عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 23-06-2001, 05:53 PM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
Post

وعودة للفصلين الثالث والرابع من الكتاب الثاني

.
3
مسحاء كذابون

أمريكا كما قال إدوارد سعيد – هي أكثر أمم العالم انشغالاً بالدين !!
وفي أمريكا تيار أصولي ديني مهووس إلى الثمالة بعودة المسيح عاجلاً غير آجل ومستعد لأن يرتكب في سبيل ذلك أكبر الحماقات !!
وأي حماقة أكبر من محاولة التسلل إلى القواعد النووية وإطلاق الدمار على العالم كله ؟
وعن أي دليل نبحث وقد رأيناهم ينتحرون بالمئات والعشرات ، ويفجرون المؤسسات الفدرالية وينظمون الجيوش والعصابات لليوم الموعود .
والمصيبة أنهم يزيدون ولا ينقصون ولا يحتكمون إلى أي منطق أو عقل وإنما هي خيالات ومنامات ومخاطبات من الشياطين يزعمون أنها من الروح القدس!!
بل إن عدداً يصعب حصره منهم يدعي أنه هو المسيح أو أن المسيح حل فيه أو خاطبه !!
ومن عقائد هؤلاء :
1- قيام دولة إسرائيل تمهيد ضروري لنـزول المسيح .
2- مشروع السلام هو تأخير لوعد الله.
3- القدس بكاملها يجب أن تكون تحت سيطرة إسرائيل.
4- إسرائيل مباركة ومبارك من يباركها وملعون من يلعنها أو يعاديها.
5- الفلسطينيون -والمسلمون عامة– رعاع وثنيون وحزب يأجوج ومأجوج.
6- الألف سنة السعيدة يوشك أن تكون لكن بعد خطف المؤمنين إلى السحاب لملاقاة الرب عند نـزوله و دماركل الوثنيين في معركة هرمجدون الكبرى.
وليس هؤلاء جماعة رهبانية معتـزلة كما كان الحال في القرون الأولى. بل هم أصحاب نفوذ اجتماعي بارز ، وترسانة إعلامية مؤثرة ، ومناصب عليا في الحكومة !!.
ونبوءات التوراة مضاف إليها الكهانة والتنجيم وتحضير الجن هي أعظم طقوسهم ، واعتماداً عليها تقوم نظرياتهم في السياسة والاجتماع ، وقواعدهم في التعامل مع سائر البشر.
والمفكرون العلمانيون في أمريكا يعلمون أن تغيير الأفكار المنكوسة لهؤلاء القوم شبيه بالمحال، فالبنية العقلية مدمرة من أصلها والنفسية في غاية التعقيد والغرابة.
والساسة العلمانيون ينافقونهم لما لهم من تأثير على الرأي العام ونفوذ في عالم المال والإعلام!!.
والإعلام العربي قليل الحديث عنهم لأنه مشغول بمحاربة المتطرفين والإرهابيين عن الحديث عن هؤلاء الذين مهما فعلوا وفكروا فليسوا إرهابيين ما داموا ليسوا مسلمين !!
هم والمفكرون العلمانيون على طرفي نقيض ، لكن المشكلة أن كتلة الوسط تقل تدريجياً، والأكثرون يميلون إلى هؤلاء لا إلى الفكر العلماني ، هرباً من جحيم الحيرة والجفاف الروحي، ولذلك تغلغلت الأصولية المهووسة في كل مجال واخترقت كل الحدود.
وقد هيأت الأقدار لفتنتهم في هذا العصر ما لم يكن من قبل -ولا شك أن لله في ذلك حِكماً عظاماً- اجتمع لهم أمران كل منهما كافٍ في ذلك :-
1)- وجود تجمع يهودي كبير في فلسطين وهو ما لم يُعهد من قبل.
يقول "هول ليندسي" في كتابه : " كوكب الأرض ، ذلك الراحل العظيم " :
(( قبل أن تصبح إسرائيل دولة ، لم يكشف عن أي شيء ، أما الآن وقد حدث ذلك ، فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات، واستناداً إلى النبوءات فإن العالم كله سوف يتمركز على الشرق الأوسط ، وخاصة إسرائيل في الأيام الأخيرة ))( ).
2)- حلول الألفية وبالأصح عام 2000 التي تعني عندهم بداية النهاية للعالم المعهود وبداية الدخول إلى العالم الآخر عالم الألفية المسيحية الذي هو بمنـزلة عالم الآخرة أو الجنة عند المسلمين.
في غمرة الحماس الهائج لاقتراب الألفية نشط الأصوليون في العقدين الأخيرين من القرن العشرين نشاطاً هائلاً في كل المجالات . إلا أن من أهمها مجال الدراسات والتآليف والصخب الإعلامي عن نـزول المسيح واقتراب الألفية السعيدة ، حيث استعجلوا بتعسف ظاهر كل حوادث آخر الزمان وأشراط الساعة ، وأعدوا لها تصورات (سيناريوهات) مرعبة للغاية ، تقوم على افتراض واحد هو : حدوث المعجزات الخارقة بما لا يمكن أن يتفق مع التتابع المنطقي لأحداث التاريخ بأي حال.
لقد وجد هؤلاء أنه لا يمكنهم تصور أو تصوير حلول الألفية السعيدة وفق الشروط الموضوعية كالزمان والمكان والظروف السياسية الحالية . فلابد من إقحام خارقة عظمى تقلب النظام الكوني رأساً على عقب . ومن هنا كان أسهل الطرق لتحقيق ذلك هو كارثة نووية تقضي على الحضارة ، وتعيد العالم إلى حالة شبيهة بحاله عند المجيء الأول للمسيح ، وتمهد للمجيء الثاني الموعود ، ووجدوا ضالتهم المنشودة في معركة "هرمجدون" المشؤومة . ووافق ذلك شعارات ريجان ونيكسون عن تدمير إمبراطورية الشر "الاتحاد السوفيتي" فافترضوا أن يأجوج ومأجوج هم الروس . وبسقوط الاتحاد السوفيتي وقيام حرب الخليج افترضوا أن يكون الآشوري هو صدام حسين وأن يأجوج وماجوج هم العرب أو العرب والفرس وغيرهم وأن الحرب النووية لا مفر منها !!
وبعد اتفاقات "أوسلو" خمدوا قليلاً -بل اضطربوا- فلما قامت الانتفاضة الأخيرة تنفسوا الصعداء لاسيما وقد وقعت في نفس عام 2000 ! ومن هنا يضع كثير من المفكرين والدارسين في الغرب أيديهم على قلوبهم ، خشية أن يغامر أحد المهووسين هؤلاء بحماقة تكون عاقبتها كوارث لا تحصى.حتى أن السلطات الإسرائيلية نفسها تتشدد في دخول المتطرفين من هؤلاء إلى إسرائيل خشية إقدامهم على شيء من هذا القبيل. أما الكارثة الكبرى التي تقض مضاجع المراقبين فهي احتمال تسلل هؤلاء إلى أحدى القواعد النووية ، وإشعال النار التي لا يستطيع العالم أن يطفئها !!.
وينبغي أن يعلم الناس أن مرور عام 2000 أو ما بعده دون حدوث شيء لا يعني نهاية هذه الأفكار فإن هؤلاء تعودوا أن يعيدوا النظر في حساباتهم ، وسوف تأتيهم الشياطين وتوحي إليهم بسراب جديد يلهثون وراءه ، ويثيرون الرعب في العالم ، ويظلون مصدر تهديد مستمر للبشرية كلها !!.
ومع اقتناعي بأن هؤلاء لاعقل لهم أرى أنه لابد أن يتصدى لهم العقلاء بنسف الأساس العقدي لأوهامهم وضلالاتهم. وإذا كان أهل الكتاب عاجزين أو مقصرين فنحن لا يجوز لنا أن نعجز أو نقصر وبين يدينا الوحي المعصوم والحق الجلي ، الذي لو عرضناه على العالم لوضع الله له القبول عند الناس.
ومن هنا كان إثبات أن دولة إسرائيل القائمة لا علاقة لها بالمسيح من قريب ولا بعيد، وأن الألفية الثانية ستمر كما مرت القرون الأولى بلا جديد ، هو دفع لشر هؤلاء ليس عن المسلمين وحدهم بل عن الإنسانية جميعاً وهذا هو أحد دوافع كتابة هذا البحث الموجز والدافع الآخر هو ما يختص بالمسلمين وسنعرض له لا حقاً.
ونحن لا نطالب من شك في أمر هؤلاء من بني دينهم إلا بقراءة جديدة للفصلين الثالث والعشرين والرابع والعشرين من إنجيل متّى -لاسيما عند الحديث عن نبوءة دانيال- والتأمل جيداً في تحذير المسيح  من المسحاء الكذبة ، والمروجين للإشاعات عند قيام " رجسة الخراب " في أورشليم، ثم يسأل كل منا نفسه ؟ من هؤلاء يا ترى وكيف يجب أن يكون موقفنا منهم ؟
فإن وصلوا إلى الحقيقة –وهذا ما نعتقده- وإلا فليتابعوا المسير معنا حتى نجليها كاملة بإذن الله!!.
شكل (1)
دوران التاريخ وفق النظرية النصرانية الأصولية


شكل (2)
تصورات النصارى عن الألفية ونزول المسيح(1)


أ )- تصور شيوخ الكنيسة القدامى (نزول المسيح سابق للألف سنة ) :

1- بعد رفع المسيح يبدأ عصر الكنيسة.
2- في نهايته يكون سبع سنوات من الفتنة.
3- بعد السبع السنوات ينزل المسيح ويرتفع القديسون لاستقباله في السماء ثم ينـزلون إلى الأرض.
4- بعد ذلك تبدأ الألفية السعيدة تحت حكم المسيح.
5- ينتهي العالم وتأتي الأرض الجديدة (الأرض عندهم تتبدل مرات فالأرض في عصر آدم هي غير الأرض في هذا العصر …وهكذا).


ب)- تصور اللا ألفية :
وهو رأي القديس أوغسطين ومجمع "أفسس" وعليه الكاثوليك والكنائس الكبرى البروتستانتية:

1- عصر الكنيسة : هو الألف سنة والفتنة معاً ، فمن كان المسيح في قلبه فهو في الألفية ومن لم يؤمن فهو في الفتنة والنبوءات كلها رموز ((حتى الألف لا معنى لها هنا)).
2- ينـزل المسيح ويرفع القديسين ويعيشون كلهم في السماء.
ج)- تصور ما بعد الألفية :
تصور بروتستانتي من (ق:17) إلى (ق:20) مؤسس على فكرة التطور والتقدمية ومضاد للكنيسة الكاثوليكية . وقد استمر حتى انهيار الفكرة بقيام الحرب العالمية الأولى :-


1- عصر الكنيسة = انتشار الكنيسة.
2- العصر الذهبي = تمتلك الكنيسة جميع الشعوب.
3- نزول المسيح ورفع القديسين إلى السماء.
د) مذهب الأصوليين في القرن العشرين :
وهو تعديل للمذهب الأول وفيه نزولان للمسيح ، ابتدعه بعض الإنجليز في (ق:19) :-

1- عصر الكنيسة.
2- ثم نزول المسيح في السماء وارتفاع القديسين إليه وبقاؤهم في السماء مدة الفتنة.
3- تقع الفتنة على المسلمين واليهود في الأرض وأولئك في السماء.
4- ينـزل المسيح والقديسون وتكون الألفية السعيدة لهم.
5- ينتهي الأمر بتبدل الأرض إلى أرض جديدة !!.

هل تغير شيء ؟

حين أطلق الجنود الصهاينة الرصاص على المسلمين في ساحة الأقصى كان ذلك إيذاناً بإطلاق رصاصة الرحمة على مشروع السلام ذلك الخداج الذي تعسرت ولادته بضع سنين وحين كانت المروحيات الإسرائيلية تقصف بعض مباني إدارات السلطة العرفاتية فقد كانت تقصف أوسلو وملحقاتها !!
فاليهود إذن انقلبوا على ما صنعوا وأحرقوا ما زرعوا ، فما الذي تغير ؟ ولماذا ؟ هذا ما يقتضي منا العودة إلى مبررات مدريد وأوسلو ومشروع الولايات المتحدة الشرق أوسطية في النهج الصهيوني .
بعد مؤتمر مدريد المشؤوم قلنا ما ننقله الآن حرفياً : -
(( إن ما يسمى مشروع السلام لم يأت تبعاً لتغير الظروف الدولية ، وانحسار مرحلة الحرب الباردة ، ووفقاً لمقتضيات الوفاق الدولي -كما يصور ذلك الإعلام الغربي وذيله الإعلام العربي- فهذه التغيرات نفسها أعراض للمتغير الأساسي ، وهو الخطة الصهيونية للسيطرة على العالم كافة والمنطقة الإسلامية خاصة.
إن هذه الخطة ببساطة -قد عدلت عن فكرة إقامة دولة إسـرائيل الكبرى ، وبعبارة أصح قد عدّلت هذه الفكرة لأسباب ذاتية ضرورية ، أهمها أن دولة اليهود وجدت نفسها بعد 40 سنة من قيامها عبارة عن مركب من المتناقضات ، وكائن غريب في محيط من العداوات.
فعلى المستوى الأمني لم تنجح في السيطرة على ما ابتلعته من أرض فلسطين فكيف تسعى لمزيد من الأراضي ؟ وإن لبنان التي هي أضعف الجيران وأبعدهم عن العداوات ظلت مصدر قلق وإزعاج لا نهاية له ، حتى بعد اجتياحها المعروف (والآن في انتفاضة رجب هي الجبهة الوحيدة الفاعلة).
والمشكلة السكانية تشكل أعمق المشكلات وأبعدها تأثيراً ، فكثير من اليهود لم تخدعهم الوعود المعسولة ، والإغراءات البراقة، للهجرة إلى أرض تعج بالمساوئ الاجتماعية، من اختلال الأمن إلى الطبقية المقيتة إلى التناحر الحزبي .. إلخ.
والأفاعي عندما تجتمع -على اختلاف ألوانها وأشكالها- لابد أن يذوق بعضها سم بعض، إضافة إلى الحجارة التي تهشم رؤوسها باستمرار من أيدي أشبال الإسلام ، فكيف إذا وصل الأمر إلى الرصاص ؟.
ولقد رعبت دولة اليهود من ارتفاع مؤشر الهجرة المضادة ، وقلة استجابة السكان لدواعي تكثير النسل وأظهرت الإحصائيات الرسمية أنه مقابل كل شهيد من أبناء فلسطين المسلمة يولد عشرات وعشرات.
ومن تجربة إسرائيل التي لا تقبل النقاش أنها أعجز ما تكون عن استئصال المقاومة بنفسها، فعملاؤها هم الذين تولوا سحق الفلسطينيين في لبنان والأردن وسورية والكويت وغيرها.
فلماذا لا تضع يدها في أيديهم ضمن خطة أخرى تتنازل فيها عن أوسع حدود الأرض التوراتية إلى أضيقها ؟ ولا غرابة في هذا على عقيدة اليهود التي تؤمن بالبداء وبأن الأحبار يصححون أخطاء الرب -تعالى الله عما يصفون-.
ثم إن إسرائيل لكي تقنع الإنسان الغربي المفتون بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان لا يمكن أن تظل ثكنة عسكرية وسجناً كبيراً إلى الأبد.
كما أن المقاطعة العربية مهما بدت شكلية ، توفر حاجزاً نفسياً لشعوب المنطقة ، فلابد من افتعال حركة ((تكتيكية)) يتراجع فيها اليهود ويسلمون بما يسمى ((الحكم الذاتي المحدود)) لكي يتم الهدف الأكبر استراتيجياً ((التخلي عن التوسع الجغرافي مقابل التغلغل السياسي والاقتصادي والثقافي)) وهو ما عبر عنه أكثر من مفكر ومسؤول بمصطلح ((الولايات المتحدة الشرق أوسطية)) !!
وهكذا سيؤدي فتح الحدود الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وإعلان فتح القنوات السياسية إلى أن يصبح يهود إسرائيل في الشرق الأوسط كيهود نيويورك في أمريكا ، وتصبح ثروات المسلمين ركازاً لهم ، وجامعاتهم ومؤسساتهم الثقافية أوكاراً لفكرهم ، وحواضرهم التجارية مراكز لبنوكهم وتجارتهم وأسواقاً لبضائعهم ويصبح عامة الشعوب العربية عمالاً كادحين لخدمة البارون اليهودي الربوي !!
هذا هو هدف السلام المزعوم مهما غلفوه أو قنعوه ، والتخطيط الصهيوني لم يتغير ارتجالاً ولا هو نتيجة دراسات فكرية وميدانية بحتة كما يظهر - بل إن أسبابه وجذوره تمتد إلى ما هو أعمق من ذلك ، إلى خبيئة النفسية اليهودية وحقيقة الجبلَّة اليهودية ، وواقع التاريخ اليهودي القديم والحديث . فقيام كيان يهودي متميز مستقل كسائر الكيانات السياسية أو العقدية في العالم أمر يتنافى مع تلك النفسية والجبلة والتاريخ ، والخطأ الأكبر الذي وقع فيه مسطرو أحلام العودة منذ الأسر البابلي إلى الاضطهاد الأوربي ، وخطط لـه أمثال هرتسل وفيشمان ووايزمان هو أنهم غفلوا أو تغافلوا عن هذه الحقيقة ، فلما قام الكيان المنشود خرجت الحقيقة كالشمس من تحت الركام !!
وليس بخاف على اليهود ولا على المطلعين على الحركة الصهيونية الحديثة أن جماعات وزعامات يهودية ( دينية وفكرية ) ترفض قيام دولة يهودية متميزة بل تعكس النبوءات التوراتية ، على أهلها وتقول إن قيام الدولة هو نذير الهلاك والفناء لليهود ، ولها على ذلك أدلة وشواهد من الأسفار والمزامير ومن واقع التاريخ .
لقد جسد قيام دولة إسرائيل المأزق الكبير الذي وقع فيه اليهود ، حين اصطدمت الأحلام التلمودية العنصرية التي لا حدود لها بواقع النفسية اليهودية العليلة ، التي لم تكن يوماً من الأيام رأساً في قضية ولو كانت قضيتها الذاتية ، فكيف تكون رأساً في قضية العالم كله ، ولذلك فإنها تعلل نفسها بخروج المسيح الموعود الذي يحمل عنها هذه التبعة.
فاليهود لم يكونوا في حقبة من أحقاب تاريخهم رأساً في قضية ولوكانت قضيتهم ، ولو كانوا مرة واحدة لكانت في هذا العصر وهو ما لم يكن!! فهم كالشجرة الطفيلية لا تنمو إلا على ساق غيرها ، أو الدودة المعوية التي لا تأكل إلا قوت غيرها ، فمن حادثة بني قينقاع حيث كان المنافقون هم الناطقين الرسميين الظاهرين -إلى مؤامرة الأحزاب- حيث كان الجند جند قريش وحلفائها لا جند قريظة وأخواتها -إلى الإدارة الأمريكية- حيث لا يزال اليهود وهم يسيطرون على الجزء الأكبر من الاقتصاد والإعلام والتأثير السياسي ..إلخ يستخدمون أمثال نيكسون وكارتر وريجان وبوش وهم جميعاً نصارى !!
وقد عاشوا في أحشاء أوربا وتسلقوا شجرة الحقد الصليبي فكان لهم حبل من الناس. وعندما أصبح لهم لأول مرة منذ قرابة ألفي سنة دولة وحكومة ظهرت السنة الربانية تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى  [الحشر : 14] فهذه الدولة تعج بالمتناقضات والصراعات ، وتتكفف العالم كله وتعصر اليهود وغيرهم في كل مكان عصراً لإدرار التبرعات ، ولا تستغني في أي محفل دولي عن المندوب الأمريكي ونظرائه ، وإن كانت في الظاهر تمثل مع أمريكا دور الثعلب مع النمر !!( ).
إنهم دائماً يحركون الدمى من وراء الستار ولو ظهروا على المسرح لانكشفت سوءاتهم وبطل سحرهم . إنهم يحرصون على تبني أي رئيس أمريكي والإطاحة به ولكنهم لا يستطيعون أو لا يفكرون في أن يجعلوه رئيساً يهودياً وحكومته حكومة يهودية صريحة !! (والآن رشحوا يهودياً نائباً للرئيس).
وأمر آخر يقض مضاجع يهود دولة إسرائيل ، هو أنه ليس في وسع الشراهة اليهودية العمياء أن تظل حبيسة الأرض التي قالت عنها التوراة أنها تفيض لبناً وعسلاً ، مع أن المنطقة الكبرى حولها تفيض نفطاً وذهباً ، ثم تظل رهينة الفكرة الداعية لقيام دولة ما بين الفرات والنيل وفق النموذج النازي العسكري الذي عجزوا عجزاً واضحاً عن السيطرة على ما تم لهم منه.
بل إن ما تحقق من هذا الحلم كاف للعدول عن الفكرة الأخرى التي أقام عليها "روتشيلد" وذريته مملكة لا نظير لها في التاريخ " مملكة الربا والإعلام والجاسوسية " ، وهي مملكة تتفق تماماً مع الجبلة الطفيلية ، وليكن ما احتلوه من الأرض في حروبهم المتعددة -أو جزء منه- منطلقاً لهذه المملكة ، وتربة لهذه الشجرة الطفيلية التي سوف تترعرع وتخترق بثقافتها وفكرها ومناهجها سائر المنطقة ، التي يسيل لعاب العالم كله لثروتها !
فإلى متى يظل وصولهم إلى هذه الثروات الهائلة والكنوز السائلة ملتوياً يمر بقناة الأمريكان والأوربيين !! وهم الجيران الأدنون ؟!
إن اليهود أكثر دهاءً وأكثر شراهة من أن يظلوا موغلين في خطأ جسيم كهذا -خطأ التوسع الجغرافي غير المضمون حتى لو كان هذا هو ما تخيله أحبار التلمود منذ سحيق العهود ، وسواء خرج المسيح أو لم يخرج !! )) أ.هـ( ).
ذلك ما قلنا من قبل فما الثابت وما المتغير في الوضع الراهن ؟!
لقد صدقت النبوءة في جانبها السلبي ، لسبب واحد واضح هو أن طبيعة النفسية اليهودية ثابتة لا تتغير بتغير استراتيجيات الحرب والسلام ، وإلا فكيف تخسر الدولة الصهيونية مكاسب السلام الهائلة ؟ وكيف يكون السلام الذي تسعى إليه كل الأمم هو سبب الانهيار أو الضعف ؟ إن الدولة الصهيونية هي الآن أضعف ما تكون مع أنه لم يحاربها أحد ، بل ليس في نية أحد أن يحاربها ، فلماذا ؟ لابد أن السبب ذاتي محض ، وإلا فلو كانت تلك المشروعات موضوعة لشعب آخر ولو كانت تلك الاتفاقات معقودة مع طرف آخر لأمكن الوصول إلى نتائج ثابتة ، باحتمالات معقولة للنقض أو التحايل ،كما نرى في سائر النـزاعات بين سائر البشر ، ولكن اليهود لهم طبيعة خاصة تخالف سائر البشر ، طبيعة خاصة في المفاوضات ، وطبيعة خاصة في العهود ، وطبيعة خاصة في التملص والنكوص.
وباختصار نقول إن الحسابات التي بنيت عليها قرارات مدريد وأوسلو تقوم :
على أساس أن السلام يكسر الحواجز النفسية -وهذا معقول إلا في الأمة التي تكون نفسيتها نسيجاً معقداً من الحواجز ،وهي الأمة المغضوب عليها "اليهود"-.
وعلى أساس أن السلام مطلب حيوي لكل الأمم وهذا حق إلا بالنسبة للأمة التي لا تعيش إلا على العدوان والوحشية والعنصرية الحاقدة !!
وحتى لا يتهمنا أحد بالعنصرية -أو يحاكمونا كما حاكموا جارودي !!- لن نستدل على هذا بكتاب الله العزيز ولا بأقوال البشر من الأمميين كافة ، بل من التوراة نفسها التي قام الكيان الصهيوني على نبوءاتها ((وليسمع من له أذنان)) !!.
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه