عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-01-2001, 04:36 AM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

فتح عمورية

مناسبة القصيدة:
قال أبو تمام هذه القصيدة في مدح المعتصم بعد فتح عمورية سنة 223هـ (837م)، وهي مدينة من أعظم بلاد الروم في آسيا الصغرى، يقال أن تيوفيل بن ميخائيل ملك الروم آنذاك خرج إلى بلاد المسلمين، فبلغ (زبرطة) وهي مدينة بين ملطية وسميساط، وفيها ولد المعتصم، فاستباحها قتلا وسبيا، ثم أغار على ملطية.

وبلغ المعتصم أن هاشمية صاحت وهي في أيدي الروم : ( وامعتصماه !) ، فأجاب وهو على سريره: (لبيك ... لبيك )، ونهض ونادى بالنفير وسار إلى عمورية، وحاصرها، فخرج إليه خائن من أهلها، ودله على ضعف في السور، فرمى المعتصم السور بالمنجنيق فتصدع، فدخلها المسلمون .

وكان أبو تمام في صحبة المعتصم وشهد الوقعة، وكان المنجمون قد زعموا أن الزمان لا يوافق الفتح، وزعم الروم أيضا أنهم يجدون في كتبهم أن المدينة لا تفتح إلا في الصيف، ففتحها المعتصم قبل قدوم الصيف، وكان قائد الروم قد حاول أن يدفع مالا للمسلمين لقاء رجوعهم عن المدينة، ولكن المعتصم أبى، وقال المنجمون للمعتصم بأنهم يجدون في كتبهم أنها لا تفتح إلا في وقت نضج التين والعنب .

وهذه القصيدة هي أجود قصائد أبي تمام.

أخي السلاف:
أنا أقترح النموذج التالي من النقد:

الشرح:

1- السيف أصدق أنباء من الكتب . . . في حده الحد بين الجد واللعب

اللغة:
الحد الأولى: حد السيف، والحد الثانية: الفاصل .
أنباء : أخبارا.

المعنى:
يقول أن أخبار السيف أصدق من أخبار الكتب، وأن حده القاطع هو الذي يقرر نتائج الحروب.

البلاغة:
في البيت جناس بين كلمة الحد الأولى بمعنى السيف، والثانية بمعنى الفاصل، وفيه طباق بين كلمتي جد ولعب، وفيه تصريع، لأن الشطر الأول له نفس قافية القصيدة، وفي البيت تهكم على المنجمين، يظهر فيه تشفيه بعد ظهور كذبهم، وفيه أيضا تشخيص بنسبة الصدق والفعل والإنباء للسيف والكتب، كما يوجد فيه إيجاز في التعبير عن المقصود.


2. بيض الصفائح لا سود الصحائف في .... متونهنّ جلاء الشك والريب

اللغة:
الصحائف: أي الكتب، المتون: الظهور، الجلاء: الإيضاح، الريب: جمع ريبة وفي الشك.

المعنى:
إن السيوف وليست الكتب هي التي تزيل الشك والريبة في معرفة نتائج الحروب.

البلاغة:
في هذا البيت طباق بين بيض وسود، وجناس ناقص بين صفائح وصحائف، وطباق بين كلمتي جلاء وشك، والبيت في معناه توكيد للبيت الأول إلا أن فيه صورا جديدة، لتأكيد الضدين، وكلمة متن استعارة فيها تشخيص السيف بحيوان له متن .

3. والعلم في شهب الأرماح لا معة .... بين الخميسين لا في السبعةالشهب

اللغة:
الشهب الأولى : جمع أشهب وهو ماكان لونه الشهبة وهو بياض يخالطه سواد، والشهب الثانية: جمع شهاب وهو الكوكب، وهنا يقصد بالسبعة الشهب الكواكب السيارة، والخميسان: مثنى خميس وهو الجيش، وسمي كذلك لأنه خمس فرق ، المقدمة، والساقة ، والميمنة، والميسرة، والقلب.

المعنى:
إنما يقرر نتائج المعارك الرماح الشهباء بين الجيشين المتحاربين لا النجوم الشهب السبعة، التي كان يزعمها المنجمون.

البلاغة:
في البيت جناس بين الشهب الأولى والشهب الثانية، وقد يكون في اختيار اسم الخميس للجيش رغبة في المناسبة مع العدد سبعة.

4. أين الرواية بل أين النجوم وما .... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

اللغة:
الزخرف: القول الكاذب المنمق.
الرواية: هي ما روي في كتب الروم من أن المدينة لن تفتح.

المعنى:
يخبرنا أبو تمام في أبيات القصيدة الأولى أن النصر كان للمعتصم، وأن روايات المنجمين وكتب الروم كذبت، باستفهام استنكاري مفاده التهكم، وهي أيضا يسجل في التاريخ الواقع الاجتماعي من استشارة الناس للمنجمين، وسماعهم لأكذايبهم.

البلاغة:
كلمة صاغوه: استعارة تبعية.

5. تخرصا وأحاديثا ملفقة .... ليست بنبع إذا عدت ولا غرب

اللغة:
التخرص: الكذب، الملفقة: المختلقة، النبع: شجر صلب ينبت في رؤوس الجبال، والغرب: نبات رخو ينبت على الأنهار، وكلمة تخرصا حال من الضمير في صاغوه في البيت السابق.

المعنى:
هذا البيت تتمة للبيت السابق ، يعيد فيه الشاعر نفس المعنى ، والشاعر يعطي لكذب المنجمين صورة ملموسة في عدم تشبيهها بشجر النبع المتين ولا بالغرب الرخو اللين ، فهي أكاذيب لا أصل لها.

البلاغة:
في البيت تجسيم للأفكار والأقوال، حيث يشبهها بأصناف الشجر.

(شرح الأبيات الخمسة التالية يتبع – بالاستعانة بكتاب الرائد لنعيم الحمصي وديوان أبي تمام من إصدار دار كرم بدمشق)

عمر مطر
الرد مع إقتباس