عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 21-05-2001, 07:00 AM
كاتبٌ يحبو كاتبٌ يحبو غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 24
Post

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعزائي،

التقيته أول مرة في تعليق متواضع لي على قصيدة في هذه الخيمة الطيب أهلها، حيث أثار تعليقي يومها ضجة كنت أنا السبب فيها، بحكم جهلي وعدم درايتي بأسلوب التخاطب بين أهلها، ولا أشيع سرا إذا قلت إنه يومها جرحني في سبيل دفاعه المستميت عن أهل بيته، وكنت عزمت النية على عدم العودة مطلقا، وبالفعل، فعلت ذلك، ولم أعد..

فوجئت مرة ببريد منه يعلمني بشيء لا أستحضره اليوم، ولكنه كان حول الخيمة -بلا شك، وحدث أن تعرفت منه على الماسنجر، هذا البرنامج اللطيف، الذي كاد يتسبب في طردي من العمل مرات عدة، ووبخني المدير نظرا "لإدماني" عليه، فبدأنا الحديث، وأي حديث..

لا أنكر أن أحد أهم الخيوط التي جمعتني به، أنه فلاح شرس الحديث أحيانا، طيب القلب دوما، لا تخلو كلماته من مزاح لطيف مميز، يشعرك بطيب معدنه، وتأنس إليه فورا، لاذع الانتقادات، يستميت في الدفاع عن رؤيته ووجهة نظره، مع أنه على قناعة تامة، أن رأيه صحيح، إلا إذا ثبت له عكس ذلك، ولا يتوانى عن إعلان إخفاقه في أمر ما، دلالة قوة وشجاعة، أغبطه عليها..

لا أنسى أيضا أنه حاول أن يعلمني أصول العروض، وصعوبة المحاولات التي بذلها لتكون العروض لديّ سماعية لا تحتاج مني قلما وورقة كي أقطع بيتا ما، ولولا ضيق صدري، لكان أصرّ، بحكم نفسه الطويل، وسعة قلبه، وميله الفطري إلى المساعدة، لكان أصر على تعليمي، لكن ضيق وقتي حال دون ذلك..

لا أنكر أن ذائقتي الشعرية تطورت على يديه، ولا أنكر أيضا، سعادتي الغامرة وأنا أقرأ شعره، فله مني شكر جزيل، الواجب يفرض عليّ أن أوجهه هنا، وكلي أمل أن يظل، فكثيرون هم أمثالي، ممن ما زالوا يحْبون في طريق الشعر وتذوقه، ويحتاجون إلى مساعدته وجهده..

ألمح بوضوح التعب الذي كان يبدو عليه دوما، فهو في بلاد بعيدة، العيش فيها يحتاج إلى عمل متواصل، حتى تستطيع المحافظة على نفسك وأهلك أحياء، وأسمع تأوهاته من التعب بعد يوم عمل مضنٍ، ولا أنسى أنه كان يمضي في هذا المكان أكثر من ست ساعات يوميا، لإنشاء هذه الرائعة الفذة، وللإبقاء على فن جميل، يربطنا بماضينا التليد، الذي بدأت معالمه تندثر على يد معاول الحداثة وما بعدها..

أشياء كثيرة تمر ها هنا، والذاكرة، وإن كانت تعيسة في العموم، إلا أن ثمة أشياء لا يمكن أن تمحى، ومنها كلماته، وأحاديثه الشقية الشيقة، وترحاله الدائم، بحثا عن أعمدة لهذه الخيمة..

ربما لست أحد رواد هذا المكان كتابة، ولكني أحد أكثر المستمتعين بقراءته، والثملين بجمال موجوداته، والحريصين على بقائه كما عهدته، وبالطبع، لن أهدد بالغياب، فأنا غائب أصلا، ولكني أود لفت نظر القيمين على هذا البستان، أن بستانهم، ما كان ليكون على ما هو عليه، لولا ذلك الشاعر، وفقدانه وحده، سيعني خسارة كبرى، فما الحال، وورود عدة، تعلن الحداد وتقرر الذبول، إكراما لمن رعاها وساعدها وشاركها وبارزها وحاورها وخاطبها ونصحها ورحب بها إذ حلت..

لست بارعا في الحديث، ولكني في غاية الأسف، لما يحدث، وأظن أن ثمة قمرا على وشك الغياب، وثمة عشرات الأزهار ستتوقف لديها عملية التمثيل الشعري، هنا على الأقل..

جمال حمدان.. اسم يذّكر الخيمة بالأم حنانا، وبالأب شدة وقسوة، وبالأخ إرشادا وعونا، وبالصديق صدقا ووفاء، فهل يكون وجوده وعدمه سيان؟!

أظنه سؤالا ساذجا، ولكنه بحاجة إلى إجابة، سبقني إخوة أعزاء إليها، ولن يكونوا أكثر مني عرفانا، فإن كان ثمة من سيؤلمه ذهاب الأخ حمدان، فأنا، على الأقل، كلكم كاتبه شعرا وحاوره، وتعلم منه وأفاد من خبرته، أما أنا، فكنت الأكثر تمتعا بقراءته، ولكن شيطان الشعر لم يرض الوقوف إلى جانبي، فاكتفيت بمتعة القراءة، ولن أقبل أن يسلبنيها أحد دون أن أقول كلمة.. وكلمتي إلى الراعي تحديدا، السلام عليكم.

التوقيع: كاتب حاول أن يمشي..
وكاد يفعلها..
ولكنه لا يزال يحبو..
الرد مع إقتباس