صُنِّفَ التوحيد عند السلف إلي ثلاثة أنواع علي اعتبار وجود تصنيف مبتدع أحدثه المتكلمون من الأشعرية منذ وقت مبكر وأذاعوه بين الناس وانتشر بحكم السطوة والقربة لدي الساسة والأمراء والخلفاء ، كما حدث من حمقي المعتزلة عندما أداروا البلاد الإسلامية في عهد مجموعة من خلفاء بني العباس فغيروا وبدلوا في معني التوحيد ، هذا في مقابل ضعف السلف وزهدهم وبعدهم عن قصور الخلفاء والأمراء وأصحاب الأهواء ، فالأشعرية قسموا التوحيد إلي ثلاثة أنواع مبنية لا علي أدلة قرآنية ونبوية كما هو الحال عند السلف ولكن علي دلالات عقلية سقيمة وآراء فلسفية باطلة أطلقوا عليها أصول الدين ، قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في بيان أنواع التوحيد عند الأشعرية : ( وأما التوحيد ، فقد قال أهل السنة وجميع الصفاتية : إن الله تعالي واحد في ذاته لا قسيم له ، وواحد في صفاته الأزلية لا نظير له ، وواحد في أفعاله لا شريك له ) .
ففضلا عن ادعائهم أن الأشعرية هم أهل السنة وسلبهم هذا الوصف عن المنتهجين لطريقة السلف ، صنفوا التوحيد إلي ثلاثة أنواع محدثة لا دليل عليها من كتاب أو سنة ، وما هي في حقيقتها إلا محاولة لتعطيل السنة .
فلم يكن بد من رد الفعل الطبيعي لهذا التقسيم المحدث بنشر تصنيف السلف لأنواع التوحيد وإذاعته وتركيز الضوء علي أدلته ، المبنية في جوهرها علي الأصول القرآنية والنبوية ، وسواء صنف التوحيد إلي نوعين أو ثلاثة أنواع فإن الغاية المرجوة عند المخلصين كانت نشر التوحيد الحق رد ما أحدثه الآخرون من الباطل ، وقد ظهرت سلسلة من الردود المتوالية في مؤلفات كثيرة تدافع عن مذهب السلف وتعيد الناس إلي ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الباع الأكبر في ذلك ، فقد أعز الله دينه بهذين الشيخين الجليلين الذين جعلهما الله حربة في قلوب المخالفين لكتابه وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم ، فصنفا حشدا هائلا من الردود والمصنفات في خدمة العقيدة السلفية ، ويمكن القول إن من أتي بعدهما كان عالة عليهما وعلي ما تركاه من مصنفات .
|