السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اليوم الثامن من أيام رمضان
ـ الخروج لغزوة بدر:
في اليوم الثامن من رمضان في السنة الثانية تحرك النبي صلى الله عليه وسلم باتجاه قافلة قريش الكبيرة القادمة من الشام محملة بالأموال والأقوات.
قال في البدء والتاريخ (4/186) :
ـ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لثمان خلون من شهر رمضان، وبعث بعدي بن أبي الزغباء وبسبس بن عمرو يتجسسان خبر أبي سفيان، فجاءا حتى نزلا ببدر فوجدا الخبر بأن العير ستقدم غدا أو بعد غد، فانصرفا بالخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأقبل أبو سفيان حتى وقف على مناخهما ففتَّ أبعار بعيريهما فقال:
ـ علائف يثرب والله.!!
فانصرف وضرب وجه العير عن الطريق وساحَلَ به ، ونزل بدراً على سيارة (مر بسرعة) وأرسل إلى قريش :
ـ إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم وقد نجاها الله فارجعوا .
فقال أبو جهل : لا نرجع والله حتى نرد بدراً ـ وكان موسماً من مواسم العرب ـ فنعكف عليها ، وننحر الجزور ، ونسقى الخمور وتعزف علينا القيان ، وتسمع العرب بنا وبمسيرنا هذا ، فلا يزالون يهابوننا أبداً.
فرجع طالب بن أبي طالب والأخنس بن شريق في مائة (من قريش) وسار الباقون وهم تسعمائة وخمسون رجلا من أشراف قريش وأعلام العرب ، حتى نزلوا بالعدوة القصوى من وادي بدر.
ـ عرس المأمون على بوران:
وفي اليوم الثامن من رمضان سنة 210هـ بدأت مراسم وحفلات عرس لم تشهد الدنيا له مثيلاً من قبل !!! إنه حفل زواج الخليفة العباسي المأمون ببوران بنت وزيره الحسن بن سهل ، الذي سارت بذكره الركبان واعتبر أحد الأعراس التاريخية النادرة.
قال الطبري (5/172) وابن الجوزي (المنتظم 10/216) وفي هذه السنة بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل ، وقد شخص المأمون من بغداد إلى معسكر الحسن بن سهل بفم الصلح راكبا زورقاً ، حتى أرسى على باب الحسن وكان العباس بن المأمون قد تقدم أباه على الظهر (الخيل) فتلقاه الحسن خارجاً عسكره في موضع قد اتخذ له على شاطىء دجلة بني له فيه جوسق (قاعة) فلما عاين ابنُ الخليفة العباسُ بن المأمون الوزيرَ الحسن بن سهل ثنى رجله لينزل عن دابته ، فقال له الحسن:ـ بحق أمير المؤمنين لا تنزل . واعتنقه وهو راكب.
ووافى المأمون بعد ذلك وقت العشاء ، فلما كان في الليلة الثالثة دخل على بوران وابتنى بها ليلته ، ونثرت عليه جدتها ألف درة كانت في صينية ذهب ، وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منّا في تور ذهب ، وأقام المأمون عند الحسن سبعة عشر يوما يعد كل يوم يوم ولجميع من معه جميع ما يحتاج إليه. وخلع الحسن والد بوران على القواد على مراتبهم، وحَمَلهم ووصلهم ، وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم .
وذكر بعض الرواة أن الحسن بن سهل كتب رقاعاً فيها أسماء ضياعه ونثرها على القواد ، وعلى بني هاشم فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة أعطاه إياها...
فلما انصرف المأمون شيعه الحسن ثم رجع إلى فم الصلح.
وعن محمد بن موسى الخوارزمي قال: خرج المأمون نحو الحسن بن سهل إلى فم الصلح لثمان خلون من رمضان ، ورحل من فم الصلح لتسع بقية من شوال سنة عشر ومائتين.
ـ هزيمة قاسية للقائد العباسي زهير بن المسيب:
وتذكر كتب التاريخ (تاريخ ابن خياط 1/467) ان زهير بن المسيب وكان من كبار قواد العباسيين الذين انتصروا في معارك عديدة لحقت به في يوم الثامن من رمضان هزيمة غير متوقعة.
يقول الطبري في تاريخه (5/122) في سنة 199هـ وجه الحسن بن سهل وزيرُ المأمون زهيرَ بن المسيب في أصحابه إلى الكوفة التي كان ابن طباطبا قد أخذها من واليها سليمان بن أبي جعفر المنصور ، فلما بلغ الخبر الحسن بن سهل عنف سليمان وضعفه ، ووجه زهير بن المسيب في عشرة آلاف فارس وراجل.
فلما توجه إلى الكوفة وبلغ أهلها خبر شخوصه إليهم ، فلم تكن لهم قوة على الخروج للقائه ، فأقاموا حتى إذا بلغ مشارف الكوفة ـ في منطقة يقال لها صعنبا ـ نزلها ثم واقعهم من الغد فهزموه واستباحوا عسكره وأخذوا ما كان معه من مال وسلاح ودواب وغير ذلك .
وكانت هزيمة زهير يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر رمضان.
ـ الملك السلوجكي طغر لبك ينقذ الخليفة العباسي:
وجاء في البداية والنهاية لابن كثير (12/90) أن الملك أبا طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق طغر لبك ـ الذي كان اول ملوك السلاجقة ـ توفي في ثامن رمضان سنة 455هـ وله من العمر سبعون سنة ، وكان له في الملك ثلاثون سنة، منها في ملك العراق ثمان سنين.
كان خيّراً محافظاً على الصلاة في أول وقتها، يديم صيام الاثنين والخميس، حليماً عمن أساء إليه كتوماً للأسرار ، ملك في أيام مسعود بن محمود عامة بلاد خراسان.
وكان له فضل كبير على الخلافة العباسية أيام القائم بأمر الله الذي ثار عليه وزيره الباطني البساسيري وخلعه من الخلافة ، ورحله إلى حديثة عانه ، فاستدعى الخليفة القائم طغرلبك السلجوقي فلبّاه ، ودخل بغداد وقتل البساسيري ورد الخليفة القائم من حديثة عانه وتزوج ابنة الخليفة (المنتظم 8/234) وتوفي بالري يوم الجمعة ثامن رمضان سنة 455 للهجرة.
ـ فيضان خطير في دجلة:
ويسجل ابن الجوزي في المنتظم (10/244) في حوادث سنة 569هـ ظاهرة فيضان نهر دجلة والمخاطر الناجمة عنه... يقول:
ـ وفي غرة رمضان زادت دجلة زيادة كثيرة، ثم تفاقم الأمر وجاء مطر كثير في ليلة الجمعة ثامن رمضان ، ووقع في قرى حول الحظيرة ( دار الخلافة ) ، وفي الحظيرة بَرَدٌ ما رأوا مثله، فهدم الدور، وقتل جماعة من الناس، وجملة من المواشي ، وحدثني بعض الثقات أنهم وزنوا بردة فكان فيها سبعة أرطال (في حدود كيلوين) وكانت عامته كالنارنج يكسر الأغصان ، وساخت الدور ، ثم زاد الماء بعد ذلك على كل زيادة تقدمت منذ بنيت بغداد بذراع وكسر ، وخرج الناس وضربوا الخيم على تلال الصحراء ، ونقلوا رحالهم إلى دار الخليفة وبات عليهم الجند ، وتولى العمل الأمير قيماز بنفسه وحده .
ثم انفتح يومئذ بعد العصر فتحة من جانب دار السلطان وساح الماء فملأ الجوادّ، ثم سد بعد جهد ، وبات الناس على يأسٍ يضجون بالبكاء والدعاء ، ودخل نزيز الماء من الحيطان فملأ النظامية والتتشية ومدرسة أبي النجيب وقيصر وجميع الشاطئات ، ومن هذه المواضع ما وقع جميعه ، ومنه ما تضعضع
وكثر نزيز الماء في دار الخلافة وامتلأت السراديب ، ونبع الماء من البدرية فهلكت كلها وغلقت أبوابها ، ونبع في دار البساسيري ودرب الشعير من البلاليع ودخل الماء إلى المارستان ، وعلا فيه ورمى عدة شبابيك من شبابيكه الحديد ، ولم يبق فيه من يقوم بمصلحته إلا المشرف على الحوائج، وامتلأت مقبرة أحمد كلها ، ولم يسلم منها إلا موضع قبر بشر الحافي لأنه على نشز... الخ .ولحق ببغداد نتيجة تلك الفيضانات والأمطار المروعة أشبه ما يكون بوصف الدمار الشامل .
ـ نزول الملك الظاهر بيبرس على صفد:
وجاء في شذرات الذهب (3/314) في حوادث سنة 664هـ
ـ فيها غزا الملك الظاهر (بيبرس) وبث جيوشه بالسواحل (وهو يطارد فلول الغزاة الصليبيين في فلسطين) فأغاروا على بلاد عكا وصور وحصن الأكراد ، ثم نزل على صفد في ثامن رمضان ، وأخذت في أربعين يوماً بخديعة ، ثم ضربت رقاب مائتين من فرسان الغزاة، وقد استشهد على صفد خلق كثير من المسلمين.
ـ زلازل شديدة وكواكب منقضة:
ويورد ابن الجوزي في المنتظم (6/31) أنه في سنة 289هـ كثرت الزلازل، فكان في رجب زلزلة شديدة، وانقضّت الكواكب لثمان من خلون من رمضان من جميع أنحاء السماء في وقت السحر ، وكان هذا شيئاً مخيفاً مهولاً .
يقول: فلم نزل على ذلك إلى أن طلعت الشمس!!.
ـ محدث الأندلس بن بشكوال:
وفي سنة 578هـ (شذرات الذهب 2/262) توفي أبو القاسم بن بشكوال الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها
سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما ، وأجاز له أبو علي الصدفي وسمع العالي والنازل ، وكان سليم الصدر كثير التواضع.
ألف ابن بشكوال خمسين تأليفا في أنواع العلوم منها : الحكايات المستغربة ، وغوامض الأسماء المبهمة، ومعرفة العلماء الأفاضل ، والقربة إلى الله بالصلاة على النبي ، وجزءً ذكر من روى الموطأ عن مالك رتبهم على حروف المعجم فبلغوا ثلاثة وسبعين رجلاً.
وله كتاب المستعينين عند المهمات والحاجات وما يسر الله لهم من الإجابات
ولي قضاء بعض جهات أشبيلية ، ثم ترك القضاء لإسماع العلم، توفي يوم الثامن من رمضان وله أربع وثمانون سنة.
ـ عبد العزيز الأنصاري الحموي أديب ذكي:
وفي عام 662 (شذرات الذهب 3/309) توفي شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الدمشقي ثم الحموي الشافعي الأديب ، ولد بدمشق سنة 586 وكان مفرط الذكاء له محفوظات كثيرة وفضائل شهيرة وحرمة وجلالة ، لين الجانب ، يكرم من يعرف ومن لا يعرف .
مات يحماه ودفن بظاهرها في ثامن رمضان في تربة كان أعدها له.
ومن بديع شعره:
سبى فؤادي فتّانُ الجمال إذا طلبت شِبْهاً له في الناس لم أصب
قرأت خط عذاريه فأطمعني بواو عطفٍ ووصلٍ منه عن كثبِ
وأعربت لي نون الصدغ معجمة بالحال عن نجح مقصودي ومطلبي
حتى رنا فسبت قلبي لواحظه والسيف أصدق أنباء من الكتب
ـ دخول القاضي الملكي ابن عسكر مصر:
وينقل لنا ابن كثير (البداية 14/262) أنه في صبيحة يوم الاربعاء ثامن شهر رمضان سنة 759 دخل القاضي المالكي من الديار المصرية (أي وصل إلى دمشق أول تعيينه) فلبس الخلعة السلطانية يومئذ ، ودخل المقصورة من الجامع الأموي ،وقرئ تقليده هناك بحضرة القضاة والأعيان قرأه الشيخ نور الدين بن الصارم المحدث.
وهذا القاضي المالكي هو شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عسكر العراقي البغدادي ، قدم دمشق مراراً ، ثم استوطن الديار المصرية بعدما حكم ببغداد نيابة عن قطب الدين الأخوي، ودرس بالمستنصرية (ببغداد) بعد أبيه، وحكم بدمياط أيضاً، ثم نقل إلى قضاء المالكية بدمشق.
ـ ولادة الخليفة العباسي المقتدر:
وممن ولد في الثامن من رمضان الخليفة المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الذي تولى الخلافة بعد المكتفي.
ولد في عام 282هـ يوم الثامن من رمضان ، وتولى الخلافة سنة 295 وعمره ثلاث عشرة سنة ، وكثر كلام الناس فيه ، واستصغره وزيره ابن الفرات وكاد أن يطيح به لولا أن الموت داهمه وتم أمر المقتدر (الكامل 6/439).
ـ وصول صلاح الدين إلى مخيمه حول القدس:
وفي الثامن من رمضان وصل صلاح الدين الأيوبي إلى مخيمه حول القدس بعد أن اضطره ضعف رجاله إلى القيام بعمل لم يكن يرغب فيه، وهو تخريب مدينة عسقلان بأكملها ، بعد أن أصحبت هدفاً سهلاً للفرنجة، وعجز جيشه عن حمايتها.
يقول ابن الأثير (الكامل 10/209) أمر بتخريبها وألقيت حجارتها في البحر، وهلك فيها من الأموال والذخائر التي للسلطان والرعية مالا يمكن حصره، وعفى أثرها حتى لا يبقى للفرنج في قصدها مطعم.