الموضوع: موضوع للنقاش
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-04-2001, 01:59 AM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
Post

بعد اطلاعي على ما تقدم وقصيدة لناجي علوش نشرت مايلي في الموقع
http://forums.arabia.com/WebX?14@20....bbb!content=AR

وهو ذو علاقة بهذا الموضوع فرأيت أن أعرضه هنا.


نازك الملائكة وناجي علوش

كنت أنوي أن أناقش روعة السبك في قصيدة الأستاذ ناجي علوش ( ) وتزامن ذلك مع قراءة لنازك الملائكة في الخيمة الأدبية، وطال الشرح فرأيت أن أضعه بعنوان مستقل ليقرأه عدد أكير، واخترت له العنوان أعلاه.

أخي الأستاذ ناجي علوش

ما شاء الله تبارك الله.

إضافة إلى ما أشاد به الإخوان، من روعة الشعر والعاطفة والصور، أعجبتني الحبكة الشعرية في القصيدة باستقرار الكلمات كل في مكانها، وخاصة فيما يتعلق الروي، هذه دلالة التمكن في الشعر.
كنت أقرأ لنازك الملائكة من مقدمة "شظايا ورماد" قولها:

سوى أنني أحسست أن هذا الأسلوب الجديد في ترتيب تفاعيل الخليل يطلق جناح الشاعر من ألف قيد. وسأحاول فيما يلي أن أبسط خاصية هذا الأسلوب، ووجه أفضليته على أسلوب الخليل. الأبيات التالية تنتمي إلى البحر الذي سماه الخليل "المتقارب" وهو يرتكز إلى تفعيلة واحدة هي "فعولن": يداك للمس النجوم

ونسيج الغيوم

يداك لجمع الظلال

وتشييد يوتوبيا في الرمال

أتراني لو كنت استعملت أسلوب الخليل، كنت أستطيع التعبير عن المعنى بهذا الإيجاز وهذه السهولة؟ ألف لا. فأنا إذ ذاك مضطرة إلى أن أتم بيتا له شطران، فأتكلف معاني أخرى غير هذه، أملأ بها المكان، وربما جاء البيت أول بعد ذلك كما يلي:

يداك للمس النجوم الوضاء ونسج الغمائم ملء السماء

وهي صورة جنى عليها نظام الشطرين جناية كبيرة. ألم نلصق لفظ "الوضاء" بالنجوم دونما حاجة يقتضيها المعنى إتماما للشطر بتفعيلاته الأربع؟ ألم تنقلب اللفظة الحساسة "الغيوم" إلى مرادفتها الثقيلة "الغمائم" وهي على كل حال لا تؤدي معناها بدقة؟ ثم هنالك هذه العبارة الطائشة "ملء السماء" التي رقعنا بها المعنى، وقد أردنا له الوقوف فخلقنا له عكازات!.

هذا كله إذا نحن اخترنا الوزن "المتقارب" أما إذا اخترنا "الطويل" مثلا، فالبلية أعمق وأمر. إذ ذاك تطول العكازات وتتسع الرقع، وينكمش المعنى انكماشا مهينا، فنقول مثلا:

يداك للمس النجوم أو نسج غيمة يسيرها الإعصار في كل مشرق

ليلاحظ القارئ بلادة التعبير، وتقلص المعنى. وأين هذا من تعبيرنا الأول:

يداك للمس النجوم

ونسج الغيوم

وينبغي ألا ننسى أن هذا الأسلوب الجديد ليس " خروجا" على طريقة الخليل، وإنما هو تعديل لها، يتطلبه تطور المعاني والأساليب خلال العصور التي تفصلنا عن الخليل.

وواضح ما في كلامها من تعسف ساقته على مثال واحد مفصل على مقاس هواها، وكنت أهم بالرجوع إلى الشعراء المجيدين لأثبت عكس ما ذهبت إليه، وأن القافية والروي مصدر جمال وإثراء للبيت ولا يعني عجز بعض الشعراء عن الوفاء بحقهما أنهما كفا أن يكونا كذلك، وقبل الانطلاق إلى قصيدتك لنقض ما ذهبت إليه أقول: ألا إنها لو أرادت التجديد مع المحافظة على العروض والقافية وكان ميلها لذلك وليس لشعر التفعيلة لوسعها القول للتدليل على ذلك:

يداك لنسج الغيومِ وجمع الظلالْ

كذاك لتشييد يوتوبِيا في الرمالْ

وهذه مفرداتها وليس فيها من زيادة سوى (كذاك) وهي ذات وظيفة جمالية هنا إذ أن البيت الأول يتحدث عن أمور معنوية بعيدة عن الحس، ثم انتقل إلى نقل هذه (اليوتوبيا) إلى واقع الرمال، فاستدعت هذه النقلة هذه التحويلة (كذاك)، فزادت الأبيات جمالا. صحيح أن هناك خمس تفاعيل في البيت ولكنه يحافظ على هيكلية الخليل. ولكن نازك قررت الحكم ثم بحثت له عن حيثيات.
وأنا لست ضد شعر التفعيلة، ولكني ضد شعراء التفعيلة الذين يضيقون بالشعر العربي فقليلهم مبدع وكثيرهم (الله لا يريك)، وإن شئت فادخل أي موقع من مواقعهم لترى اضطراب موازين أغلبهم ،

وعلى سبيل المثال : http://www.maraya.net/saudi/p/34.htm

ومناقشته في : http://hewar.khayma.com/Forum3/HTML/001512.html

وهي اختارت بضع كلمات وتعسفت في حكمها وأنا سأختار أبيات عدة من قصيدة الشاعر ناجي علوش لأثبت نقيض قولها ولأبرهن بأن القافية والروي هما كما ذكر الأستاذ محمود مصطفى في كتابه (أهدى سبيل إلى علمي الخليل) : " فليس العيب عيب عيب اللغة ولكنه عيب من يحاول لا يستطيع، وهو عيب من لا يستكمل الوسائل، ثم يريد الطفور إلى الغايات، وما كان لنا أن نتابع هؤلاء الباغين على العربية الذين يريدون أن يتحيفوا جمالها من أطرافه فننادي معهم بطرح هذه القيود فإنها ليست كما ظنوا قيود منع وإرهاق، ولكنها حُجُرُ زينة، ومعاقد رشاقة. ونظام كأنه نظام فريد لا يحسن إلا إذا روعي فيه التناسق والتناظر."

وأزيد أنه إن كان لهؤلاء القوم أن يقولوا ما شاؤوا كما يشاؤون، فليس من حقهم أن يسموه شعرا هكذا إطلاقا، وحسنا فعلوا بتخصيصه باسم شعر التفعيلة، وهو بلا شك مرتبة أدنى من الشعر من حيث الشكل والبناء، ولكن الذي لا حق لهم فيه هو تنقص الشعر العربي وادعاء أن صيغتهم هذه هي الأرقى، بل تجاوزوا ذلك إلى نعي الشعر العربي، وإني أرى في قيدي القافية والروي مضافين إلى أوزان الخليل ضمانة لفرز الجيد من السيء فيما يخص شكل البناء الشعري، ومقارنة بسيطة بين شعر التفعيلة والشعر تبين كيف أن الأول يدخله من هب ودب، ويختلط فيه الحابل بالنابل دون فواصل واضحة تفرز الجيد من السيء من حيث البناء، في حين أن بناء الشعر العربي يفرز الخبث عند سماعه فتقل فيه نسبة التدني على صعيد البناء، وهذا كله لا علاقة له بالمضمون، فالسقوط والرقي في المضمون يعمان كل أشكال الكتابة. وهنا أنطلق إلى مناقشة الوظيفة الجمالية للقافية والروي والوزن الخليلي ممثلة ببعض أبيات الشاعر ناجي علوش، وما اختياري لهذه الأبيات إلا لضرورة الاختصار.


وأسفرت روضة الدنيا عن (امرأةٍ) .....فأسفر الليل والأحزان عن (رجل)

فهل كلمة رجل في مقابلة كلمة المرأة حشو مفروض مقحم على القصيدة، أم جاءت في مكان لا مجال فيه لسواها، وهل اقتصرت المقابلة بين الشطرين على هذا ؟ كلا ، هنا روضة الدنيا في مقابل الليل والأحزان وتكرار الفعل أسفر لا يخلو من نوع من المقابلة المعنوية مع وجود التطابق اللفظي.

ما أنصف العمر قلبا منك منطلقاً .....حتى استبدّ بجسمٍ منك معتقلِ

بالله أنظر إلى هذه الروعة في المقابلة بين أزواج الألفاظ التالية في الشطرين

ما...........أنصف .......قلبا .......منطلقا

حتّى .......أستبد........بجسم.........معتقلِ

هل كلمة معتقل هنا نشاز مفروض ثقيل ؟؟ أم هي في غاية الجمال والاستقرار ؟ ويكمن تقليد أسلوب الشاعرة الكبيرة في التشنيع على الشعر الحر بافتراض الشكل التالي من شعرهم لآداء المعنى ذاته.

إمرأةٌ بزغتْ

والروضة نورْ

لاقت في ليلٍ

رجلاُ مقرورْ

للقلبِ تحدّى

عمرٌ مربدُّ

والجسمُ الضدُّ

ما زال يدورْ

قد يقال الكثير في دحض هذا المثال، والدحض مصيب بقدر ما دحض حجتها مصيب. فليت من يقولون أو يكتبون شعر التفعيلة، لا يتنقصون ولا يعيبون شعر العرب. ولكن هيهات فالهدف لدى كثيرين منهم ليس حرية الشكل التي لا يعترضهم أحد عليها، وليس تناول ثوابت الشعر بالتنقص، وهو أمر وإن أخطأوا فيه إلا أنه قابل للنقاش، ألا إنه ليخطط لهدم ثوابت الأمة عامة. إسمع إلى أدونيس يقول :" إن تحرر الشاعر العربي الحديث من قيم الثبات في الشعر واللغة بستلزم تحرره أيضا من هذه القيم في الثقافة العربية كله، ولعل هذا الثبات في الشعر واللغة عائد إلى طبيعة هذه الثقافة بالذات . ..لأن هذه الثقافة بالذات في جوهرها ثقافة دينية ذات بعد مدني" نقلا عن الاتجاهات الجديدة في الشعر الغربي (ص-46) أورد هذا في كتابه (نقض أصول الشعر الحر - ص105) إسماعيل جبرائيل العيسى . هل المرؤ بحاجة إلى بذل كبير جهد ليعرف أن وجهة الهجوم الحقيقية هي (القرآن الكريم ) لا سواه. صحيح أن نازك أو السياب لم يقصد هذا ولكن زراية نازك بالشعر العربي وتوظيفها موهبتها لذلك مع إخلاصها لأمتها وثوابتها الأخرى هو الذي مهد للموجة التي امتطاها أدونيس وأمثاله لركوب موجة (الحدائة) والتي لا يمثل الشعر الحر فيها إلا أنبوبا صغيرا متصلا بخزان عظيم يظهر ارتفاع السائل فيه (الأواني المستطرقة) . ومعروفة مجلة حوار التي بدأ بها أدونيس وتمويل المخابرات الأمريكية لها في الستينات كما اعترف بذلك مزاملوه في إصدارها.

إن شكل الشعر العربي الذي استوعب قفزة الإسلام من الجاهلية بنفس أوزانه واستوعب انطلاقة العرب من باديتهم إلى ذرى الحضارة والعلوم قمين بأن لا يضيق بغير ذلك. مع العلم أن لا أحد يضيق بالتجديد، ولكن أصحاب هذا الجديد هم الذين يضيقون بالثوابت.

لنأخذ النص الافتراضي التالي الذي يمثل الكثير من دعاوى الحداثيين

إن (الحياة الحضارية والثقافية) قد تغيرت والتعبير عن (هذه الحضارة المتقدمة ) الأرقى والتفاعل معها لا يتم إلا بلغة جديدة تكون متجانسة مع هذه (الحضارة الأرقى) ملبية لمتطلباتها منعتقة من سجن (القواميس والمتاحف واللغة التراثية ) ضاربة بعرض الحائط بـ(الثوابت اللغوية والتراثية) وقد آن لهذه الأمة أن تنخرط فيما سارت فيه البشرية من (عولمة) لن ينفع معها (التحجر).

ثم لنضعه بهذه الصيغة

إن ((س)) قد تغيرت والتعبير عن ((س)) الجديدة والتفاعل معها لا يتم إلا بلغة جديدة تكون متجانسة مع هذه ((س)) الجديدة الأرقى ملبية لمتطلباتها منعتقة من سجن ((ص))ضاربة بعرض الحائط بثوابت((ص)) وقد آن لهذه الأمة أن تنخرط فيما سارت فيه البشرية من((ع)) لن ينفع معها ((هـ)).
ثم لنحل مجموعات المتغيرات التالية محل كل من هذه الرموز.

المجموعة الأولى

((س))= العقائد، ((ص)) =الإسلام، ع=علمانية أو عولمة، هـ = التخلف

((س))= مفهوم الأمة، ((ص)) =فلسطين من النهر للبحر، ((ع))=اعتراف بإسرائيل ، ((هـ))=الإرهاب

((س))= وحدة الأمة، ((ص)) =الأمة العربية الواحدة، ((الدولة القطرية))=اعتراف بإسرائيل ، ((هـ))=حلم الوحدة

وهذا حديث ذو شجون فحسبنا منه ما تقدم






الرد مع إقتباس