ما الرومانسية
رومانسية
لا يمكن أن ينطبق مصطلح الرومانسية بدقة على حالة ذهنية نوعية أو على زاوية نظر معينة أو على تكنيك أدبي محدد. والرومانسية كحركة، نشأت بطريقة تدريجية جدًا بأوجه متباينة جدًا في أجزاء كثيرة جدًا من أوروبا، بحيث أصبح الوصول إلى تعريف جامع لها ضربًا من المستحيلات. وقد اقترح فيكتور هوغو (1802-1885) في فرنسا أن تكون الفكرة المهيمنة في الرومانسية هي الليبرالية في الأدب وتحرير الفنان من القيود والقواعد التي فرضها الكلاسيكيون وتشجيع الأفكار السياسية الثورية. وفي ألمانيا ذهب هنريخ هايني (1797-1856) إلى أن الوجه المهيمن في الرومانسية هو محاولة إحياء الماضي (العصر الوسيط) في الأدب والفن والحياة. بينما يقترح كاتب أحدث منهما هو وولتر باتر (1839-1894) أن إضافة الغرابة إلى الجمال هو ما يشكل الروح الرومانسية للعصر. وقد أكد كتاب آخرون أن ما يسمى بالمزاج الرومانسي هو رغبة في الهرب من الواقع وخاصة الواقع الكئيب. وتبدي تلك الحركة الرومانسية واسعة الانتشار التي تنتمي إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كلاً من هذه الخصائص. ويمكن أن تسمى الرومانسية لتحديد نوعيتها موقفًا أدبيًا يعتبر الخيال أكبر أهمية من القواعد والعقل (في مواجهة الكلاسيكية) ومن الحس بالواقع والحقيقة (في مواجهة الواقعية).
والرومانسية كما تنطبق على الثورة الاجتماعية والسياسية والأدبية التي اندلعت في أوروبا الغربية من عام 1798 حتى 1832، لها متضمنات سيكولوجية، وتومئ إلى تغيرات في الموقف من التجربة الإنسانية التي ينبع منها الأدب. ومن بين تلك التغيرات التأكيد المتزايد على الفرد في مقابل العرف والتقليد الاجتماعيين، والتأكيد على الغوامض وما هو فائق للطبيعة أي الغرابة والروعة في مقابل الفهم المشترك، وعلى اللا متناهي في مقابل المتناهي، والتأكيد على الخيالي والانفعالي في مقابل العقلي، والنداء الموجه إلى القلب في مقابل النداء الموجه إلى العقل.
ومن ناحية التأثير نجد الرومانسية موقفًا أدبيًا وفلسفيًا يتجه نحو وضع الفرد في مركز الحياة والتجربة، وهي تمثل تحولاً من الموضوعية إلى الذاتية. وتنتمي روايات يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وعبد الحليم عبد الله إلى الرومانسية كما تنتسب أشعار المهجر وجماعة أبوللوإليها.
|