بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الصمصام،
محاولة إبعاد العرب عن لغتهم هي سياسة المحتل، وسياسة أعداء الإسلام، والهدف من هذا واضح، وانتشار العامية بهذا الشكل الذي ساد بلاد العرب، في القرون الثلاثة الماضية، هو محاولة لإيجاد الفرقة بين العرب وبين دينهم، وبين المسلمين غير العرب (الذي إن تكلموا العربية فلن يتكلموا العامية) وبين العرب المسلمين.
هذا هو الإطار الخارجي للواقع، أما من الداخل فلن تستطيع أن تلوم العامة أنفسهم، حيث أنهم نشأوا على هذا، وبسبب الفقر والجهل الذي عاشوا فيه فإنهم لا يعرفون إلا العامية، ولذلك فإنني أنظر إلى ما خلفوه لنا من الشعر العامي كتراث لا يمكننا التخلي عنه، فما ذنب الأمة أن حيكت حولها المؤامرات، فتتخلى عن فترة من تاريخها، ولكن اللوم لا يفارق دعاة العامية في زمننا هذا، فإن الظروف التي مرت بها الأمة من جهل وقلة مصادر للتوعية لم تعد، وليس هناك مبرر للإبقاء على العامية خاصة والبديل موجود، ولا يخلو من يدعو لهذه الفكرة من الجهل بالكوارث التي نتجت عن هذه المؤامرة، أو عن وجود يد له في المؤامرات الجديدة.
أما رأيي الشخصي فإني أرى الجو مهيأ للعودة إلى العربية الفصحى، فلم يحظَ العرب بهذا القرب الذي أوجدته التقنية الجديدة من قبل، فهل كان لي ولك أن نتباحث في مثل هذا الموضوع قبل مائة عام وبيني وبين آلاف الأميال؟
وأدعو أيضا إلى توحيد الصف بحيث تبدأ كل لهجة عامية بنبذ الكلمات غير العربية، ومن ثم نبدأ بالرجوع إلى الصرف العربي، ثم إلى الإعراب بدون لحن ولا رطن.
في النهاية فإن دراسة الشعر العامي ضروري لمعرفة تاريخ العرب في تلك الفترة، ولكن علينا أن نجعل ذلك مجالا متخصصا وليس عاما يدرس في الجامعات على الملأ، وعلينا أن نحارب دعاة استمرار العامية بكل ما لدينا، واللهِ ليس أدل على جهلنا بماضينا وواقعنا، وعدم أكتراثنا لمستقبلنا كأمة من النيف وخمسين مجلة للشعر العامي التي تغزو الوطن العربي، حتى يكاد المرء يجزم أن اليد التي وضعت هذه المجلات لا تريد الخير للعرب ولا للمسلمين، والله أعلم.
|