[الفاروق]

الرذاذ
سأكذّب دعواك هذه بنفس كلامك فنقول بعد حمد الله:
لو كانت الفطرة دليلا كما تزعم لكانت عبادة الأصنام حقا لأن أطفال اليابان منذ ولادتهم لا يعرفون إلها سوى ذلك الموضوع تارة على التلفزيون وتارة عند باب الخلاء وتارة فوق حافظة الأحذية, وهكذا هم فأتنا بأي ولد منهم يقول بأن الإله في السماء, بل سيسخر منك ومن كلامك لأنه يرى معبوده أمامه له ست أو سبع أو ثمان أيد وأكثر.

أهذه الفطرة الخبيثة التي تزعمها تختلف عن فطرة عنترة عابد اللات والعزى؟ والله العظيم عيب عليك, هل هذا سيكون جوابك يوم القيامة إن سئلت عن دليلك ؟ هل ستقول فطرة عنترة المشرك؟ بئس الدليل إذن.

وأراك كثيرا تردد عبارة مكذوبة وهي أن الولد يقول في طفولته أن الله موجود في السماء وهذا كذب فإن ملايين المسلمين ليسوا كذلك وما ذنب المسلمين أصحاب القلوب الطاهرة من التجسيم والتشبيه إذا ابتلي مجتمعك بهذا الوباء؟

ولأنك مكابر فقط لا غير ولست طالب حق تجاهلت ما نقلته لك عن سيدنا السلطان صلاح الدين وأن الأولاد كانوا يحفظون في الكتاتيب هذه الأبيات فاحفظها فإن الأطفال الذين نعرفهم قلوبهم أنقى من قلبك فلا تشبيه في قلوبهم وهم على معتقد السلطان الفاتح صلاح الدين الذي كسر الكفار:

وصانع العالم لا يحويهِ ---- قطر تعالى الله عن تشبيهِ
قد كان موجودا ولا مكانا ---- وحكمه الآن على ما كانا
سبحانه جل عن المكانِ ---- وعز عن تغير الزمانِ
فقد غلا وزاد في الغلو ---- من خصه بجهة العلو
وأثبتوا لذاته التحيزا --- (( قد ضل ذو التشبيه فيما جوزا)))

فمن أين أتيت بهذه الطامات لتفتري على أطفال المسلمين تارة الأبرياء من هذا الوباء وتارة تستدل بمشرك عابد صنم.

تقول:اللذين في الأرض واعبد الذي في السماء. هل تأتيني بإسناد صحيح فيه هذا اللفظ؟

ثانيا أنت أوقعت نفسك في ما لا مفر منه فإنك تستدل بكلام عنترة على الفطرة وتقول بأن الفطرة يولد عليها الأطفال مع أن عنترة لما قالها لم يكن طفلا بل كان مشركا فما هذا التناقض.

الذي يكذب عنترة ويهدم دعواك قوله صلى الله عليه وسلم: سبحانك أنت الظاهر " فليس فوقك شىء " وأنت الباطن " فليس دونك شىء "

فلو كان في السماء لكان العرش فوقه ولو كان في السماء لكانت الأرض دونه, والرسول عليه الصلاة والسلام حكم بكذب هذا.

فمن أصدق أشرف خلق الله الرسول الصادق أم عابد الصنم عنترة الجاهلي؟

ولقد نقلت لك عقيدة أهل السنة - ولو كنت منهم لما كابرت هذه المكابرة - عن العقيدة الطحاوية وهي عقيدة أهل السنة شئت أم أبيت على طريقة فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان وصاحبيه أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهم أجمعين وفيها:

أحفظها يا رذاذ ولا تكابر إحفظها يا رذاذ ولا تكابر ولا تقدم عليها عنترة المشرك عابد الصنم واللات والعزى, قال الطحاوي:
وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات " لا تحويه الجهات الست كسائر المتبدعات "

أليست السماء مسكن الملائكة؟ أتريد أن يكون الله موجودا مع الملائكة؟ فماذا ينفعك ترديدك للآية: ليس كمثله شىء.؟

والله العظيم عيب عليك وقد ءان لك أن تستحي من رب العالمين.
سبحان من تنزه عن مشابهة المخلوقين الإنس والجن وغيرهم في الأرض والملائكة في السماء, ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر, ومن أبصر هذا اعتبر, وعن مثل قول الكفار انزجر - كقول عنترة المشرك عابد الصنم -

وسأعيد لك تلك الفتوى عن أحد كبار المتقدمين لعل الله يهديك وليس عيبا أن يتواضع الشخص لله تعالى.

قال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الشافعي في المنهاج القويم ص 224:
واعلم أن القرافي وغيره حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك. انتهى

فاعرف حكمك عند أهل السنة, وتواضع لله وتبرأ من عقيدة عابد الصنم عنترة لكي يرفعك رب العالمين.

وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه والحمد لله على الإسلام وعلى عقيدة التنزيه أفضل النعم علينا, فربنا تعالى ليس مخالطا للملائكة في السماء.