بسم الله الرحمن الرحيم
تعليق على رسالة الشيخ سلمان إلى قاهر الصلبان
رابط الموضوع في الموقع :
http://www.islamtoday.net/albasheer/...t.cfm?id=73974 ، بتاريخ : 3/9/1428 الموافق 15/09/2007)
وكالعادة مع مثل هذه الكلمات ، فإن أصل الكلام سيأتي في فقرات بين معقوفين [...] ثم التعليق على كل فقرة أسفل منها ، إن شاء الله.
جاء في موقع الشيخ سلمان العودة : ["وجه فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة - المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم - رسالة إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الذكرى السادسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، يسأله فيها عن جدوى أعمال العنف التي انتهجتها القاعدة منذ 11 سبتمبر 2001 وحتى اليوم في العديد من بلدان العالم. مؤكداً له أن أصوات العلماء والدعاة والمخلصين المشفقين تعلن: "اللهم إننا نبرأ إليك مما يصنع أسامة".]
إن من قدر الله أن يأتي هذا الكلام عن هذه الحادثة في رمضان ليذكرنا بحادثة مشابهة وقعت في غابر الزمان : وقعة اسمها الفرقان ، يوم التقى الجمعان ، وقعة بدر الكبرى حينما قصد النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مفاصل إقتصاد القوة العظمى في جزيرة العرب ، فأغار على قوافل المشركين وكان قدر الله أن تقع تلك المعركة الفاصلة بين الحق والباطل بعد طول زمان وصولة للباطل في كل مكان .. هي ذات الفكرة التي انطلق من أجلها التسعة عشر لضرب المفاصل الإقتصادية للقوة البشرية العظمى في الأرض فجاء قدر الله لتقوم معركة الحق والباطل من جديد فيدفع أهل الحق باطل الكفر لتنجو الأرض من الفساد ، وتلك سنة الله التي لا تتحول ولا تتبدل رغم أنف أهل العناد ..
أما قول الشيخ سلمان : "أعمال العنف" ، فهذا من باب تسمية الأشياء بغير مسمياتها ، والإسم الشرعي هو "الجهاد" ، وفعل الشيخ أسامة ومن معه من المجاهدين هو "جهاد دفع" وهو فرض عين بنص كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع كل من يُعتد به من علماء المسلمين ، وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من العلماء ، منهم شيوخ الشيخ سلمان (رحم الله ميتهم وفك أسر حيّهم) ..
أما ادعاء الشيخ بأن "أصوات العلماء والدعاة والمخلصين المشفقين تعلن : اللهم إننا نبرأ إليك مما يصنع أسامة" فهذا من الإفتراء على العلماء والدعاة والمخلصين والمشفقين في الأمة ، وإن كان مَن حوله يزعمون هذا ، فهذا شأنهم ، ولكن التعميم ليس في محله ، فكم من عالم ومخلص وداعية يدعوا للشيخ أسامة عن ظهر الغيب وفي خاصة أصحابه ، ولو لم يكن الدعاة والمخلصون يخافوان من هؤلاء الحكام لسمعنا اسم أسامة على أكثر منابر الأرض ، ولا يظنن الشيخ سلمان بأن أهل الإخلاص هم من حوله فقط ، بل هناك عشرات الملايين من المخلصين في جميع أرجاء الأرض من علماء ودعاة وعامة (رجال ونساء وشيوخ وعجائز) يدعون للشيخ أسامة في سجودهم وأدبار صلواتهم .. وهل تتوجه القلوب إذا قال الإمام "اللهم انصر المجاهدين في كل مكان" إلا إلى أسامة وإخوانه !! وأكبر دليل على صدق هذا القول : زيادة محبي أسامة كل يوم ، ونقصان أتباع مخالفيه ..
وأما قول الشيخ سلمان "اللهم إننا نبرأ إليك مما يصنع أسامة" ، فنحن نقول بملء فينا "اللهم إنا نبرأ إليك مما قال سلمان ، ونسألك ربنا أن تبلغنا بعض ما فعله أسامة بأعداء ديننا" ، هذا إذا لم يكن الشيخ احتكر الإخلاص والإشفاق لنفسه ومن حوله ..
جاء في موقع الشيخ سلمان [ويقول العودة في خطابه الذي وجهه إلى زعيم تنظيم القاعدة: "أخي أسامة، كم من الدماء أريقت؟ وكم من الأبرياء والشيوخ والأطفال قتلوا وشرّدوا تحت اسم القاعدة؟ أيسرك أن تلقى الله وأنت تحمل عبء هؤلاء على ظهرك؟ من المسئول عن شباب وفتيان في مقتبل أعمارهم وفي نشوة حماسهم، ذهبوا في طريق لا يعرفون نهايته؟ وربما ضلت بهم هذه السبل، وغابوا في متاهات لانهاية لها ".]
أقول : شيخنا سلمان : هذا كالذي يريد سد شعاع الشمس بيده !! من الذي قتل الأبرياء !! ومن الذي أراق الدماء !! أتعجز يا شيخ سلمان أن تقول "بوش وإخوانه" !! هل احتل بوش العراق بإسم "القاعدة" أم بإسم "أسلحة الدمار الشامل" !! العهد لا زال قريب ولم ننسى تصريحات بوش وبلير ورامسفيلد وكولن باول وكونداليسا رايس عن العراق بعد !! ألا تنتظر حتى تذهب عقولنا ويقدُم العهد ثم تُلقي بما شئت على شيخنا أسامة حفظه الله !!
أما قولك " وكم من الأبرياء والشيوخ والأطفال قتلوا وشرّدوا تحت اسم القاعدة؟" فهذا من التلبيس ، بل كل هؤلاء ماتوا تحت اسم الصليبية الحاقدة ..
وأما قولك لشيخنا حفظه الله "أيسرك أن تلقى الله وأنت تحمل عبء هؤلاء على ظهرك" ، فالله يعلم الحقائق ، وهو الذي يحاسب الخلق ، وهو يسمع ويرى ، ولم نقرأ في كتاب الله أن الله توعد المجاهد في سبيله إذا قتلَ النصارى المسلمين !! مَن أحق بالخوف يا شيخ سلمان : رجل قال الله في أمثاله {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (البقرة : 218) أم من قال الله له {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء : 75) ، فجلس في بيته فتوعده الله بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (التوبة : 38-39) !! ، فإلقاء مثل هذا اللوم على الشيخ أسامة هو من قبيل اتهامه بتسببه في موجة "تسونامي" قبل بضع سنوات ، كلاهما من قدر الله : ليميز الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب والمجاهد من الدعي ..
أما قولك "من المسئول عن شباب وفتيان في مقتبل أعمارهم وفي نشوة حماسهم، ..." ، فماذا تقصد بمقتبل العمر !! إن كنت تقصد رجلاً بالغاً عاقلاً مكلفاً يحاسبه الله على أفعاله ، فهؤلاء قد حكم الله بأنهم مسؤولون عن أفعالهم إلا إن كانت المسألة "جبرية" !!
لقد اختار هؤلاء الرجال بيع دنياهم بمقتضى إرادتهم وهم مسؤولون عن أفعالهم مكلّفون سمعوا قول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (الصف : 10 – 13) ، فرخصت في أعينهم بضاعتهم لعظم المشتري والمقابل ، وكثير من هؤلاء الشباب أسن من أسامة بن زيد رضي الله عنه لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على جيش فيه شيوخ المهاجرين والأنصار ، أم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخطئا لما أذن لابن عمر وأقرانه بالقتال وهم دون الخامسة عشر !!
لا يا شيخ سلمان : أسامة ليس مسؤولاً عن هؤلاء الرجال ، بل هو عامل بقول الله تعالى {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} (النساء : 84) ، فقد قاتل في سبيل الله (نحسبه كذلك والله حسيبه) ، وحرّض المؤمنين ، فالله لا يكلفه إلا نفسه ، أما من استجاب للتحريض على الجهاد فهو مأجور مشكور ، ومن تخلف فهو آثم لتخلفه عن فرض فرضه الله عليه رغم وجود الداعي إليه ، ولعل دعوة اسامة وتحريضة حجة على المسلمين اليوم ..
وأما قولك "ذهبوا في طريق لا يعرفون نهايته؟ وربما ضلت بهم هذه السبل، وغابوا في متاهات لانهاية لها" فنقول : سبحان الله ، وهل تعرف أنت نهاية يومك هذا !! الله سبحانه تعالى يقول {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (التوبة : 120) ، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم "إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه " .( قال الألباني : أخرجه وكيع في الزهد وعنه أحمد والقضاعي في مسند الشهاب وسنده صحيح على شرط مسلم) . لقد ترك هؤلاء الشباب حياة الذل والهوان والعبودية للبشر واختاروا طريق العزة والكرامة والتوحيد الخالص فبدلهم الله سبحانه وتعالى : طمأنينة مكان خوف ، وسكون مكان اضطراب ، وسرور مكان هم وغم ، وهذا لا يدركه إلا من جاهد في سبيل الله ..
أتريدهم أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير فيوافقوا إخوان القردة والخنازير !! نحن نعيذك بالله أن تكون ممن قال الله فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (آل عمران : 156) ، ما ضرك لو مات الشباب في سبيل الله كما مات أسلافهم من الصحابة والتابعين !! أليس ذلك خير من ميتتهم تحت عجلات السيارات ، أو بإبر المخدرات ، أو كمداً وحسرة على حال أمتهم المخذولة ..
جاء في اللقاء [ويواصل الشيخ العودة حديثه الموجه إلى أسامة بن لادن على الهواء مباشرة ضمن برنامج حجر الزاوية اليومي فيقول: "إن صورة الإسلام اليوم ليست في أفضل حالاتها، لقد تحدّث الناس في العالم أن المسلمين يقتلون من لا يدين بدينهم، وتحدثوا أن السلفية تقتل من لا يدينون بها من المسلمين. أخي أسامة لقد ترك النبي عليه الصلاة السلام قتل المنافقين الذين نزل خبرهم في القرآن، خشية أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه ".]