عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 13-05-2001, 06:41 AM
ناجي علوش ناجي علوش غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 56
Post ............. مقعد الإسكافي ...........

....
..
..

اتصل المقدم طويل العمر هاتفيا بالملازم الذي كان قبل لحظات إلها على عرشه يقلب القلوب ويدبر الأمر !.. ، غير أنه سرعان ما تحول إلى دجاجة مريضة حين بدأ المقدم جليل القدر بعنجهية الظباط الكبار المعهودة في ذلك البلد المنغلق والمتخلف حضاريا ، يخضه وينفضه ويوبخه على التلكؤ وعدم الإسراع بتنفيذ أمر إطلاق سراح ذلك الحثالة الذي تم إيقافه بعد ثبوت التهمة المنسوبة إليه ، ذلك لأن أمره يعنيه ، وبالطبع تم الإفراج عنه دون قيود كما تم طرد المدعي مذموما مذحورا عندما أبدى شيئا من التبرم والإعتراض على الأمر السامي .. وذهب حقه هباء

....

لا تحزن يا صديقي إن الأشباه منجذبة لبعضها البعض ،
بهذا تقلصت نسبة الخيّرين وضعف نسلهم

وقويت شوكة الطغيان واتسعت رقعته في الأرض

هؤلاء هم أعداء الإنسان ، وأعداء الحضارة

وتلك هي النفوس الراتعة في الدناءة

والصدور المنتفخة بهواء آلات الغرور والغطرسة

والعقول الجبانة المتوقفة عن العمل ،

عقول خاوية ، وبطون مكتظة ، وأيد شاغرة ، إلا من لفافات الحشيش ، وتطويق أعناق الغواني في الغرف الليلية المتلألئة .. بحقوق الفضلاء وعرق الفقراء ..

......

ـ توجه ذلك المسكين البائس إلى محل لإصلاح الأحذية بعد أن انقطع شسع نعله عند تعثره بأذيال الخيبة على تضاريس تلك الأرض التي تشبه وجه الملاكم (ريك موريلس ! ) وكان لتوجهه إلى ذلك المحل سبب آخر وهو الإستلقاء على مقعد الإنتظار ليستريح ..

أخذ يرنو مراقبا الإسكافي من أصل باكستاني وهو يصلح النعل المقطوع كان رجلا في منتصف العمر
لو رأى أحد ـ خارج المحل ـ وجهه ونظر إلى تلك العينين الواسعتين من خلف تلك النظارة ( المطورة ) لما شك بأنه طبيب ..

، ومن يدري لعله كان طبيبا قبل أن يأتي إلى هنا ،

ترى لماذ يصبغ شعره هذا الحريري ؟؟!! من له هنا ليصبغ شعره من أجله ..
لعله رأى أن من التناقض بمكان أن يقضي يومه يمسح ويدبغ أحذية الآخرين ويترك شعره عاطلا دون صباغة

التفت ينظر إلى شخص آخر دخل للتو إلى المحل كان شابا فتيا سلم وجلس بجوار معلمه ( الإسكافي الآخر ) وطلب إليه أن يناوله زوج النعل الأخرى دعس على جهاز الراديو الذي بجواره وغرس مخرزه في فردة النعل وباشر عمله كان يبدو أكثر حذاقة ومهارة من زميله ، وكان النظر لهما وهما يزاولان حرفتهما مدهشا وطريفا .

أسند ظهره إلى الجدار فقد كان الكرسي بلا مسند .. وشده التفكير إلى ذلك الظابط الذي انفجر كقنبلة مسامير خرّقت إهاب وجهه حتى شعر أنه أصبح كخلقة بالية . ما الذي جعل اوداجه تنتفخ فجأة يا ترى ؟! أتراها تلك المكالمة المشؤومة التي قلبت كل شيء ؟؟

تذكر كيفية خروجه من قسم الشرطة كان مضطربا لم يستطع استيعاب ما حدث كان يمشي مترنح الخطى ، كلما مر بمكان وسمع أصواتا عالية ظنها تناديه باسمه وتوبخه ، وصوت آخر ينبعث من داخل نفسه قائلا .. لا يقصدونك أيها المغفل ))،

نفض رأسه المثقل ، وتنهد تنهيدة طويلة ..
أخذ يتأمل تلك الأحذية المتكدسة هنا وهناك .. وقال في نفسه لا بد أن لكل حذاء هنا قصة أخرى .. تختلف عن قصة نعلي !

ـــــ
الرد مع إقتباس