العزيزة مانوليا :
أحبّ أن أذكر لكِ حقيقةً قد تكون خافيةً عليكِ .
وهي أن الشاعر الحقّ هو ابن بيئته وأن الشعر الذي يقوله إنما هو انفعال مع ما يواجهه في حياته من أحداث فإن تفاعل مع الموقف واستثير وساعفته قريحته -التي ربما تخونه أحياناً- نثر تلك العبارات السّاحرة التي يمكن أن تسمّى شعراً .
ثمّ إن الشعر يعدّ تمثيلا لحياة الشاعر وواقعه .
فليس الشاعر آلة تكتب شعراً في كلّ ما يطلب منه . نعم قد يستجيب لنظم أمور لم يجرّبها وإنما سمع عنها .. وهذا ما يسمّى بالنظم ولعلّ الفرق بينه وبين الشّعر هو غياب عاطفته الصادقة .
لذلك تجدين أغلب الشعراء إنما يعبرون عن ما يمرّ بهم في حياتهم من أحداث أو على الأقل ما يعايشونه في مجتمعاتهم . فالمتنبي عندما يمدح سيف الدولة فهو يمدحه لأنه يحبّه وعندما يمدح كافور فإنما هو يهجوه بدلالة قوله :
وشعرٍ مدحت به الكركدنّ بين القريضِ وبين الرقى
وعندما يصف ما يكون من شجاعة سيف الدولة في الحرب فلأنه حضر الحرب وشارك فيها فأعجبه ما رأى من شجاعة سيف الدولة .
ثمّ من قال إن شعر الحرب قد انتهى ولم يعد أحد يقوله ؟!
إنه لم ينتهِ ولكنه اتجه إلى منحى آخر لا ختلاف الزمان وطريقة الحروب .
فلم تعد الحروب مجرّد مجالدة والتحام وصهيل خيول ولمعان سيوف ..لا .
لقد أصبحت الحرب اجتياحاً وتدميراً وأمور تتم وتحسم في لحظات معدودة دون حتى مواجهة مباشرة . فالطائرات تقصف حتى تزيل كل سبل الدفاع الأرضية ثم تزحف الجيوش الجرّارة لتتم ما بقي من نشر الدمار والإفساد في الأرض .
وقد انتقل وصف الحروب في هذه الأيام إلى وصف مآسيها وما نتج عنها وانظري إلى وصف القضية الفلسطينية وأطفال الحجارة والبوسنة وكوسوفا والشيشان وكل جراح الأمة الإسلامية .
ولعلي أضرب المثال بالشاعر الكبير الدكتور عبد الرحمن العشماوي فالكثير من قصائده تصف هذه المعاني ؟:
نناديكم وقد كثر النحيب *** نناديكم ولكن من يجيب ....
وكذلك :
أيها العالم ما هذا السكوت ... (نسيت البقية )
ختاماً أشكرك على المشاركة الفعالة وإثارة هذه المواضيع ..
بعدين سلامات .. إشاعة انتشرت تقول إنك كنت مريضة شوي ..صحيح؟
المعتمد
|