الموضوع: قلب الورق
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 06-11-2001, 11:41 PM
mubarrah mubarrah غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 81
Post

تحض الشاعرة على الكتابة ، فتبين لنا أن الكلمة الصادقة انتصار على القيود ، وانطلاق من الاستعباد ، وعلاج للواقع.
ثم ترسم صورة نفسية لأثر هذا الواقع في داخلنا ، من خلال تساؤلات معذبة ، عن أسباب القلق والآرق والظلمة.
ويأتي المقطع التالي ليصور لنا هذا الواقع من الخارج ، فإذا هو خيال عابث مجنون ، وأمان موهومة ، غير مبنية على عمل.
وفي الختام تخلص إلى أن الغد ابن لليوم ، وقد أضعنا غدنا ‘ إذ نفرط في حاضرنا ، فتستصرخ بقية الإحساس فينا ، لنكتب ، فلم يبق إلا الكتابة معلم على العيش ، لم يبق إلا العيش في قلب الورق.
وهكذا يتناسق البدء مع الختام في وحدة موضوعية ، لا تترك بداً من إمساك القلم ، والعيش لكن في قلب الورق.
جو القصيدة مثل نبضات القلب القلق ، الذي ينتظر شيئاً ولا يأتي ، تدق مع دقات الساعة ، عالية قوية ، في ختام كل بيت ، يوحي بذلك القافية ، كما أشار لها أخي عمر ، والمعاني التي تمتد من البدء حتى الختام ، واختيار للكلمات المعبرة عن هذه المعاني من أرق فقلق ، فنزق ، فرهق.
كنت قرأت تعليق الإخوة محمد ب وجمال حمدان وعمر مطر ، في محاولتهم لرؤية المدرسة التي ينتمي إليها شعراء الخيمة ، سيما أختنا د.حنان ، وقلت في نفسي ربما يكون تصنيفهم لها على أنها تنتمي إلى الرمزية بسبب الظلال التي تلقيها نصوصها، مما يضفي صعوبة عليها ، تبقى -كما قال أخي عمر- مفهومة لكل القراء. لكن أفضل وصف لطريقتها في الكتابة هو ما قاله الأخ محمد: "تكاد تخبرنا لا بالواقعة بل بانفعالها عنها" ، وهذا يجعلها أقرب إلى الرومانسية ، ولكنها رومانسية ممزوجة بفلسفة ، وعمق في التفكير ، فلربما وصفتُ كتابتها بأنها رومانسية فلسفية.
فالمعاني عند أختنا حنان شخوص تتحرك ، تتفاعل معها ، وترسمها فالصبر مسكين ملذوع ، والغد غريب تائه ، والموت يحط على الملامح.
من المعاني التي استوقفتني جداً في هذه القصيدة ، الحكمة البالغة ، التي لا تخلو من تصوير فني متفرد ، في:
أكتب..فإن الحرف نصر لو تحرر وانطلق
المعصم المغلول يكسر كل قيد إن نطق
والصورة البديعة للغد وهو ينساب من بين أكف الحاضر:
غدنا غريب تائه من كفِّ حاضرنا انزلق
وتكسرت أجزاؤه وتبعثرت فىالمفترق
تستصرخ الإحساس داخلنا لينقذ ما احترق
وصورة أخرى:الموت كالجمر حط على الملامح فاخترق
أعجبتني مقابلة الصور بين شاعرينا السلاف وحنان ، على بعد ما بين الأسلوبين ، مما يدل على قراءة عميقة من أستاذنا جمال.
أنا مع شاعرتنا في اختيار البريق ، لكن استوقفتني لفظة أخرى ، وهي: "تذوب من هجر الورق" ، وقلت لو كانت تذوي أو تضيع -لا أتحدث عن وزن معهما- لكنني أيضاً أحترم اختيار الشاعرة.
لفت نظري علاقة شاعرتنا بالحرف ، وهي هنا تدعونا للعيش في قلب الورق ، فقد رأيتها في أكثر من نص ، تبحث عن الحروف ، تخاف عليها من الضياع.

[ 07-11-2001: المشاركة عدلت بواسطة: mubarrah ]
الرد مع إقتباس