[center]
تفريغ مكتوب لكلمة الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ ونستغفِرُهُ ونستهديهِ، ونَعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنْفُسِنا وسيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ؛ أمّا بَعْدُ:
فقد فرضَ علينا ربُّنا تباركَ وتعالى فريضةً جليلةً فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[1]
وقال مُبَيِّناً فضلَه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[2]
فهنيئاً لكم يا عبادَ اللهِ أنْ بَلَّغَكُمُ اللهُ هذا الشهرَ، وفَسَحَ لكمْ في عمرِكم لِتَسْتَدْرِكُوا ما فاتَكم، وتَلْحقوا من سَبَقَكم.
نعم "كُتبَ عليكم الصيام"، وإن اللهَ الذي قال: "كُتِب عليكم الصيام" هو نفسَهُ من قالَ في قرآنِه الهادي: "كُتب عليكم القتال"؛ ففَرَضَ ربُّ العزةِ عليكمُ القتالَ كما فَرَضَ عليكم الصيام، وأَوْلاكُم أمانةَ نصرِ دينِه وجهادِ أعدائِه؛ فارْبَؤُوا بأنفسِكم عن تضييعِ هذه الأمانةِ، ولا تُلْقُوا بها إلى تَهلُكةِ العمليةِ السياسيةِ أو تُنَكِّسوها في اتفاقياتٍ سريةٍ معَ المحتلِّ وأذنابِه؛ فتكونوا في رَكْبِ المرجفينَ المخذِّلينَ القاعدينَ الذينَ مَوَّهُوا ذِروةَ السنامِ الواضحةَ إلى حُفَرٍ وَوِهادٍ.
أمةَ الإسلام:
إن مشروعَ الجهادِ في بلادِ الرافدينِ يَتَعَرّضُ اليومَ لهجمةٍ شَرِسَةٍ وحربٍ ضَروسٍ على أيادي الغدرِ والخيانةِ، أيادٍ رضيتْ طولَ تاريخِها بثقافةِ الانهزامِ والتَّبَعِيَّة؛ فما تكادُ الأمةُ تَصْحُوْ من كَبْوتِها في مَنطقةٍ حتى يسارعوا إلى القضاءِ على صحوتِها
[1]- (البقرة:183).
[2]- (البقرة: من الآية185).
[font=Simplified Arabic][font=Simplified Arabic][color=black]
الفتيّةِ؛ باسمِ "الدينِ والمحافظةِ على مصالحِ ومكاسبِ المسلمين"، وفي كلِّ مرةٍ يَجِدُ العدوُّ الأجنبيُّ والمحليُّ على حدٍّ سواءٍ في هذه الفتنةِ خيرَ سندٍ لتمريرِ مخططاتِهم.
إننا نحبُّ الصراحةَ وإن كانتْ أحياناً مُرَّة، ولكنْ ينبغي على أمتِنا الغراءِ أن تُدركَ أن "الإخوانَ المسلمينَ" في بلادِ الرافدينِ وعلى رأسِهمُ الحزبُ الإسلاميُّ يمارسونَ اليومَ أشنعَ حملةٍ لطمسِ معالمِ الدينِ في العراق، وخاصةً ذِروةَ سنامِه الجهادَ؛ فبينما نجدُ الأكرادَ يعملونَ جاهدينَ لبناءِ دولتِهمُ الكرديةِ، والروافضَ الحاقدينَ لترسيخِ سيطرتِهم على طولِ البلادِ وعرضِها، وخاصةً مناطقَ الوسطِ والجنوبِ-نجدُ الإخوانَ المسلمينَ بقيادتِهم لجبهةِ "التوافقِ"، يعملونَ بكَدٍّ وجِدٍّ لصالحِ الاحتلالِ، ضاربينَ عُرْضَ الحائطِ كلَّ الدماءِ التي أُزْهِقَتْ والأعراضَ التي هُتِكَتْ والأموالَ التي أُنْفِقَتْ، وطالبينَ بإلحاحٍ فريدٍ بَقاءَ الاحتلالِ ريثما تتوطدُ أركانُ دولةِ الرافضةِ بالعراقِ ويَتِمُّ بناءُ مؤسساتِها العسكريةِ والأمنيةِ.
ومَنْ أَخَذَ البلادَ بغيرِ حربٍ يَهونُ عليه تسليمُ البـلاد
ثم أَوْغَلُوا في لامبالاتِهم بتضحياتِ أهلِ السنةِ الشرفاءِ، فرفعوا لواءَ الحربِ على الجهادِ والمجاهدينَ، بعدَ أنْ أَمَّلَهمُ المحتلُّ –وهو الكذوبُ- بأن الأمرَ سيؤولُ إليهم إذا تم القضاءُ على المجاهدينَ المَوْسُومينَ عندهم بالإرهابيين؛ فابْتَهَجُوا ورحَّبُوا بتأسيسِ مجلسِ ثوارِ الأنبارِ وساندوهم بكلِّ قوةٍ؛ حتى أن الدكتورَ الجامعيَّ وشيخَ جبهةِ التوافقِ "الدليميَّ" رضيَ أن يَحْضُرَ اجتماعاً لهؤلاءِ الخونةِ، يكونُ رئيسُه رجلاً اشْتَهَرَ بكلِّ نقيصةٍ ورذيلةٍ؛ أعني المجرمَ المخذولَ "الريشاويَّ"، بل زادَ ضِغْثاً على إبَّالَةٍ[1] فمَدَحَهُ ومَدحَ مشروعَه، وأثنى عليه وعلى من شاركَه، بينما لم يمدحِ "الدليميُّ" رجلُ الشريعةِ قطُّ استشهادياً واحداً فَجَّرَ نفسَه في قاعدةٍ أمريكيةٍ أو قضى نَحْبَهُ ثَأْراً لدينِ الله والأعراضِ المنتهَكَةِ في سجونِ الطواغيتِ، وفي مقدمتِها سجنُ "أبي غريب".
[1]- مثل عربي، والإبالة: الحزمة من الحطب، والضغث: قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس، ومعنى المثل: بلية على أخرى. من "مجمع الأمثال".
[font=Simplified Arabic]
بل أَسَّسَ الإخوانُ مجلسَ إسنادِ "دَيَالى"، وافتخَرُوا بذلك؛ لضربِ المجاهدينَ والكشفِ عن عوراتِهم أينما وُجِدُوا؛ فشاركَتِ الكتائبُ المسلّحةُ التابعةُ لتيارِ "الإخوانِ المسلمينَ" في هذه الحربِ، فكان في مقدمتِهم "حماسُ العراقِ وجامع"؛ فلم يَتْرُكوا عورةً للمجاهدينَ إلا أَظْهَروها ولا مَخْبَئاً لسلاحٍ يَعْرِفونَه إلا دَلُّوا عليه، ثم في نهايةِ المَطافِ وَقَفُوا جنباً إلى جنبٍ مع المحتلِّ في قتالِنا وبلباسِهمُ المدنيِّ، لكنَّ المحتلَّ مَيَّزَهم بِشَارَةٍ على أكتافِهم حتى لا يَخْتَلطُوا عليه معَ المجاهدينَ؛ وبلغَ الأمرُ أنْ زكَّاهُم وأثنى عليهمُ القائدُ الأمريكيُّ في بعقوبا المسمى "سلفر لاند" فقال: [إن كتائبَ ثورةِ العشرينَ هي حرسُ بعقوبا، وعادةً يكونونَ هم الطليعةَ في قتالِنا للإرهابيينَ، ولدينا ثقةٌ كبيرةٌ بهم وبقادَتِهم، وسوفَ نعملُ على إدخالِهم في الشُّرْطةِ والجيشِ العراقي] انتهى كلامُه، وهم في الحقيقةِ "حماسُ العراقِ أو الكتائبُ سابقاً".
واستمال "الزكم" طائفةً كبيرةً من كتائبِ ثورةِ العشرينَ في مناطقِ "أبي غريب وزوبع" لِحربِ المجاهدينَ وبكافةِ أطيافِهم، وجنباً إلى جنبٍ مع الأمريكيِّ والحرسِ الوطنيِّ الرافضيِّ، فهَتَكُوا الأعراضَ وسَرقُوا الأموالَ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولقد نَوَّهَ أكثرَ من مرةٍ قادةُ هيئةِ علماءِ المسلمينَ إلى هذه الجريمةِ وحذّروا مراراً من الخديعةِ الأمريكيةِ، وطلبُوا من هؤلاءِ الخَونةِ الرجوعَ إلى مشروعِ المقاومةِ، ولكنْ لم يُجْدِ إلى الآنَ نَفْعاً.