عرض مشاركة مفردة
  #25  
قديم 06-02-2001, 08:08 PM
سمير العمري سمير العمري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 355
Post

أخي جمال:

أصبت والله كبد الحقيقة بسهم الصراحة والوضوح ولكي أسعفها مسرعاً قبل غيري أقول:

ألخص كل ما قلت بالفرق بين الشعر والنظم .. والشاعر والناظم. فالنظم هو ترتيب الكلمات والألفاظ في نمط أو قالب نمطي تتابعي وهذا هو ما يسمى " بحور الشعر " ... وإنهاء هذا الترتيب بحرف معين متكرر وهذا هو ما يسمى " الروي " أو " القافية " فتحدث الموسيقى الظاهرة التي تحملها تفعيلات البحر ورنين الروي. والنظم بهذا متاح فهو صنعة يجيدها من علم أدواتها وأدرك ضروراتها ومحظوراتها وقد فعل ذلك الكثير من علماء اللغة والعروض والأدب. والنظم زائل لأنه يخرج من اللسان ولا يتجاوز الآذان حتى لو استعان ناظموه بغريب الألفاظ أو غامض المعاني.

أما الشعر فهو موهبة لا صنعة......... هناك الكثير من الشعراء ممن لا يعلمون شيئاً عن العروض والبحور وكل تلك المصطلحات التي تتعلق بالشعر وفنونه ومع ذلك أبدعوا الشعر وأشبعوه فناً وبلاغة فحفظنا لهم منذ آلاف السنين وذكرنا أشعارهم في كل حال وحين ، وأحبذ لو اطلَّع الشعراء على علوم الشعر وتمكنوا من أدواته ما استطاعوا ليكن ذلك نور على نور...... فالشعر إذاً هو ما يخرج من القلب ولا يقع إلا في القلب ، وهذا هو الفرق الحقيقي بين النظم والشعر كالفرق بين الصنعة المفتعلة والموهبة المشتعلة.

وكلمة حق يجب أن تقال هنا أن هذا العصر قد تجنى على اللغة والنحو بهذه اللهجات العامية والتي أنتهز هذه الفرصة للدعوة إلى العودة للغتنا وللغة القرآن. وهذا التجني انعكس على الأخطاء النحوية واللغوية التي يقع فيها الشعراء أحياناً وإنني شخصياً أعذرهم في هناتهم وأكبرهم في إبداعاتهم وجهدهم المشكور في الحفاظ على تراثنا الأغلى من الأدب العربي ألا وهو الشعر.

تقول أخي جمال:

( ...هناك نوعان من القراء ونوعان من النقاد ..وأود ان اتطرق هنا للنوعين الأخرين ألا وهما النقاد ..
فالناقد ..إما ان ياخذ القصيدة كوحدة متكاملة وينظر أليها بنظرة شاملة ويرى بها اللوحات الناصعة التي يجب عليه تذوقها اولا ومن ثم الإشادة بها ومن بعدها يعرج على الهنات النحوية والإملائية والمحسنات والبديع ..وهذا النوع من النقاد هو مثلكم أخي الكاتب في أدبه وتأدبه وإن انسى لن انسى استاذي السلاف فهو خير مثل ايضا لهذا النوع من النقاد ..
والنوع الثاني ..هو الناقد الذي يعاني من السوداوية ..اي بمعنى أخر أنه لا يرى في القصيدة أو القطعة الأدبية ألا القبح قبل الجمال وهذا الطبع يعكس ما في داخل الناقد من سوء منبت وخبث سريرة والأسوأ من كل هذه الطباع مجتمعة إن كان يعاني من حسد وغيرة ...فلا كثر الله من امثاله بيننا .. )

وأقول سامحك الله وليسامحك النقاد إذ ساويت بينهم وبين الدخلاء السوداويين الذين لا يرون إلا القبح ولا هم لهم إلا تتبع الأخطاء والهفوات بقصد الإساءة والتشويه لا بقصد النصيحة والتنويه. النقاد أخي جمال هم نوع واحد كما الشعراء هم نوع واحد وكما القراء هم نوع واحد .... إنهم النوع الذي يقرأ الشعر ولا ينظر إليه وينوِّه عن الخطأ ولا يهزأ منه ويرى الجمال قبل القبح وظلال الصورة قبل ألوانها ويسعد بالإبداع ولا يحقد عليه. إنهم هم الذين يعلمون أن النقد هو ليس الانتقاد وأن الشعر هو ليس النظم و " تصفيط " الكلام.

لقد قلتُ قبل يومين في رباعيتي الأخيرة في السجال:


مِنْ غموض الشعر رمزاً ****** صار في القلبْ اغتياظْ

قد صـــبرنا عنـه دهـــراً ****** فاشـترى منَّــا عكـــاظْ

وامتطى ظهر الأمــــاني ****** والمعــاني في اكتـظاظْ

لكنِ الأشـــعار تبقـــــــى ****** مِنْ دخيـــلٍ في حفــاظْ

نعم ستبقى من الدخلاء في حفاظ بإذنه تعالى

الرد مع إقتباس