شكرا كارينا علي الموضوع.
جميل أن يخرج المرء خواطره إلي الفضاء الأوسع الرحب.
تحياتي وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وإليك هذه الأفكار من أخت أخري.
قطـرات مـن مفكرتـي / تهمتـكـم ..... وطنيـون .]
--------------------------------------------------------------------------------
في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، أفقت على صوت والدي الخافت يحاول إيقاظي من نوم عميق . بعجب نهضت من الفراش و تبعاً لطلبه ارتديت ملابسي الكاملة و خرجت إلى الصالون لأن هناك من يريد التحدث إلي و إلى شقيقي الأصغر...
على الكنبة الموجودة في زاوية الغرفة المنيرة بضوء خافت ، رأيته ، عسكري لا يصغر بعمره عن والدي بالكثير ، يدخن سيجارة "مارلبورو" يتكلم الى أخي الجالس على الكنبة العريضة تحت شباك أحكم والدي إغلاق درفاته مما زاد من عجبي و أنا أعلم أن والدي من محبذي فتح الشبابيك في الليل ، هواء الليل يأتي بالصحة ، على حد قوله .
هذا "فلان" قريبي ، قال والدي يعرفني على الزائر . تبادلنا السلام ، و جلست بالقرب من أخي بانتظار توضيح عن سبب هذه الزيارة المتأخرة ، و لم يطل الإنتظار . بكلمات مقتضبة أعلمنا والدي بأننا سنسافر مع اشراقة الشمس الى (....) لبضعة أيام ، و بأن القريب الكريم سيرافقنا في السيارة إلى المطار لتأمين وصولنا بدون عراقيل . و اختتم والدي بأن قريبه قد وضع نفسه في موقف حرج لمساعدتنا على مغادرة الوطن ، و بأننا سنعود عندما تهدأ الأحوال و لذلك لا داعي للنقاش في القرار الذي اتخذه . بذلك أخرس سلسلة التساؤلات الغاضبة و الرافضة التي بدأت تنساب من فمي .
بهدوء مثير أطفأ الزائر سيجارته ، تنحنح ، و بصوت يشوبه الحنان و الحزم قال أن أسماءنا كناشطين وطنيين قد وُضعت على لائحة (.........) و قد نتعرض "لمشاكل" ما ، و أنه بحكم القرابة ، و بحكم معرفته بأن مبادئنا هي فوق الشبهات ، قرر أن يجنبنا التعرض لأي ظلم قد نواجهه . نظرت الى أخي . في عينيه قرأت أفكاري الرافضة لمغادرة البلد و السفر الى الخارج . عندما نظرت الى والدي رأيت وجهه الكريم يعتصره الخوف و القلق عما قد يحصل لو اننا رفضنا السفر و قررنا البقاء . سألت : اسبوعيـن فقـط ونعـود ؟؟ طبعاً ، طبعاً أجاب والدي ، اسبوعين فقط ، و من الممكن جداً أقل من ذلك ..
سكن الألم دقات قلبي و أنا أسمع التعب والأسى في صوته .
بتثاقل ، نهضت و أخي لتحضير حقائب السفر ، و شاشة من الدموع تغلف عينيّ ...
كان أخي في التاسعة عشر من العمر و كنت في الواحد و العشرين ....و في أواخر شباط 1976 ...
إبتـــــدأ المشــــــوار ...
__________________
السيد عبد الرازق
|