لقد كانت الهجرة في بعدها الأول تحقيقاً ميدانياً وممارسة واقعية للحرية، حرية العقيدة وحرية الاختيار، ففي المجتمع المكي الجاهلي لم تكن حرية الاختيار مسألة مطروحة فيما يعنى بالواقع المكي لا من الناحية الفكرية ولا الاجتماعية بالرغم من احتكاك المكيين من خلال التجارة بالأمم المحيطة بهم، وبينها أمم تتحكم بالقرار الإقليمي والدولي – ضمن إمكانيات تلك المرحلة التاريخية – وهي أمم ذات حضارة راقية متمكنة كالفرس والروم والحبشة.
وكان على كل من تمرّد من المكيين على الواقع السائد، كان عليه الاعتزال أو الانكفاء على نفسه، محتفظاً بآرائه لا يجهر بها – اللهم إلا تلميحاً – ولعلّ وجود بضعة أفراد من الأحناف يؤكد هذا الذي ذهبنا إليه، منهم ورقة بن نوفل، أحد أبناء عمومة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها).
= يتبع =
|