الموضوع: إعدام شعور
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 01-11-2001, 06:49 PM
بوفاتح بوفاتح غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 46
Post إعدام شعور

إعدام شعور
عادت إليه نوبة الصداع من جديد ، إنه مرض العصر ، في ظل هذه المشاكل والصدمات اليومية المتتالية للمرء ، كيف لا يحدث له المرض اللعين ، تاكد صالح بأنه يرهق نفسه منذ سنوات في العمل ، كل هذا على حساب أعصابه ومتطلبات حياته الأخرى .
- لا تستخف بصحتك يا بني ، إذهب الى الطبيب . قالها والده بنوع من الإهتمام
- لقد كبرت ياهذا ، أولى بك أن تهتم بصحتك هل تنتظر أن يأخدك أبوك الى الطبيب.
قالها صديقه عمار بكل بساطة
- إذا أردت أن تحافظ على توازنك النفسي والإجتماعي ، أنصحك بدخول القفص الذهبي ولن تسمع بالصداع بعد اليوم . قالها الطبيب وأعطاه الوصفة
لاحت عن بعد صيدلية ، الربيع، فدخل مع الداخلين وإنتظر دوره ، أخد يتأمل الديكور وطريقة ترتيب الأدوية ، حقيقة مصائب قوم عند قوم فوائد ، نحن نمرض وهم يحققون الأرباح ، الطاقم المشرف على الصيدلية يتكون من كهل وشاب وشابة ، لم تكن واضحة المعالم لأنها كانت تبحث عن الأدوية في أحد الرفوف ، ولكن ما إن مرت قربه حتى أحس بأنه تحول الى موجة ذات توتر عالي ، إنها آية في الجمال ، هذا أول إنطباع سطع في ذهنه، أبحرت به الىشاطئ الأحلام ، تساءل في أعماق ذاته ، هل ستكون فارسة أحلامه التي يبحث عنها منذ قرون ، لطالما تراءت له في ليالي عمره الطويل .
أخيرا تجلى الحلم وأصبح حقيقة ، كان صالح قلقا من طول الإنتظار ولكنه ما ان رأى الملاك ، لم يعد يهمه الوقت ولا الأشخاص ،بل أصبح يعطي دوره لأي داخل جديد ، إنه مستعد بأن يشتري الزمان والمكان من أجل تحويل الحلم الى واقع ، أحس بأنه لم يعد ثمة صداع ، بل شعر بقلبه يخفق بطريقة سريعة ، هل ممكن أن يحدث له هذا، أول حب من أول وصفة ولما لا نفس السيناريو يتكرر منذ بدء الخليقة ، كل شئ يتطور ولكن ذالك الشعور بقي نفسه نابعا من مصدر واحد ووحيد .
عندما سيخرج من هذه الصيدلية سيصبح شخصا آخر على المستوى الحسي ، سيرى الحياة بمنظار جديد ، حقا إنها صيدلية الربيع ، ولو كانت فيها زهرة وحيدة ولكن خلابة ، أخد الحبل البشري يتضاءل شيئا فشيئا ،لأنه لم يدخل زبائن جدد وفي نفس الوقت يخرج إثنان أو أكثر بسبب عدم وجود الأدوية ، هناك تفكير غريب ينتاب رواد الصيدليات ومفاده أن كل واحد يتمنى أن لا يجد سابقيه في الدور الدواء حتى يأتي دوره بسرعة في حين أنه ينسى إمكانية تعرضه لنفس المصير .
أخد يقترب من فارسة أحلامه ، تعمد أن يترك مكانه لشاب كان وراءه حتى تكون خدمتها من نصيبه ، تبدو محتشمة ومحافظة ، في هذا الزمن الرديء ، من حسن حظ المرء أن يجد فتاة بهذه المواصفات ، كل تصرفاتها مميزة ومحفزة ، ليس هناك مجال للتعارف ومافاته كثير عليه أن يسأل عنها ويخطبها في أسرع وقت ممكن .
وما إن حانت خبطة العمر ، أعطاها الوصفة وفي أعماقه يعطيها كل الوقت للبحث عن دواءه حتى لوبقيت الدهر كله فهو غير مستعجل بل يجد في تأخرها راحة وسرعتها مرارة .
- من حسن حظك كل الأدوية موجودة
شكرها متمنيا أن يكون له الحظ في أشياء أخرى .
- ألف دينار ،لا تستغرب فالأدوية إرتفعت أسعارها هذه الأيام
أدخل يده في جيبه بطريقة آلية لعطيه النقود ، في هذه الأثناء ،رن جرس الهاتف الموضوع قرب الكهل .
- السيدة نوال ، زوجك على الخط
صعق صالح لهول ما سمع ، مفاجأة لم تكن متوقعة، أحلامه تبخرت في رنين هاتف ، جاءه شعور كاذب يخبره بأن الكهل يقصد سيدة موجودة بالداخل ، ولكن هذا الشعور تم إعدامه خارج نطاق القضاء بمجرد توجه فارسة أحلامه السابقة نحو الهاتف ، دفع ما عليه وخرج كما دخل بصداع قوي ن فقد تحولت الأزهار الى أوراق صفراء ذابلة وأضحى الربيع خريفا .
__________________
ليست العظمة في أن لا تسقط ، ولكن العظمة في أن تسقط وتنهض من جديد.
الرد مع إقتباس