غير مقبول ولا ترد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمجرد القول المحتمل" انتهى .
هذا القول تجدونه في كتاب "التحفة المرضية" ص 185 - 186

ففي نفس الكتاب ص186 : " وقال السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد الكوكباني شيخ الإمام الشوكاني في بعض مؤلفاته:
(( إذ قال المتأخرون من المحدثين: هذا حديث غير صحيح أو لا يصح، لم يكن معناه أن الإستدلال به مردود ولا أنه غير معمول به، بل لم نجد لهم حرفا مصرحا بذلك، فإذا قال المتأخرون في حديث : إنه غير صحيح أو لا يصح ولم يزد على ذلك، كان قوله مقبولا ثم يبحث عنه فإن كان حسنا أو ضعيفا معمولا به عمل به وإلا ترك)) انتهى .

فعلم من كلامه أن الضعيف اليسير لا يكون سببا في رد الحديث بل ينبغي أن ينظر للعمل .

وبالنسبة أن الضعيف لا يعمل به في الأحكام، فإن ذلك ليس على عمومه لأن الضعيف اليسير ليس مقطوعا في عدم نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول الإمام العلامة المحدث السيد/ عبدالله بن الصديق الغماري رحمه الله في كتابه "القول المقنع" ص4 ما نصه:
" على أن قولهم: لا يجوز العمل بالضعيف في الأحكام، ليس على عمومه، لأن الأئمة عملوا بالحديث الضعيف في كثير من الأحكام، وللحافظ ابن الملقن كتاب جمع فيه الأحاديث الضعيفة التي عَمل بها الأئمه مجتمعين أو منفردين، وتبه على الأبواب الفقهية، وهو جدير بأن يطبع، وفي تدريسي لنيل الأوطار بزاويتنا الصديقية ألفت أنظار الطلبة إلى الأحاديث التي عَمِل بها الأئمة أو الجمهور، وهي ضعيفة مع علمهم بضعفها" انتهى .

ولذلك تجد الأئمة الحفاظ أخذوا الأحاديث الضعيفة المعمول بها وأثبتوها في كتبهم مع علمهم بضعفها ونرى من يشتمونهم من المتعالمين في عصرنا هذا ويصفونهم بالتساهل في الأخذ بالأحاديث، فهذا دليل على جهله وعدم إدراكه لحقيقة الأمور وواقعه .

اما في مسائل الترغيب والترهيب والتي تحدث في فضائل الأعمال والوعظ والزهد فالضعيف هنا من الأحاديث فإنه يعمل به ويتساهل بالأسانيد في هذه الأبواب مع المراعاة بالأمور الآتية .

ان كان الراوي صدوق ثقة في روايته ... فهذا يحتج بحديثه .

إن كان الراوي صدوق ورع ولكن له أخطاء وسهو يعمل بحديث الذي يروية في فضائل الأعمال وغيرها ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام .

وإن كان الراوي من الكذابين الوضاعين ...فهذا يترك حديثه ويطرح ويحذر منه وبين حقيقة أمر ذلك الراوي الوضّاع الكذاب .

إن الأئمة ذكروا في مصنفاتهم التساهل في الفضائل في المقابل التشدد في الأحكام، ولم يفهموا منه إلا العمل، وهو ما صرح به عدد من الحفاظ، كابن الصلاح والنووي والعراقي والزركشي وابن الملقن والحافظ ابن حجر والسخاوي والسيوطي وغيرهم رحمهم الله، فتجدهم يقولون كما يقول الإمام عبدالرحمن بن المحدي والإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله .

فيقول عبدالرحمن بن المهدي " إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام وفي الأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحثات والدعوات تساهلنا في الأسانيد" انتهى .

وقد روى جمّ من السلف وجمع من الخلف فيما يروى عنهم كابن المبارك وابن المهدي وابن حنبل أنهم تساهلوا في رواية الحديث الضعيف الذي في إسناده مقال، إذا كان في الترغيب والترهيب والقصص والأمثال والمواعظ كما يجوز رواية الحديث الضعيف الوارد كما يجوز العمل به عند الجمهور .

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
" إذا روينا عن النبي صلى اله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام شدَّدنا في الأسانيد وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد " انتهى.

ثم بعد ذلك نعرض لكم رأي الألباني ومخالفته للسادة العلماء من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين في هجر الضعيف وعدم العمل به .