الشحادة
قالوا احذروا جاءتكمُ (الشحادَةْ)
..................... ولئن أتت لن تسلموا ياسادَةْ
تخذت بيوت الله دار مقـامها
........................ لكنْ تراها للقرى مرتادَة
مذ أقبلتْ وأنا أقولُ بداخلـي
..................... أنعمْ بها ارتدت الوقارَ قلادَة
وضعوا الموائدَ كالجبالِ تخالها
...................... تكفي لجيشٍ جاعَ فيه القادَة
وتكـالبتْ أيدٍ يُرى بأكفهــا
....................... أثرُ النعيمِ رياضة و ريادَة
حتى إذا سكتَ الكلامُ وأنجزوا
.................. نهـْكَ الطعامِ غشى العقولَ بلادَة
قامتْ تلملمُ صرةً من فضلِ ما
........................ تركَ اللئامُ وأورثوهُ إبادَة
ثم اختفتْ، ومن الفضولِ لحقتها
.................... ولمحتها تسعى كصاحبِ عادَة
ورأيتها اقتربتْ لتدخلَ منزلا
......................... واستقبلتها نسوةٌ بسعادَة
فظننتُ هذا بيتها، لكنها
.................... سرعانَ ما خرجتْ بغيرِ هوادَة
ومضتْ وصرتها أقلُ من الذي
....................... جاءتْ به والعزمُ فيه زيادَة
مازال ديدنها تطوفُ كأنه
.................... في العودِ خالية الوفاضِ عبادَة
ناديتها:ياجدتي، بلَّ الصّدى
................... إسعافَ مَن سلبَ الفضولُ فؤادَه
فأتتْ تمدُ إلى الغريبِ حنانها
...................... والكفُّ يحملُ بلسماً وضمادَة
إني تبعتكِ مذ تركتِ وليمة
....................... فيها الأفاضلُ منزلاً وسيادَة
وشهدتُ سعيكِ منذُ أولِ منزلٍ
..................... هلا رفعتِ عن السَّؤولِ سهادَة
قالت بنيّ أتعلمنْ فيمن أتى
........................ تلكَ البيوتَ مجوِّعاً أولادَه
فأحقُّ من تلكَ، المنازلُ أهلها
.......................... أهلٌ لكلِّ سقايةٍ ورفادَة
هذي مطلقة وتلك ترمـّلتْ
........................ لاتملكانِ إذا نظرت وسادَة
أما العجوزُ فلا قريبَ يعيلها
....................... وكذا الضريرُ أخصّهُ بعيادَة
أفمذنبٌ من كانَ سدُّ عوارٍهم
..................... من فضلِ مالِ المسلمينَ مرادَه
إن الفقيرَ برغمِ قلةِ ماله
........................ مثلُ الغني فليسَ مالٌ زادَه
كلٌ سعى والله قدّرَ ماانقضى
........................ وبما قضى أرزاقهم منقادَة
أوليسَ في علمِ الحكيمِ مقدرٌ
...................... أن يزرعَ الفلاحُ رزقَ جرادَة
والله يرفعُ من يريدُ متى يشا
........................... ويحطهُ بمشيئةٍ وإرادَة
فاسأل أفاضلَ سادةٍ عن أمسهم
.................... إن يصدقوكَ ففي الزمانِ إعادَة
واسألْ كبيرَهمُ الذي بذلَ القِرى
....................... عن والديهِ فأمهُ (الشحادَة)
عمر مطر 2001-02-09
واشنطن - الولايات المتحدة
(1) الشحادة: هي الشحاذة باللهجة العامية، وقد استعملتها كما هي للمحافظة على تلك العبارة التي تسببت في كتابة هذه القصيدة.
=========================================
فتاتي
إذا ما الصمتُ أثقلني
............... وملَّ الصبرُ من يأسي
وهلـّتْ دمعتي حَرّى
.................. لتملأَ بالأسى كأسي
فتاتي فارحلي عنّي
................. فإنَّ الحزنَ مفترسي
تساقى من سوادِ القلبِ
..................... هماً بات كاللعسِ
ولم يبقى سوى جسدٍ
...................... سقيمٍ فاقدِ الحسِّ
طواه الليل يا لَـلَّيلِ
.................. يطوي كلَّ ذي بأسِ
وفكرٍ مثقلٍ أعياهُ
................... رأسٌ باتَ كالرمسِ
تداعى في ظلامِ العمرِ
.................. تحتَ كواكبٍ خُرسِ
فتاتي لم يَعُدْ ما كانَ
................. في وصلي من الأنسِ
وإنْ تبقي فهلْ ترجينَ
................. إلاّ البعضَ من تعسي
وأبياتٍ حواها الوهنُ
.................. بئسَ الوهنُ من لبسِ
فتاتي جفّت الأقلام
................... مما كان في الأمسِ
فقومي وارحلي إنــّي
................ أخاف عليكِ من نفسي
==================================
بشير الخير
سمعتُ الصوتَ يُخبرني بأنّي
............... هدرتُ ربيعَ عمري في التجنّي
ظننتُ بأنني أحسنتُ صنعاً
.................. لعمر الله ها قد خابَ ظنّي
تذكرتُ الليالي كنتُ فيها
.................. أسامرُ جدتي في صغْرِ سنّي
وتوقظني إذا ما الديكُ نادى
................ وغنّى لي غناءَ المطمئنِّ
وماتَ الديكُ في ليلٍ تجنّى
................. وفارقني فلا أحدٌ يغنّي
ودارَ الفلكُ في عجلٍ سنيناً
.................. وقلّبَ لي بها ظهرَ المجنِّ
وذا صبحٍ سمعتُ صياحَ ديكي
............... أذاكَ الديكُ أم ذاكَ التمنّي
أردَّ اللهُ في الأحياءِ ديكاً
............. ليرفعَ وطئةَ الآثامِ ... عنّي
علمتُ اليوم أنّ الديك حيٌّ
............... كأنفاسي... وأن الديك منّي
عمر مطر
=====================================
مكثتُ أسبوعا في منزل صديق لي، فلاحظت أمراً عجيباً، قد أعتاد صاحبي – وكذلك أصدقاؤه – على التجمّع يوميا (للترفيه) عن أنفسهم بأوراق اللعب (يسمّونها عندنا الشَدَّة، وفي مِصر الكوتشينه).
ولاحظت أن تجمعهم هذا قد أمسى ضرب عبادة، فهم لا ينفكون يلعبون بالأوراق كل يوم حتى تفضح الشمس ما ستر الليل.
وقد أثارتني بعض المشاهد لكتابة قصيدتي هذه ومنها أن الأوراق إذا وَزّعت ترى آثارها في وجوه اللاعبين فكأن الرجل منهم قد أوتي كتابه إما بيمينه أو بشماله، وتجد أن الذي رأى تعس حظه لا ينفك يثير المشاكل حتى يقتتل اللاعبون جميعا ويلعنون الأوراق واليوم الذي عرفوها فيه، ويذهب كلٌّ منهم مغضبا إلى بيته.
ثم في اليوم التالي يتحاورون في أيّ بيت يجتمعون كأن شيئا لم يكن في الأمس، وهذا ما دفعني إلى كتابة هذه القصيدة التهكمية التي أسدلت عليها طابع العبادة وكثيرا من المصطلحات الدينية لتأكيد التشابه.
رأيت رجالاً يحجّونَ صوبَ
................... إلهٍ صغيرٍ عجيبِ الفعالْ
يغيبون عنهُ طوال النهار
................... فإن جنّ ليلٌ أتوه عجالْ
وإن شاغلتهم ظروفُ الحياةِ
.................. وبغيُ العداةِ فذا شرُّ فالْ
تراهم أتوه يجرّونَ ذيلاً
.............. من الذلِّ يكسو الربا والجبالْ
وكلٌّ يقدّمُ عذراً ونَذراً
.................... بأن لا يعودَ وقربانَ مالْ
وأما الذينَ على العهدِ كانوا
.................. ولم يغفلوا وِردهم باشتغالْ
فبشرىً لكم أيها العابدونَ
................. ترقّبُ أمرٍ وحسنُ امتثالْ
فيجتمعونَ ويقتسمونَ
................ عطايا إلهِ الهوى والضلالْ
لكلٍ نصيبٌ فمنهم سعيدٌ
............. ومنهم تعيسٌ كزنديق خالْ
كأنَّ النصيبَ كتابٌ تـُؤتـّـاهُ -
............ يومَ القيامةِ - منه الشمالْ
وكل نصيبٍ إذا قيل حيهلْ
............ لشيطانَ جِنٍّ تراهُ استحالْ
فيدخلُ في الجوفِ بينَ الضلوعِ
........... ويضرمُ فيهنِّ حبََّ القتالْ
فيبدأ من ظنَّ فيهِ السعادةَ
........... كيدَ الذي فيهِ تعسُ المآلْ
فيقتتلانِ وما كانَ يرضى
............... إلهُ الضلالِ بغيرِ القتالْ
فحقدٌ وبغضٌ يسوقُ التعيسَ
.............. لسبِّ الإلهِ وفحشِ المقالْ
ويحلفُ أن لن يطيعَ إلهً
................... يثيرُ المضاغنَ بينَ الرجالْ
ويصبأ كلُّ الذينَ أضلَّ
................. يقولونَ ما ذو التعاسةِ قالْ
فكيفَ تمكّنَ منهم هواهم
.............. فبئسَ الهوى من رشادٍ ينالْ
وما أن يشقَّ النهارُ الظلامَ
............. ترى القومَ أهواؤهم لا تزالْ
فبينَ نَسِيٍّ لعهدِ الظلامِ
............... ومن يتناسى مُصابَ الليالْ
يتيهونَ في الأرضِ – وا ندماهُ
.............. يناجونَ كيفَ العثارُ يقالْ
عصينا إلهَ الهوى يندبونَ
............ ودمعُ الثكالى على الخدِّ سالْ
فليتَ الإلهَ الذي يعبدونَ
............ إذا حلََّ خطبٌ عليهِ اتكالْ
فليسَ يفرّجُ كرباً وليسَ
................. يسوقُ الغمامَ ويكسو العيالْ
وليسَ يُحلّلُ أمراً حراماً
................ وليسَ يحرّمُ أمراً حلالْ
ألا لا إله خلا الله حقٌ
................. وليسَ سواهُ يجيبُ السؤالْ
عمر مطر – أوشن ستي ماريلاند
الولايات المتحدة 4-7-2000
|