كان يكفيك أن تصدق [برواية النسائي] والتي فيها (إن الله يأمر ملكا ينزل إلى السماء الدنيا) وهي [صحيحة] وبأن هذه الرواية تفسر الرواية الأخرى كما قال [الحافظ العراقي] في [ألفيته] (وخير ما فسرته بالوارد) أي الآية بالآية والحديث بالحديث إلا أنك أبيت إلا أن تخالف حتى وقعت في مغالطة عظيمة لعلم الحديث النبوي الشريف
ومن ثم عرضت عليك أن نتفق على تعبير [الإمام مالك] رضي الله عنه فيما رواه [الحافظ الزرقاني] عنه من قوله (إن النزول راجع إلى أفعاله وليس إلى ذاته) مع العلم أننا اتفقنا على الأخذ بكل ما يثبت عن السلف بطريق صحيح ولكن ذلك لم يعجبك أيضا
كما عرضت عليك أن نتفق على أن الاستواء في حق الله تعالى ليس كاستواء سفينة نوح عليه السلام على الجبل قال الله تعالى ( واستوت على الجودي ) وأن استواءه تعالى ليس كاستواء نوح عليه السلام ومن معه على السفينة قال الله تعالى ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك )وأن استواءه تعالى ليس كاستوائنا على ظهور الدواب والركائب قال الله تعالى ( لتستووا على ظهوره ) لأن هذا كله استواء مخلوق بارتفاع وتمكّن في مكان واتصال ملامسة وقد اتفقت الأمة من قبل سماع الحديث ومن بعده على أنه تعالى ليس استواؤه على شيء من ذلك فلا يضرب له المثل بشيء من خلقه قال الله تعالى فلا تضربوا لله الأمثال
ولهذا يا أبا عاصم ولأنك تراوغ مبتعدا عن هذا ولا أظنك ستجيب عنه ولكن سأعمد من الآن وصاعدا على كشف عقيدتكم بصورة موثقة لتكون دليلا متكاملا مع ما سبقها من الردود السنية على شبه أهل التجسيم وهنا ستكون أنت بمأزق على ما أظن وأعتقد فلن يسعك إلا أن تنكر ما سأنقله موثقا عن رؤوس أهل التشبيه وإلا أن توافقهم وبهذا يتبين للكل ما تحمله في قلبك من العقائد في حق الله تبارك وتعالى ولسوف أعتبر سكوتك عن الموافقة أو الإنكار موافقة إذ لو كنت تنكر ما سأنقله عنهم لتجرأت وأنكرت بينما لو كنت توافقهم ستخجل من نفسك وستحاول أن تروغ على عادتك واعذرني على قسوتي عليك بالحجة والدليل ولكني لن أسمح لك بإفساد عقائد المسلمين الأمر الذي لم يتسنَّ لرؤساء التشبيه من قبل وكم عرف التاريخ الإسلامي أحزابا مثل حزبكم إلا أن أهل السنة كانوا دائما بالمرصاد ليدفعوا شبه المشبهة بالحجة الساطعة والدليل الواضح البين وأول ما أبدأ به في هذا الباب هو كتاب الدارمي وهو عثمان بن سعيد السجزي المتوفى سنة 282هـ وليتنبه إلى أنه غير الإمام الدارمي صاحب السنن والحديث فهو عبدالله بن عبدالرحمن المتوفى سنة 255هـ وهو من مشايخ مسلم
أعود إلى قولي وأول ما أبدأ به في هذا الباب هو كتاب الدارمي وهو عثمان بن سعيد السجزي المتوفى سنة 282هـ وليتنبه إلى أنه غير الإمام الدارمي صاحب السنن والحديث فهو عبدالله بن عبدالرحمن المتوفى سنة 255هـ وهو من مشايخ مسلم
وهذا الكتاب للدارمي من الكتب التي يوصي ابن تيمية وتلميذه ابن القيم باتباعها والعياذ بالله وهو محشو بشبه التشبيه والوثنية وسترى بأم عينك ما فيه من الدجل والتخبط أما صدقي في نسبة إعجاب ابن تيمية لهذا الكتاب المذكور فمن كتاب ابن القيم نفسه حيث يقول عن كتاب الدارمي المذكور وكتاب آخر له في كتابه المسمى بغزو الجيوش (ص88) من الطبعة الهندية ما نصه "(وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يوصي بهذين الكتابين أشدّ الوصية ويعظمهما جدا وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيره)"
فيتبين لنا أن ما في ذلك الكتاب مما يجده ابن تيمية أصلا من أصول التوحيد والإيمان بالله من الصفات والأسماء فتعال نراجع سويا ما في ذلك الكتاب لنضعه في ميزان الشرع الحنيف ومن ثم لك أن تنكر ما فيه وبذلك أنت تتبرأ من ابن تيمية مادح الكتاب وإما أن توافق على ما فيه وتنزل تحت حكم العلماء فيما يقتضيه اتباعك لهذه الشبه ولسوف يحاسبك الله العزيز
فها هو مؤلف الكتاب يقول عن الله ص20 (ويتحرك إذا شاء ويقوم ويجلس إذا شاء) ولعل معبود هذا الخاسر يقوم ويجلس كما هو اعتقاد عباد البقر!!!
ويقول ص23(إدعى المعارض أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية) ولا يخفى على ذي بصر ما في هذا الكلام من مخالفة لعقيدة السلف التي فيها : "تعالى الله عن الحدود والغايات والأعضاء والأركان والأدوات و لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات"[العقيدة الطحاوية]
ويقول مؤلف هذا الكتاب ص79 (بائن من خلقه فوق عرشه بفرجة بينه وبين السموات السبع فيما بينه وبين خلقه في الأرض) وفي ص85 ما نصه(ولو شاء لاستقر على ظهر بعوضة) فها هو يعدّ استقرار معبوده على ظهر بعوضة أمرا مفروغا من جوازه
وفي ص100يقول المؤلف(من أنبأك أن رأس الجبل ليس أقرب إلى الله من أسفله؟) ويقول(إن رأس المنارة أقرب إلى الله من أسفلها) إذا عند هذا المشبه من علا بالطائرة يكون أقرب إلى معبوده من هذا وذاك - وهنا لا سلف له في هذه العقيدة سوى صابئة حران- عبدة الأجرام العلوية والعياذ بالله
وكلامه هذا مخالف لقوله تعالى :"واسجد واقترب"
وكلامه هذا مخالف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم :" أقرب ما يكون العبد من رقبه وهو ساجد" أخرجه النسائي
ويرى هذا المجسم المسكين في ص92 وص182أن حديث أطيط العرش من ثقل الله عليه _والعياذ بالله _ ويشبه الثقل الذي ينسبه لله زروا وبهتانا بثقل أعكام الحجارة والحديد والحديث أبطله الحافظ ابن عساكر رضي الله عنه في بيان الوهم والتخليط في حديث الأطيط من حيث الصناعة الحديثية
أفلا يسخر الأطفال من عقل هذا المشبه ومن هذا الكتاب الذي حوى ذلك أفليس من العجب العجاب أن يمتدح ابن تيمية وابن القيم هذا الكتاب ويوصيان على اتباعه أشد التوصية...!!!
ويقول هذا المؤلف زيادة منه في مخالفة الدين الحنيف ص121(لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة) وهو يقع هنا في مخالفة قوله تعالى :"وخلق كل شيء" فماذا وجد ابن تيمية في هذا الكلام ليمتدحه ...!!!
وانظر إلى العحب في قوله ص23(والله تعالى له حد .. ولمكانه أيضا حد،وهو على عرشه فوق سماواته وهذان حدان اثنان) وإلى قوله ص29(ولو لم يكن لله يدان بهما خلق ءادم ومسّه بهما مسيسا كما ادعيت لم يجز أن يقال بيدك الخير) فبالله عليك هل يقول عاقل مثل هذا الكلام أليس قوله (يمسه مسيسا) دليل على أنه مجسم فكيف يمتدح ابن تيمية مجسما ...!!!
وانظر أخيرا وليس آخرا إلى قوله ص74(وإنه ليقعد على الكرسي فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع)
هذا ما أردت عرضه على أنظارك وأنظار أهل الخيمة مما يروجه أحزاب شاذة عن السواد الأعظم من الأمة من هذه البضاعة الفاسدة الكاسدة
فقل لي بربك هل يوجد على وجه البسيطة مؤمن يشك فيمن يتفوه بتلك الكلمات ونظائرها وهي كثير في كتبهم - أو يرتاب في أنه حادّ لله ورسوله وخرج عن جماعة المسلمين؟!أهذه هي السنة التي تدعو أنت إليها يا ابا عاصم؟!
أما عن القائلين بها فأسأل الله أن يعاملهم بما يستحقون وأن يعالجهم بما يستأهلون من نقمته وعذابه وأزاح شرورهم وظلمات شركهم وضلالهم عن بلاد المسلمين لا سيما عن قلوب النكود بهم وبرعوناتهم وجهالاتهم
فأما عن نفسي فأنا أنكر كل هذه الضلالات والمخالفات وأحكم على القائل بها بالخروج عن دائرة الإسلام والمسلمين فماذا عنك يا أبا عاصم إن رأيت تسكت فأنت تقر ما فيها على الرغم من مخالفتها للكتاب والسنة وإجماع الأمة وإن لم تفعل فكيف تبرر دعوة ابن تيمية وابن القيم لاتباع ما في هذا الكتاب ...!؟!؟
وأما دلالاتي الجديدة في تنزيه الله عن السكنى في السماء الدنيا فهي مستقاة من كتاب الله سبحانه وتعالى والتي منها قوله عزوجل :"قل لمن ما في السموات والأرض قل لله" وهذه الآية تفيد ان المكانوكل ما فيه ملك لله وكذلك إن في قوله تعالى :"وله ما سكن في الليل والنهار" دليل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فظهر أن المكان و المكانيات والزمان والزمانيات ملك لله تعالى لا يشاركه في ملك شيء سبحانه وذلك يدلّ على تنزيهه تعالى عن المكان والزمان
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
__________________
قلبي إمام العاشقين
إني ارتضيتُ مذاهبا ... للشافعي ومالكِ
وأبي حنيفة أحمدٍ ... نهج الخلاص لسالكِ
|