ما الحجة المقتعة التي تقول بأنه لا يجب أو يحرم علينا إستنباط بحرٍ جديدٍ فوق الستة عشر .....
أخي جمال: هي حجج لا حجة
1- احترام دلالة الألفاظ في لغة العرب، فهذا ما اصطلحوا على تسميته شعرا.
2- سد الباب أمام العبث، قد يصدف أن يكون أحد الأوزان ذا وقع موسيقي مقبول لدى كثير من الناس، ولكن سترى في المقابل ربما مئات الأوزان التي إن راقت لمعشر فسينفر منها الآخرون. وحتى في البحور الستة عشر إسمع ما يقوله الأخفش في المضارع والمقتضب ، جاء في كتاب العيون الغامزة على قضايا الرامزة:
(ص-13): "زعم بعض العروضيين أنه يجوز في هذا البحر ترك المراقبة، وأنشد على ذلك:
بنو سعدٍ خيرُ قومٍ --- لجاراتٍ أو مُعانِ
ولا حجة فيه لأن قائله مولّد هكذا قالوا."
(ص- 14):"وأنكر الأخفش أن يكون المضارع والمقتضب من شعر العرب وزعم أنه لم يسمع مهنهم شيء من ذلك"
وفي الدوائر هناك إمكانات نظرية لأوزان لم ينظم عليها العرب وسموها الأوزان المهمله، ومن ذلك
مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
ومن أمثلته (الغامزة -ص 78) قول بعضهم
لق هاج اشتياقي غرير الطرف أحورْ -- أُديرَ الصدغ منه على مسك وعنبر
وقول الآخر
أمط عني ملاماً برى جسمي مداهُ -- فما قلبي جليدا لى سمع الملامِ
وقول الآخر
أيسلو عنك قلبٌ بنار الحبّ يصلى -- وقد سددت نحوي بنار الحب نصلا
وجاء في كتاب أهدى سبيل لمحمود مصطفى (ص-203):"فكل ما خرج عن الأوزان الستة عشر أو الخمسة عشر فليس بشعر عربي، وما يصاغ على غير هذه الأوزان فهو عمل المولدين الذين رأوا في هذا العدد يضيق عليهم بحال القول -هكذا- وهم يريدون أن يجري كلامهم على الأنغام الموسيقية التي نقلتها إليهم الحضارة، وهذه لا حد لها، وإنما جنحوا إلى تلك الأوزان لأن أذواقهم تربت على إلفها واعتادت التأثر بها "
ومن تلك الأوزان
المستطيل وهو مقلوب الطويل (مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن ) الوارد أعلاه
والممتد وهو مقلوب المديد فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن، وعليه:
صاد قلبي غزالٌ أحورٌ ذو دلال -- كلما زدت حبا زاد مني نفورا
المتوافر وهو محرف الرمل وأجزاؤه: فاعلاتن فاعلاتن فاعلن، وعليه:
ما وقوفك في الركائب في الطلل -- ما سؤالك عن حبيبك قد رحلْ
ما أصابك يا فؤادي بعدهم -- أين صبرك يا فؤادي ما فعلْ
الممتد = فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن
المنسرد= مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن
المطرد = فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن
وهناك السلسلة =2 2 1 3 2 3 3 1 3 2 ه
السحر بعينيك ما تحرك أو جال -- إلا ورماني من الغرام بأوجال
والدوبيت وهو مشهور.
3- الخليل عرف المتدارك ورفض إثباته لعدم ورود شواهد عليه من شعر العرب، وهو عرف كل إمكانيات الأوزان السابقة من دوائرة، فهي عبارة عن توافيق أو وتباديل للإمكانات التي تحتويها الدوائر وكان الخليل بصيرا بها.
4- أنظر إلى ما آل إليه الشعر المسمى حرا أو شعر التفعيلة ، وقد قدمت أمثلة لترجرج هذا النوع من القول لدي القائلين به، ويندر فيه من يلتزم التفعيلة، ويختلف على أحكانه بينهم.
5- يحذر إسماعيل جبرائيل العيسى في كتابه (نقض أصول الشعر الحر) -(كلت يدي من الطباعة فأنقل بتصرف لأختصر) _ إن التساهل في تعريف الشعر يقع في إطار فيه (ص-204) :" ولكن كيف يتم إضعاف ملكة التذوق والفهم للقرآن عند أصحابه؟ ذلك ما يعمل جاهدا لتحقيقه أعداء الإسلام ويغفل عنه كثير من المسلمين، إنه باختصار شديد- يتم إذا ضعف فهم المسلمين وتذوقهم للغة العربية بشكل عام . ومن هنا قامت حركة أعداء الإسلام ولسان حالها (نثر عامي وشعر حر)"
ومصداق ذلك أن أغلب القائلين بهدم عمود الشعر لم يتوقفوا عنده بل طالبوا بهدم المرتكزات الثقافية وإنما يقصدون بذلك مرجعية القرآن الكريم. وما أقوال أدونيس عنا ببعيد،ودعم جهة معروفة أجنبية لمجلته (((حوار)))) ثبت بتصريح شركائه في المجلة.
6- الخليل عندما اشتغل بالنحو والعروض أراد أن يثبت ما لدى العرب، بحيث لا يفتح الباب للعابثين أو لفساد الذوق أن يؤدي لفساد اللغة، وليس أفسد من ذوقنا يا أخي في هذا الزمان، من نحن لنزعم أن ما يروق لنا يوافق الذائقة العربية وأخطاؤنا فيما هو من معروف من نحو وأوزان العرب أكثر من أن تحصى. كما تشهد الخيمة على ذلك، وآخرها استدراك أخي عمر على ما قاله الاخ الشاعر السلاف في الترجمة. لا شك أننا إن أعطينا لأنفسنا الحق في تسمية ما يخطر ببالنا شعرا فسننتهي بشوربة ، ثم من وما سيكون مرجعيتنا ، أم يكون الأمر لفلان دون فلان.
7- أوزان الشعر العربي استوعبت أضخم نقلة في تاريخ البشرية من الجاهلية للإسلام فالنهضة الحضارية في العصرين الأموي والعباسي، وليست عاجزة اليوم ، بل نحن العاجزون، ومع هذا أنا أقول بأن لكل أن يقول ما يشاء كما يشاء في حدود الشرع، على أن نسمي الأشياء بأسمائها، ومن هنا اقترحت مصطلح الموزون لتمييزه عن الشعر.
والله المستعان
|