أخي الحاوي
قصيدتك على قلة أبياتها جبل شامخ، وحسبي أن أحاول تسلق سفحه والرنو إلى قمته، ناهيك عما فوق قمته وهو الجزء المتمثل في الأبيات الأخيرة التي يندر من يستطيع صياغة مثلها مؤكدا بالحذف ما لا تملك أدوات التوكيد بلوغه مهما تذرعت بتعابير البلاغة.
فخر لي أن أتسلق بعض سفوح قصيدتك، وأسمح لي باستعارة خاتمتها التي لا أظنها تحاكى.
يا باعث الذكرى بقلبٍ كم تظاهر بالشفاءْ
مما له رسمت عيونٌ كنّ في الدنيا الضياءْ
كم قد تظاهر أنه قد أفلتته يد الشقاءْ
لكنه ما زال مشدودا بها صبحَ (ا) مساءْ
في زورقٍ وقوامه الحرفان من حاءٍْ وباءْ
واليمُّ نقطة دمعةٍ، أواهُ من موجِ البُكاءْ
(متفرداً تتساءل الأحداقُ حولي ما الخبرْ)
إني ليسبيني الحبيب برمش عينٍ إن نظرْ
ما إن أطقت فراقه أو طاب لي عنه السفرْ
حتى إذا ماراح لا حسٌّ هناك ولا خبرْ
يا ليت لي من هذه الدنيا وقد غابوا مفرْ
عيشٌ لعمري بعدهم تالله من إحدى الكُبَرْ
(ومضيت وارتعش الطريق أهيم في وادي العدمْ)
تتراقص الذكرى ويحضنني خيالٌ بي أَلمْ
نغماتُ ضحكتها المثيرة إذ شرعتُ ولم أُتِمْ:
(أنا لا أسمي الهامسَ المفترّ يا سمراءُ فمْ)
(بل وردةً قد مُثِّلتْ حمراءَ من لحمٍ ودمْ)
لا تخشَ قالت وانتظرْ إني مرددةٌ قسمْ
فانقضّ أصبعي الخبيث محاولا إغلاقَ فمْ
إني على ثقةٍ وهذا العهد بالإخلاص تمْ
وعلى جدار القلب نقشاً لم يزلْ منذ ارتسمْ
----------
(يرنو إليّ الحلْم في تعبٍ: ألمْ..؟ فأجيب: لم !)
(أمضي .. وتبتهل الرمال إلى خطاي بغير فم)
(أمضي ، أفتش في الرؤى عما أريد، وليس ثَمْ !)
(فأعود، ألتقط السؤال وأبتدي : عينان أم ؟ )
|