الموضوع: التذوق والفهم
عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 18-10-2001, 05:02 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

الأخ الكريم عمر
يبدو لي أن المنظومات الحديثة لا تبدأ نشازاً ففي مثال الموسيقى الغربية الصاخبة التي تحبها أقلية من الشباب عندنا يبدأ الأمر كالموضة بالتقليد الأعمى دون تذوق لا سلبي ولا إيجابي حتى نتكلم عن "نشاز" وبالنسبة للمتذوقين للموسيقى العربية فهم لن يقبلوا هذا النوع من الموسيقى بحال. ولو نظرت إلى انتقال الشعراء من العمودي إلى التفعيلة لوجدت مراحل وسطى بين هذين الشكلين ولوجدت لهذا أن التفعيلة ليست تماماً "نشازاً".
وسأرسل بإذن الله على عنوانك عنواناً في الإنترنيت تجد فيه كتابات أخرى لي.
الأخ الكريم المبرح
ثمة باحث عربي فلسطيني اسمه حبيب توما نشر بالألمانية كتاباً اسمه"موسيقى العرب" وفيه تجربة أجراها على عرب وغربيين تتعلق بالانطباع الانفعالي الذي أحسوه بعد سماع مقطوعة من الصبا.
وهذا المقام بالذات لا يكاد يختلف عربيان في أنه حزين وهو بالذات له هذا الطابع ولا أعرف مقاماً آخر "مختصاً" بالحزن غيره إلا ربما مقام اللامي وهو مستعمل خصوصاً في العراق.
في التجربة قال العرب أنه حزين وأما الأوروبيون فكان لهم تعبيرات مختلفة لا إجماع فيها على شيء وأعتقد أن موقفهم كان توهمياً بحتاً وأظن موقفك من الموسيقى الصينية هو هكذا ولا شك أن الصيني هو المؤهل حقاً لمعرفة البيئة الانفعالية للموسيقى ولتذوقها ولفهمها.
وأنا أيضاً يا سيدي العزيز لا مانع عندي في سماع الموسيقى الكلاسيكية ومقدمة السمفونية الخامسة المشهورة لبتهوفن أحفظها ولو شئت أن أعزفها على العود لعزفتها-ولا تظنني عازفاً محترفاً فأنا أدندن سماعياً على العود.
ولكنني مع ذلك بعيد جداً عن تذوق هذه الموسيقى التذوق الذي وصفته في المقال وعن فهمها.
ولنأخذ مثلاً من موسيقى صعبة عربية هي موسيقى الأدوار والموشحات: هذه موسيقى صعبة تستعمل إيقاعات غير بسيطة ولها استعمال حاذق للمقامات واللحن الذي تستعمله لا يتألف من جمل بسيطة سهلة الإعادة بحيث أن حفظ دور أو موشح واحد يستلزم ما يستلزمه ربما حفظ عشرين أغنية خفيفة من الأعاني الدارجة أو أكثر ولا شك أن هذا النوع من الموسيقى ممل بالنسبة للسامع العادي ولكنني أزعم أن السامع العربي يستطيع على كل حال بالتدريب والدراسة-أي بالفهم-أن يصل إلى تذوقها هذا إن كان لديه أصلاً ميل إلى الموسيقى والسبب هو أن القاعدة العامة للموسيقى ألحاناً وإيقاعاً موجودة في الأغاني البسيطة التي يعرفها هذا الإنسان. أما الأوروبي فليست لديه منذ البداية هذه المعرفة.
بالمناسبة وكما تعلم الموسيقى الأوروبية ليست غريبة كلياً على العرب لأنها تستعمل مقامين-الكبير والصغير وهما مقامان موجودان في الموسيقى العربية-العجم والنهوند والسلم المؤلف من اثني عشر نصفاً موجود عندنا وإن كنا نحن نفصله أكثر فنجعله أربعة وعشرين ربعاً.
الموسيقى الصينية هي أبعد عن العربية بكثير وأعتقد أن النظام الموسيقي عندهم مختلف. على أن المرء قد يستمع إليه ويتخيل انطباعاً كتخيلات الأوروبيين عن الصبا التي لو قرأتها لعجبت وأنكرت وقلت:هل الحديث عن الصبا؟
وأخيراً أستغرب ملاحظاتك على الفلسفة الإسلامية التي تدلني على أنك على ما يبدو لا تستلطف هذه الفلسفة لاستيرادها أفكاراً يونانية وأنت الذي تدعو إلى الأخذ من الحضارات الأخرى!
ويونانية الفلسفة كما يقول بعض الباحثين الجدد هي يونانية اللغة لا القومية فقد كان أغلب الفلاسفة غير يونانيين وأعيدك إلى كتاب قيم لجورج طرابيشي في نقد الجابري اسمه نقد نقد العقل العربي وخصوصاً الجزء الأول – نظرية العقل
وأشكركما على الحوار الغني الممتع وأحييكما

[ 18-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: محمد ب ]
الرد مع إقتباس