عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 25-04-1998, 11:00 AM
أبوصالح القصيمي أبوصالح القصيمي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 1998
المشاركات: 2
Post عبق الشوارع الصنعانية في ( خطوات على جبال اليمن)

--------------------------------------------------------------------------------

عندما يترك فيك حدث أو شخص ما تأثيراً عميقاً فإنك تحتاج إلى فترة من الزمن تعايش هذا التأثير،وهذا ما حدث معي بعد قراءة رواية (خطوات على جبال اليمن).
كُتبت هذه الرواية في مائتي صفحة (14x20سم) ونشرتها مكتبة الصفحات الذهبية بالرياض_الطبعة الأولى _العام 1421 للهجرة.
مؤلف الرواية هو الدكتور/ سلطان سعد القحطاني،استاذ النقد الأدبي بجامعة الملك سعود بالرياض.
وسبق للمؤلف أن عاش في اليمن عدة سنوات لظروف عملية وعلمية،فكان لابد لهذه الرواية أن تصور واقعاً عاصره صاحبها وألم به بشكل جعله ينجح في تصوير البيئة اليمنية والتراث اليمني بشكل كبيرٍ من خلال أحداث هذه الرواية.
بطل روايتنا هو(محمد شرف الدين)أو كما عرف بهذا الإسم في معظم أحداث هذه الرواية، وهو شخص شاء له الله أن يفقد ذاكرته بسبب إنفجار أثناء حرب لاناقة له فيها ولاجمل،ليصحو في أحد مستشفيات صنعاء ويجد نفسه بهذا الأسم الذي كان يحمله شخص آخر قتل أثناء الإنفجار.ثم يطلب الأطباء من صاحبنا مغادرة المستشفى لأنهم بحاجة مكانه لإمتلاء الأسرة بجرحى الحرب،بينما حالته الجسدية تسمح له بالمغادرة.
ومن هنا يبدأ تسلسل الأحداث الغريبة مع محمد شرف الدين ،في مكان في صنعاء يسمى(قاع العلفي) وكان اسم هذا المكان(قاع اليهود) لأن يهود صنعاء كانوا يعيشون في هذا المكان.
وتتوالىالأحداث الغريبة والمثيرة في حياة صاحبنا الجديدة ويكتشف أنه يملك بعض المهارت الخاصة مثل إصلاح العجلات و إصلاح أجهزة المذياع أو كما يسميه الصنعانيون(مسبّر الروادي) . ومن خلال إمتهان صاحبنا لهذه المهنة فتحت له هذه المهنة آفاقاً كبيرةً ليزيد من معرفته بالناس وينتقل عبر اليمن وجبالها ليقابل أناساً آخرين من قبائل ومناطق ومذاهب مختلفة.
ومن خلال أحداث هذه الرواية إستطاع المؤلف أن يصور مرحلة تاريخية مهمة في تاريخ صنعاء بمساجدها وبيوتها ومقاهيها وأسواقها،حتى طبائع الناس ومذاهبهم ، كالعم مصلح صاحب المقهى الصنعاني،و(الحاج علي) صاحب محل إصلاح أجهزة المذياع،و(العم سعيد) التَعِزي،و(عمر باوزير) تاجر المواشي الحضرمي. وهذه الشخصيات الأربع قد تكون هي صاحبة التأثير الأكبر على بطل الرواية وتوجيه أفكاره حتى تزوج.
أما بطل الرواية(محمد شرف الدين) فكان-كما بدا لي من أحداث الرواية- شخصاً مسالماً ،ضعيف الشخصية،من الممكن التأثير عليه بسهولة، ولكنه رغم ذلك كان طيب القلب،إجتماعي الطبع،وسريع التعلم لكل جديد في حياته التي وجد نفسه فيها.

ولعلي وجدت نفسي في هذه الرواية أمشي بجانب محمد شرف الدين في شوارع صنعاء القديمة اتأمل الجامع الكبير في صنعاء وأحتسي (الشاي الأحمر) في مقهى (العم مصلح)،وأستقل معه سيارات الأجرة المسافرة إلى عدن عبر جبال اليمن الجميلة ،واظن كل من يقرأ الرواية سيشعر بنفس الشعور الذي وضعنا فيه مؤلف الرواية.

كانت الأحداث الغريبة في هذه الرواية هي العنصر السائد فيها، ومما جعلها كذلك هي قدرة صاحب الرواية على السرد القصصي الممتع. ولاتكاد تجد إلا مساحات قليلة للتنفس خلال سرد الأحداث.
وقد أدخل الكاتب بعض الإسقاطات أثناء سرده الممتع منها ما كان مباشراً ومنها غير ذلك، ومن إسقاطاته ، الخلافات المذهبية بين الزيدية والشافعية، والأثر السيء للحرب على الأفراد والمجتمعات حتى إنتقل سوء الخدمات الصحية في ذلك الوقت وسذاجة عقول الناس البسيطة وسهولة إنسياقها إلى المشعوذين والسحرة.

ومن أهم الأشياء التي أخذتها على الرواية هي طول بعض الجمل الإعتراضية حتى يكاد القاريء ينسى الجملة الأصلية.
كما أن الكاتب لم يهتم بوصف أشخاص هذه الرواية من الناحية الجسدية حتى يتمكن القاريء من تخيل الشخصية وملامحها كما تخيلها المؤلف خلال كتابته للرواية.
ولم يكن المخرج في هذه الرواية علمياً في منطقيته ، حيث لايمكن أن يحجر دم في الدماغ الذاكرة وينسى البطل حتى إسمه،ولكن يكون فقدان الذاكرة- كما ذكر لي طبيب متخصص- بسبب نقاط سوداء تظهر في أشعة الدماغ أو بسبب تجلط الدم في الدماغ وفي هذه الحالة لايمكن أن يعيش بطل الرواية كل هذه الفترة خارج المستشفى.ولكني قلت لعلها أحد إسقاطات المؤلف على سوء تشخيص الأطباء في ذلك الوقت.

ختاما، ليست هذا سوى قراءة شخصية لتلميذ من تلاميذ الدكتور القحطاني ،فإن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.
الرد مع إقتباس