إن الحكم على مصير أشخاص بأعيناهم والقول بأنهم في الجنة أو النار جرأة على الله تعالى، وباستثناء الصادق الأمين (صلى الله عليه وسلم) فيما يوحى إليه عن مصير أفراد بأعيانهم كأمية بن خلف مثلاً، لا يملك أحد أن يحكم على أحد، إنما الحكم يكون بالصفة، كأن يقول: المنافق في الدرك الأسفل من النار، أو المستهزئ بالقرآن في النار، أو تارك الصلاة عمداً في النار، ولا يسمي فلاناً أو فلاناً ولو كانوا على هذه الصفة.
وكقوله: المتقون في الجنة، وهكذا، ذلك لأننا لا نعلم علم اليقين بما يختم الله لنا أو لغيرنا.
وفي الحديث الشريف: (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينهاإلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).
أما الدعاء للميت المسلم، فكالصلاة عليه، بل صلاة الجنازة دعاء، ألا ترى أنها تصح بالتيمم إذا ضاق الوقت، وأن لا ركوع فيها ولا سجود؟
ولم يقل أحد ممن يعتد به من أهل العلم أن صاحب الكبيرة لا يصلى عليه، أو أنه مخلد في النار، وإذا جازت الصلاة جاز الدعاء.
ولقد كتم النبي (صلى الله عليه وسلم) أسماء المنافقين، وكان لا يصلي عليهم لأن الله نهاه عن ذلك، ولكنه لم يمنع المسلمين من تجهيزهم والصلاة عليهم، بل وضع بيده الشريفة غصناً رطباً على قبر أحدهم، فلما سئل قال: (لعل الله يخفف عنه) وذلك من رحمته (صلى الله عليه وسلم) بأمته: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
والله تعالى أعلم وأحكم.
|