الموضوع: حكمة الفيل
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 23-06-2000, 06:51 PM
عبدربه عبدربه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 282
Post حكمة الفيل

يبدو لي "الفيل" مخلوقا عجائبيا وسط مخلوقات الغابة .
إنه ليس النمر في نزقه و غدره.
و ليس الأسد في استعراض القوة و نزوات البطش.
و هو بطبيعة الحال، ليس الثعلب في مكره أو الذئب في تطفله على فتات موائد الكبار.
الفيل بارد هادئ واثق الخطو قادر على الألفة و التآلف، و قادر في نفس الوقت على أن يعرض هيبته و يوحي بالاحترام كما يوحي بالطمائنينة في غير عجز.
غير أنني قرأت أخيرا ما أكد لي حكمة هذا الجسم الكبير الضخم.
فللفيل ستة أضراس في كل فك، يتحكم في تشغيلها على مدار عمره، فهو لا يستعمل إلا ضرسين اثنين في مرحلة، وعندما يتلفان يستعمل ضرسين آخرين حتى يتلفا،فإذا وصل إلى آخر ضرسين، يعرف الفيل أن نهايته قريبة، ويبدأ الاستئناس إلى ما بعد الحياة، منتظرا بنفس الهدوء، والسكينة و الوقار موته.
حين قرأت هذا الخبر القادم من بلاد الهند الحكيمة، رثيت للإنسان الذي لا يستطيع أن يدرك، حتى حين تتساقط كل أضراسه وكل أسنانه أنه يقبل على انتقالة كبرى،حيث لا ينفع المال ولا البنون ولا السلطة ولا الجاه.
بعض الناس،ولعلني منهم،يتصورون أن أداء عمرة يكفي لإسقاط ذنوب أكل مال اليتيم والسطو على المال العام و الاثراء غير المشروع.
وبعض الناس يتصورون أن الصلوات الخمس يمكن أن تسقط من رقابهم الإساءة التي تلحق عبتد الله منهم،أو أحكاما جائرة يتورطون في إصدارها على الآخرين، أو طاعة مخلوق في معصية الخالق.
إنها المقايضة في صورتها المخادعة التي لا يمكن أن تخدع أحدا.
اللباس لا يصنع الراهب،كذلك جلباب يوم الجمعة ويوم العيد وفي أيام رمضان.
ولست واعظا ولا وصيا على أحد،لكنني أشاهد أحيانا التلفزة، يعجبني كلام الرجل فيها حتى اللحظة التي يبدأ في إجزاء الشكر للسيد الوالي والسيد العامل (المحافظ) وللسلطات المحلية،حينذاك أمد الرجلين معا وأقفل الجهاز مستعيذا بالله من درجة النفاق التي يوصلنا إليها،رغم سقوط كل أسناننا وأضراسنا،طمع في دنيا زائلة.
عبد الجبار السحيمي – "بخط اليد" –جريدة العلم (1996 )
الرد مع إقتباس