عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 03-08-2001, 07:46 PM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
Post

11
.
.
.

محاكمة لا مصالحة
.,
.
.
.

يعتقد الصهيونيون بوجهيهم –اليهودي والنصراني- أن اجتماع بقية بني إسرائيل على أرض فلسطين هو تحقيق لوعد الله بالمصالحة بينه وبين شعبه المختار ، ولذلك نصرهم على العرب وبارك من يباركهم "أمريكا" ولعن من يلعنهم..!!
والواقع أن أسفار التوراة لا تخلو من دعوة لليهود إلى المصالحة مع الرب ولكن بماذا؟
إنها دعوة إلى التوبة وترك الكفر بالله ورسله ، ونبذ عبادة غير الله وحفظ فرائضه والشفقة على الضعفاء والأيتام والإحسان إلى الخلق.
هذا ما نجده بوضوح في معظم الأسفار ، ومعه في الوقت نفسه الوعيد الشديد عليهم إن هم خالفوا ذلك ونكثوا العهد ونقضوا الميثاق ، وهو ما لا علاقة له ضرورة بالنبوءات وأحداث آخر الزمان ، بل هو دعوة عامة للتوبة والإيمان للفرد والجماعة في كل مكان ، أما اجتماع البقية الشريرة المطرودة، وعودتها إلى الأرض المقدسة ليحل عليها غضب الله ، فالنبوءات فيه صريحة وخاصة ، وهي من الكثرة والوضوح بحيث يصعب حصرها وإيرادها إلا من خلال أمثلة وإشارات فقط.
فلنبدأ بما يعتمد عليه الصهيونيون من نبوءات :
يقول سِفر حزقيال :
((ها أنذا آخذ بني إسرائيل من بين الأمم التي ذهبوا إليها ، وأجمعهم من كل ناحية، وآتي بهم إلى أرضهم ، وأصيِّرهم أمةً واحدة في الأرض ، على جبال إسرائيل ، وملك واحد يكون ملكاً عليهم ولا يكونون أمتين ولا ينقسمون بعد إلى مملكتين)).
[37 :22،21]
ربما كان هذا أقوى دليل وأصرحه للصهاينة ، ولا بأس. فلنكمل ما ورد في السفر نفسه ولنقرأ بقية الكلام :
((لا تنجسون بعد بأصنامهم ولا برجاساتهم ولا بشيء من معاصيهم بل أخلِّصهم من كل مساكنهم التي فيها أخطأوا ، وأطهرهم فيكونون لي شعباً وأنا أكون لهم إلهاً ، وداود عبدي يكون ملكاً عليهم ويكون لجميعهم راعٍ واحد ، فيسلكون في أحكامي ويحفظون فرائضي ويعملون بها)).
[37 : 23 ، 24]
لا ريب أن ذكر "داود" هنا ينفي أن يكون المقصود هو دولة صهيون المعاصرة بل إن حزقيال نفسه كان بعد داود ! ومن هنا يحق لنا أن نشك في أن العبارة محرفة ، لكن الصهاينة يؤولون ذلك بأنه "رمز" لدولة إسرائيل.
فلنسلِّم جدلاً ، ولنسأل :
أهذا وعد مطلق أم مشروط ؟ وهل يتحقق في دولة إسرائيل شيءٌ من الشروط ؟ أليسوا إلى اليوم كافرين برسالتي المسيح ومحمد  ودينهما الواحد ((الإسلام)) ؟ وهب أن المقصود أحكام التوراة المنسوخة فأين هم منها ؟.
إن دولة إسرائيل هي من أكبر مباءات الفواحش والإلحاد والإجرام في العالم ، إنها تنافس أمريكا في القمار والشذوذ والربا وارتكاب كل الموبقات، والمؤسسون لها كانوا ملاحدة اشتراكيين زعماء عصابات إجرامية وإرهابية. وكل الوصايا العشر الموسوية مهجورة منكورة ، والشيء الوحيد الذي يحفظه اليهود من التوراة هو أنهم شعب الله المختار ونسل إبراهيم .
فلنبحث إذن عن حال هذه الدولة التي أقامتها "بقية بني إسرائيل" على حقيقتها لنجده في الأسفار واضحاً كالنهار.
ولنبدأ بالملخص الذي شرح به ناشرو الكتاب المقدس كلمة "بقية" لدى ورودها في سفر أشعياء وهو :
((سيُعاقَب إسرائيل (أي الشعب) على خيانته ، ولكن بما أن الله يحب شعبه فهناك بقية صغيرة تنجو من سيف المجتاحين)).
ثم أحال إلى مواضع كثيرة واستمر قائلاً :
((ستبقى هذه البقية في أورشليم ، وتُطَهَّر وتصبح أمينة فتصير أمة قديرة !! وبعد كارثة السنة 587 (يعني السبي) ظهرت فكرة جديدة ، وهي أن البقية ستكون بين المجلوين ، وتتوب في الجلاء (وذكر مصادر) فيجمعها الله عندئذٍ لإحياء المملكة المشيحية (وذكر مصادر) وبعد العودة من الجلاء ستكون البقية غير أمينة مرة أخرى وتطهر بالقضاء على قسم منها..)).
هذا هو مجمل الفكرة حيث يزعم الأصوليون أن المملكة المشيحية قد تمثلت بقيام دولة إسرائيل التي سينـزل فيها المسيح.
أما كونها ستكون غير أمينة وسوف تطهر بالقضاء على قسم منها فيغضون الطرف عنه كأن لم يكن !!
وأما الأمة القديرة فإنهم أنفسهم ذكروا بعد ثلاث صفحات فقط أن الله يتخذ أمة قديرة للانتقام من بني إسرائيل فهي إذن ستقضي على القسم المقضي عليه بغضب الله وهلاكه منهم. فأداة الانتقام هي الأمة القديرة المطهرة الأمنية.
ونحن سندلهم على القراءة الحقيقية لما جاء عن هذه البقية ونوردها على محاور :
الأول : أن هذه البقية لا عهد لها مع الله فليس لله عهدٌ دائمٌ مع أحدٍ إلا بالالتزام بتقواه وطاعته :
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين.
وتاريخ بني إسرائيل هو دورات متعاقبة من الإيمان والكفر ، لا يفرقه عن تاريخ بقية الأمم إلا غلظ كفرهم وزيادته مقارنةً بكثرة أنبيائهم ، وتتابع إمهال الله لهم ونعمه عليهم لعلهم يرجعون.
وما مرحلة القضاة –الذين هم رؤساء عشائر- إلا نموذج جلي لهذا. وقد ابتدأت هذه المرحلة من بعد يوشع غلام موسى  حتى داود . وفي كل مرة ينقضون عهد الله ويعبدون "بعلاً " و "عشتروت" و "تموز" وغيرها من الأرجاس ويذبحون لها أبناءهم ، فينذرهم الله ويُرسل لهم نبياً فيتوب منهم من شاء الله ، ثم سرعان ما يعودون لشركهم ورجسهم فيسلط الله عليهم أمةً ممن حولهم تذيقهم سوء العذاب ، وهكذا مرات ومرات !!
وهذا ما عبَّر عنه سفر الملوك الثاني بقوله :
((وكان الرب قد أشهد على بني إسرائيل ويهوذا على ألسنة جميع الأنبياء وكل راءٍ قائلاً : توبوا عن طرقكم السيئة ، واحفظوا وصاياي وفرائضي على حسب كل الشريعة التي أوصيت بها آباءكم ، والتي بلغتكم إياها عن يدي عبيدي الأنبياء ، فلم يسمعوا وصلبوا رقابهم مثل رقاب آبائهم الذي لم يؤمنوا بالرب إلههم ، ونبذوا فرائضه وعهده الذي قطعه مع آبائهم ، والشهادة التي أشهدها عليهم وساروا وراء الباطل ، وساروا باطلاً وراء الأمم التي حولهم مما أمر الرب أن لا يفعلوا مثلها ، وتركوا جميع وصايا الرب إلههم ، وصنعوا لهم عجلين (صنمين) من المسبوكات ، وأقاموا وتداً مقدساً وسجدوا لجميع قوات السماء (يعني الكواكب) وعبدوا البعل، وأمَروا بنيهم وبناتهم بالنار ، وتعاطوا العرافة والفراسة (الكهانة).. فنبذ الرب جميع ذرية إسرائيل وأذلهم وأسلمهم إلى أيدي الناهبين حتى رذلهم من وجهه)).
[17 : 13-17 ، 20]
والبقية الباقية إنما تبقى للابتلاء والامتحان فإن وفَّت وفَّى الله معها ، وإن نقضت عاقبها الله ، وليس بقاؤها لأنها طاهرة أمينة طهارة وأمانة أبديتين ، بل إن هذه البقية تبقى لتكون عبرة للأمم كلها وإمهالاً منه لها لكي تتوب :
يقول سِفر حزقيال بعد أم أمره الله أن يتنبأ عليهم بدمارٍ هائلٍ وقتلٍ وتخريبٍ وتطهيرٍ للأرض من أرجاسهم :
((لكن أبقي بقية ليكون لكم مفلتون من السيف بين الأمم ، إذ تُذَرُّون في البلدان فيذكرني مفلتوكم بين الأمم التي يسبون إليها ، إذ أسحق قلوبهم الزانية التي حادت عني وعيونهم التي زنت في السير وراء قذارات)).
[6 : 8-10]
ويصرح أرمياء بأكثر من هذا : فهو بعد أن يخبر عما ينالهم من دمار وتنكيل ، حتى أن جثثهم تطرح في المدن فتأكلها طيور السماء وبهائم الأرض ، بل حتى أن عظام ملوكهم ورؤسائهم تُنبش وتُنثر وتكون زبلاً على وجه الأرض يقول :
((ويُفضَّل الموت على الحياة عند جميع البقية الباقين من هذه العشيرة الشريرة الباقين في جميع الأماكن التي طردتهم إليها)).
[8 : 3]
أما التائبون العائدون إلى الله فهم قليلٌ وهم الذين يسلمون فيكونون البقية المقدسة التي سيأتي الحديث عنها في آخر هذا الفصل ، ويكون هذا بعد أن تفقد الصهيونية القوة التي تسندها فتسقط كل عروشها وتخسر كل دعاواها.
يقول أشعياء بعد ذكر الحريق الهائل الذي يسلطه الله عليهم :
((وفي ذلك اليوم لا تعود بقيت إسرائيل والناجون من بيت يعقوب يعتمدون على من ظربهم ، وإنما يعتمدون على الرب قدوس إسرائيل حقاً والبقية ترجع -بقية يعقوب- إلى الله الجبار.
إنه وإن كان شعبك إسرائيل كرمل البحر إنما ترجع بقية منه)).
[10 : 20-22]
وهذا يبين بلا أدنى شك أن اليهود ليسوا أبناء الله وأحباؤه بل هم بشر ممن خلق !! وهو ما يُصرح به سفر عاموس :
((ألستم لي كبني الكوشيين "شعب النوبة" يا بني إسرائيل يقول الرب : ألم أُصعد إسرائيل من أرض مصر ، والفلسطينيين من كفتور وآرام من قير. ها إن عيني السيد الرب على المملكة الخاطئة سأبيدها عن وجه الأرض إلا أني لا أبيد بيت يعقوب إبادة يقول الرب. فإني ها أنذا آمر وأهز بيت إسرائيل في جميع الأمم هز الغربال فلا تسقط حصاة على الأرض ، وبالسيف يموت جميع خاطئي شعبي القائلون : إن الشر لا يقترب منا ولا يدركنا)).
[7 : 10]
وقد عرفنا أن المملكة الخاطئة هي رجسة الخراب فسيدمرها إلا من أسلم أو هرب أما بقية اليهود في العالم فيهزهم هزَّاً ويغربلهم غربلة !!
الثاني : لا حق لها في وراثة إبراهيم  :
يقول حزقيال في سفره :
((وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً : يا ابن الإنسان إن سكان تلك الأخربة في أرض إسرائيل يتكلمون قائلين : كان إبراهيم وحده وورث الأرض ، ونحن كثيرون فقد أعطينا الأرض ميراثاً. لذلك قل لهم : هكذا قال السيد الرب : إنكما تأكلون بدم، وترفعون عيونكم إلى قذاراتكم وتسفكون الدم أفترثون الأرض ؟ إنكم اعتمدتم على سيوفكم وصنعتم القبيحة (وفي الترجمة الأخرى وفعلتم الرجس) ونجستم كلَّ رجلٍ امرأةَ قريبه أفترثون الأرض ؟)).
إنه خطاب لشعب رجسه الخراب. وإلا فقد جاءت هذه النبوءة زمن النفي وليس لليهود قوة ولا سلطان ودماؤهم هم مسفوكة ، أما الأرجاس المعاصرون فكل ما قيل هنا صادقٌ عليهم.
ولهذا يقول بعد ذلك مباشرة :
((هكذا تقول لهم : حي أنا ، إن الذين في الأخربة يسقطون بالسيف ، والذي على وجه الحقول أجعله مأكلاً للوحوش ، والذين في الحصون والمغاور يموتون بالطاعون، وأجعل الأرض خربة ومقفرة ، وأزيل الكبرياء عزتها فتصير جبال إسرائيل مقفرة لا عابر فيها ، فيعلمون أني أنا الرب حين أجعل الأرض خربة مقفرة بسبب جميع قبائحهم التي فعلوها)).
وفي الترجمة الأخرى ((على كل رجاستهم التي فعلوها)).
[33 : 23-29]
بل إنه ينفي نسبهم إلى إبراهيم  وهو عماد دعوى الميراث المزعوم : يقول :
((يا ابن الإنسان : أخبر أورشليم بقبائحها –وفي الترجمة الأخرى- عرّف أورشليم برجاستها – وقل : هكذا قال السيد الرب لأورشليم : أصلك ومولدك من أرض الكنعانيين وأبوك أموري وأمك حثية)).
[16 : 1-3]
وبعد أن يفيض في نجاستها وزناها وفجورها جداً يعود فيقول :
((إنما أنت ابنةٌ امِّك التي عافت رجلها وبنيها ، وأنت أخت أخواتك اللاتي عفن رجالهن وبنيهن إن أُمّكن حثية وأبوكن أموري ، فأختك الكبرى هي السامرة مع توابعها الساكنة عن يسارك ، وأختك الصغرى الساكنة عن يمينك هي سدوم وتوابعها ، وأنت لم تقتصري على القليل في سيرك في طريقهن وصنعت مثل قبائحهن (في الأخرى رجاستهن) بل زدت عليهمن فساداً في كل سلوك ، حي أنا، يقول السيد الرب : إن سدوم أختك لم تصنع هي وتوابعها مثلما صنعت أنت وتوابعك)).
[16 : 44-48]
وسواء كان هذا من قبيل "إنه ليس من أهلك" ومن قبيل قول المسيح  لهم :
((أنتم من أبٍ هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا)).
[يوحنا 8 :44]
أو أنه حقيقة قد انقطعت صلتهم بإبراهيم  .
والذي لا جدال فيه أن اليهود اليوم هم خليطٌ غريبٌ من حثالات شعوب كثيرة ، إلا أن أغلبهم من الأصل الخزري ، وربما كان في قوله ( حِثِّيَّة ) إشارة لهذا فالحثيون شعب مجهول ، كان يسكن في جهة الشمال بالنسبة للأرض المقدسة –في تركية اليوم- فلا يبعد أن يكون الموطن الأصلي للخزر ، أو أن المقصود الإشارة إلى تلك الجهة التي سيكون منها معظم اليهود لا سيما عند قيام رجسة الخراب "دولة إسرائيل".
لقد عجزت كل الحيل الصهيونية عن إثبات النسب السامي لليهود ولم يستطع أحدٌ ممن يوثق بعلمه من دارسي السلالات البشرية أن يشهد لهم بهذا !!
كيف وهم من الفلاشا إلى المغاربة ومن الفرس إلى الأسبان ومن البولنديين إلى جنوب إفريقيه ؟!!
ومن هنا كان سفر "هوشع" يقطع كل صلة لهؤلاء بالله ورسله ، حين رمز لهم بامرأة زانية تلد ولداً فيأمره الرب أن يسميه (يَزْراعيل) وهو الوادي الذي ستقع فيه معركة مجدو أو هرمجدون ، ثم تلد بنتاً فيأمره أن يسميها (غير مرحومة) ثم تلد ولداً فيقول الرب سمه (لا شعبي) أو (ليس شعبي) وهذا الرمز الأخير هو الذي يستخمه الكاثوليك ومن وافقهم في تسمية اليهود !!
فنسبهم باطل وأمهم غير مرحومة وذريتهم ليست شعب الله !!
الثالث : أن الله سيعيدها إلى الأرض المقدسة للمحاكمة والعقوبة لا للصلح والمثوبة :
يقول حزقيال :
((يقول السيد الرب : إني بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضب مصبوب أملك عليكم وأخرجكم من بين الشعوب وأجمعكم من الأراضي التي شُتِّتم فيها بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضبٍ مصبوب ، وآتي إلى برية الشعوب وأحاكمكم هناك وجهاً لوجه كما حاكمت آباءكم في برية مصر)).
[20 : 33-36]
وهذا إحالة إلى ما عاقبهم الله به من التيه أربعين سنة وما حل بهم هناك من العقوبات المتتابعة.
ويوضحه ما في سفر صفينا :
((تكدّسي تكدّسي -في الترجمة الأخرى : تجمّعي تجمّعي- أيتها الأمة التي لا حياء لها قبل أن تطردوا كالعصافة العابرة في يوم واحد قبل أن يحل بكم اضطرام غضب الرب قبل أن يحل بكم يوم غضب الرب ! )).
ثم يتوجه بالخطاب إلى المظلومين المستضعفين في أرض فلسطين :
((التمسوا الرب يا جميع وضعاء -في الترجمة الأخرى : يا بائسي- الرب الذين نفذوا حكمه ، التمسوا البر ، التمسوا الضعة فعسى أن تستتروا في يوم غضب الرب)).
[2 : 1-3]
وهكذا فاجتماعها إنما هو لحلول غضب الرب عليها ، وحينئذٍ تطرد وتذاد عن الأرض المقدسة كما تكون العصافة في البيدر ، تذهب بها الرياح كل مكان ، وينجو المستضعفون المتمسكون بحبل الله وتقواه.
لكن الطرد لا يعني أنهم يستطيعون الفرار بل يلوذ بعضهم به عائدين إلى مواطنهم الأولى أو غيرها أما الأكثرون فمصيرهم كما في حزقيال :
((من حيث إنكم صرتم زغلاً فلذلك ها أنذا أجمعكم في وسط أورشليم جمع فضة ونحاس وحديد ورصاص وقصدير ، إلى وسط كور -(كير) (في الكاثوليكية : الأتون)- لنفخ النار عليها لسبكها ، كذلك أجمعكم بغضبي وسخطي وأطرحكم وأسبككم فأجمعكم فأنفخ عليكم في نار غضبي ، فتسبكون في وسطها كما تسبك الفضة في وسط الكور ، كذلك تسبكون في وسطها ، فتعلمون أني أنا الرب سكب سخطي عليكم)).
[22 : 19-22]
…وهذا ما سيكون في يوم الغضب الآتي ذكره قريباً.
وهنا يأتي السؤال :
ما مصير البقية من بني إسرائيل التي تبقى في الأرض بعد يوم الغضب ؟
ما مصير الشعب الصهيوني بعد يوم الغضب ؟
تحدد الأسفار مصير شعب إسرائيل حين حلول يوم الغضب على النحو التالي :
أشعياء يخبر عن أنهم يفنون ويعاقبون إلا قليلاً منهم :
((ها إن الرب يخرب الأرض ويدمرها، ويقلب وجهها، ويبدد سكانها، فيكون الكاهن كالشعب والسيد كالعبد والسيدة كخادمتها... تدنست الأرض تحت سكانها لأنهم تعدوا الشرائع ونقضوا الحكم ونكثوا العهد الأبدي، فلذلك أكلت اللعنةُ الأرض وعوقب الساكنون فيها، ولذلك احترق سكان الأرض فبقي نفرٌ قليل)).
[24 : 1 ، 5-6]
وفي زكريا تفصيل أكثر إذ يجعلهم أثلاثاً :
((ثلثين منهما يُقطعان ويموتان ، والثلث يبقى فيها ، وأُدخل الثلث -الباقي- في النار وأمحّصهم كمحص الفضة وأمتحنهم امتحان الذهب)).
[13 :7-9]
أما في حزقيال فهم كما قال :
((أحرق ثلثاً بالنار … وخذ ثلثاً واضرب عليهم بالسيف … وذرّ ثلثاً للريح)).
ثم يقول :
((وخذ من ذلك –(أي الثلث المشرد)- عدداً قليلاً وصرّه في ذيلك وخذ منه أيضاً وألقه في وسط النار وأحرقه بالنار ، من هناك تخرج نار على كل بيت إسرائيل)).
[5 : 2-4]
ويقول صفنيا :
((وأبقي في وسطك –(يعني إسرائيل)- شعباً وضيعاً فقيراً ، فتعتصم باسم الرب بقية إسرائيل لا يرتكبون الظلم ، ولا ينطقون بالكذب ، ولا يوجد في أفواههم لسان مكر لأنهم سيرعون ويربضون ولا أحد يفزعهم)).
[3 : 12-13]
هذه البقية المؤمنة يصفها أشعياء :
((تصير المدن خراباً بغير ساكن والبيوت بغير إنسان … وإن بقي فيها العشر من بعد فإنها تعود وتصير إلى الدمار ولكن كالبطمة والبلوطة التي بعد قطع أغصانها يبقى جذع فيكون جذعها زرعاً مقدساً)).
[6 : 13]
لا خلاف بيننا وبين الأصوليين في أن سكان إسرائيل اليوم من اليهود كفار ليس بينهم معتصمب الله ولا مقدِّس ، ولكن الأصوليين يقولون إنه وفقاً لهذه النبوءات سوف يؤمن اليهود بالمسيح عند نزوله فتكون تلك البقية المقدسة.
أما نحن فنقول :
حين يسترد المسلمون القدس ويدمرون الرجس تتحقق هذه النبوءات ، فمن اليهود من يُقتل، ومنهم من يفر ويتشتت في الأرض ، ومنهم من يبقى فيدخل في عهدنا وذمتنا ويرعى ولا يفزعه أحد ، ومنهم من يسلم وجهه لله ويهتدي وهو البقية المقدسة.
ومن البقية التي تفر ومن اليهود الذين لم يأتوا إلى فلسطين أصلاً تكون البقية الأخيرة التي تتبع الدجال في آخر الزمان ، وحين ينزل عيسى  لا يكون هناك ثلاثة أثلاث ، بل نصفان : نصفٌ يُقتل ضمن المقتولين من جيش الدجال ، ونصفٌ يُسْلِم مع
عيسى  لأنه كما ثبت عندنا بالخبر الصادق يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف.

.
.
12
.
.
يوم غضب الرب
.
.
.
.
كيف يحل يوم غضب الله وتنـزل العقوبة على دولة الرجس والظلم والعدوان "إسرائيل" :
تحدثنا الأسفار بوضوح عن هذه الأمور :-
1- صفات الجيش المنتصر.
2- انهيار الجيش الصهيوني.
3- مصير الحلفاء الاستراتيجيين للدولة الصهيونية.
وفي ثنايا كل سياق تتكرر أسباب العقوبة والخراب :
((الشرك بالله والكفر برسله والتمرد على أمره ، سفك الدم البريء ، والظلم والعدوان ، المكر والغش والغدر ، الفواحش ، اضطهاد البائس والأرملة))…إلخ.
يبدأ الزمن الجديد بإعلان الجهاد والمرجو أن تكون هذه الانتفاضة هي بدايته فإن لم تكن فهي بلا شك تمهيد له. فلابد أن يعلن وأن تسقط الشعارات الأخرى.
لقد وضع ناشرو الكتاب المقدس عنوان ((الزمن الجديد ويوم الرب)) لما جاء في سفر يوئيل عن تصور هذا اليوم العظيم ، الذي يبدأ بأن يتداعى جند الله للجهاد -بل إن السفر نفسه يدعو ويحض- ولأنه في الغالب جهاد شعوب لا تملك الطائرات والعتاد الثقيل ، بل أكثرهم لا يملك من الحديد إلا أدوات الفلاحة ، ولأن بعضهم أو أكثرهم من شعوب فقيرة ، اصطلت بنير الاحتكار الرأسمالي والربا اليهودي والتسلط الاستبدادي والحصار الأمريكي .. فهم ضعاف البنية ، ويداخلهم لأجل ذلك شيء من التخوف ، فالعدو جيش نووي قوي ووراءه بالطبع قوى عالمية حاشدة – لأن ذلك كله واقع تأتي البشرى لتنفض الوهن وتشحذا لعزائم :
((أعلنوا حرباً مقدسة
وأنهضوا الأبطال
وليتقدم رجال القتال ويصعدوا
اطرقوا محاريثكم سيوفاً
ومناجلكم رماحاً
وليقل الضعيف : إني بطل
اسرعوا وهلموا
يا جميع الأمم من كل ناحية
واجتمعوا هناك)).
[4 : 9 – 11]
هكذا : جهاد وتوكل ، إعداد بحسب الاستطاعة ، لا استجداء للسلاح من أعداء الله.
أما سفر أرمياء فيحث على مسابقة الزمن وتدمير دولة الترف ومجتمع العنف :
((أعلنوا عليها حرباً مقدسة
قوموا نصعد عند الظهيرة
ويل لنا فإن النهار قد مال
وظلال المساء قد امتدت
قوموا نصعد في الليل
ونهدم قصورها
فإنه هكذا قال رب القوات
إقطعوا خشباً واركموا على أورشليم مردوماً
هذه هي المدينة التي ستفتقد
التي ليس فيها إلا ظلم
كما أن البئر تنبع مياهها
فكذلك هي تنبع شرها
فيها يسمع بالعنف والنهب
وأمامي كل حين مرض وضربة))
[5 : 4 – 7]
((هوذا شعب مقبل من أرض الشمال
وأمة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض
قابضون على القوس والحربة
قساة لا يرحمون
صوتهم كهدير البحر
وعلى الخيول راكبون مصطفون
كرجل واحد للمعركة
ضدَّكِ يا بنت صهيون))
[6 : 22 ، 23]
ولأن السؤال يظل وارداً بإلحاح : أين الجيش الذي لا يقهر ؟ أين جيش الخراب المتسمي بجيش الدفاع ؟! يجيب سفر أشعياء جواباً قطعياً مختوماً ناسخاً لا منسوخاً.
بأن الرب ناداه :
((فهلمّ الآن واكتب ذلك على لوح أمامهم
وارسمه في سفر
ليكون لليوم الأخير
دائماً وللأبد !
بما أنكم نبذتم هذه الكلمة
وتوكلتم على الظلم والالتواء !
واعتمدتم عليها
لذلك يكون هذا الاثم لكم
كصدع يحصل فيتضخم في سور عالٍ
فيحدث انهدامه بغتة على الفور
فينهدم مثل إناء الخزّافين
الذي يسحق بغير رفق
فلا يوجد في مسحوقه شقفة
لأخذ نار من الموقد !!
أو لغرف ماء من الجب !!
......................
ألف معاً تجاه تهديد واحد !!
وتجاه تهديد خمسة تهربون !!
حتى تتركوا كسارية على رأس الجبل
وكراية على التلة)).
[30 : 8 ، 12 ، 14 ، 17]
ويؤكد سفر عاموس ذلك :
((قد أتت النهاية لشعبي إسرائيل
فلا أعود أعفو عنه
فتصير أغاني القصر ولوالاً
في ذلك اليوم ، يقول السيد الرب
وتكثر الجثث
وتلقى في كل مكان بصمت)).
[8 : 2 ، 3]
أما صفات المجاهدين وبسالتهم فيرسمها يؤئيل في صورة بيانية بديعة :-
((كما ينتشر الفجر على الجبال
شعب كثير مقتدر
لم يكن له شبيه منذ الأزل
ولن يكون له من بعد
إلى سني جيل وجيل
...................
قدامه النار تأكل
وخلفه اللهيب يحرق
قدامه الأرض كجنة عدن
وخلفه قفر وخراب
ولا ينجو منه شيء
كمنظر الخيل منظره
ومثل الفرسان يسرعون
كصوت المركبات
على رؤوس الجبال يقفزون
كصوت لهيب النار الآكلة القش
وكشعب مقتدر مصطف للقتال
من وجهه يرتعد الشعوب
وجميع الوجوه قد شحبت
كالأبطال يسرعون
وكرجال الحرب يتسلقون السور
وكل منهم يسير في طريقه
ولا يحيد عن سبله
ولا يزاحم أحد أخاه
بل يسيرون كل واحد في طريقه
ومن خلال السهام يهجمون
ولا يتبددون
يثبون إلى المدينة
ويسرعون إلى السور
ويصعدون إلى البيوت
ويدخلون من النوافذ)).
[2 : 2 – 9]
...
ويصفها أشعياء هكذا :
((فيرفع راية لأمة بعيدة
ويصفر لها من أقصى الأرض
فإذا بها مقبلة بسرعة وخفة
ليس فيها منهك ولا عاثر
لاتنعس ولا تنام
ولا يحل حزام حقويها
ولا يفك رباط نعليها
سهامها محددة
وجميع قسيها مشدودة
تحسب حوافر خيلها صواناً
ومركباتها إعصاراً
لها زئير كاللبؤة
وهي تـزأر كالأشبال
وتزمجر وتمسك الفريسة
وتخطفها وليس من ينقذ
فتزمجر عليه في ذلك اليوم كزمجرة البحر
وتنظر إلى الأرض فإذا بالظلام والضيق
وقد أظلم النور في غمام حالك))( ).
[5 : 26-30]
أما الأسرى الصهاينة فتحدد الأسفار مصيرهم هكذا :
في سفر التثنية :
((ويردك الرب إلى مصر في سفن في الطريق التي قلت لك لا تعد تراها فتباعون هناك لأعدائك عبيداَ وإماءً وليس من يشتري)).
[28 : 68]
ويوضحه ما في أرمياء :
((هاأنذا أحاكمك على قولك لم أخطئ .. إنك تخزين من مصر كما خزيت من آشور))
[2 : 35 ، 36]
((أعبدٌ إسرائيل أم هو مولود بيت ، عليه زأرة الأشبال وأطلقت أصواتها وجعلت أرضه دماراً ، ومدنه احترقت بلا ساكن فيها وبنو نوف وتحفنحيس -مدينتان مصريتان معروفتان في ذلك الوقت- أيضاً حلقوا هامتك)).
[2 : 14-16]
لاشك أن المجاهدين سيكونون من كل بلاد الإسلام ولكن التبكيت والخزي بمصر له دلالته، فهي التي أخرجوا منها أول عهدهم حين أنجاهم الله من العبودية لآل فرعون ، والآن بسبب ردتهم -التي صرح بها السفر مراراً- سيعادون إليها عبيداً، لكن لا أحد يشتري هذه المرة..! لماذا..؟ لأنهم رجس..!
فهم يحملون في أبدانهم فيروسات الايدز ، ويحملون في قلوبهم الحقد والغدر ، فلا يريدهم أحد ولو عبيداً وإماءً.
وفي الاتجاه المقابل وفيما يشبه النفخ في الصور يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم ويتداعى المسلمون بعد المعركة الكبرى والنصر العظيم إلى الأرض المباركة للزيارة والاعتكاف ، ولاسيما من العراق ومصر.
يقول أشعياء :
((في ذلك اليوم يدوس الرب قمحه من مجرى النهر إلى وادي مصر ، وأنتم تلقطون واحداً فواحداً يا بني إسرائيل.
وفي ذلك اليوم ينفخ في بوق عظيم ويأتي الهالكون في أرض آشور والمنفيون في أرض مصر ويسجدون للرب في جبل القدس في أورشليم)).
[27 : 12 ، 13]
أما العراق فلأن الله قد فك عنهم الحصار الذي أهلكهم وأجهدهم !
وأما مصر فلأنها تشعر بالحرج البالغ بسبب كامب ديفيد !
أما مصير الحليف الاستراتيجي فقد سبق ما يمهد لـه في الكلام عن نبوءة دانيال فهناك اتفقنا نحن وهم على أن الإمبراطورية الرومانية الجديدة هي ذلك الحليف ولكن لأن الذين كتبوا عن النبوءات قبل قيام دولة إسرائيل فسروا بابل الجديدة بأنها القديمة أي أن النبوءة قد مضت -أو فسروها بأنها "روما" مقر الكنيسة الكاثوليكية ، ولأن الذين كتبوا بعد قيام دولة الرجس أغفلوا هذا بل هم يزعمون أن عظمة أمريكا وقوتها هو ببركة نصرتها لإسرائيل- لأجل ذلك ضاعت الحقيقة عن مصير هذا الحليف المجرم.
فلنذكر نحن ما قالت الأسفار عن وصفه ومصيره :
1)- يخاطب سفر أشعياء دولة الرجس قائلاً :
((إذا صرختِِ فلتنقذك مجموعاتك لكن الريح سترفعها جميعاً والنسيم يذبها أما الذي يعتصم بي فيملك الأرض ويرث جبل قدسي)).
[57 : 13-14]
وفي الترجمة الأخرى :
((ولكن الريح تحملهم كلهم تأخذهم نفخة أما المتوكل عليّ فيملك الأرض ويرث جبل قدسي)).
ويذكرهم قائلاً :
((إذا مد الرب يده عثر الناصر وسقط المنصور وفنوا كلهم جميعاً))
[13 : 3]
2)- يصف أرمياء حال بابل الجديدة قائلاً :
((كيف كسرت وحطّمت مطرقة الأرض بأسرها ؟ كيف صارت بابل دهشاً عند الأمم ، نصبتُ لكِ فخاً فأُخذتِ يا بابل ولم تشعري ، لقد وجدتِ نقيضي عليكِ لأنك تحديتِ الرب)).
[50 : 23-24]
ويصفها بأنها :
((اعتدّت بنفسها على الرب ...)) ويقول :
((ها أنذا عليك أيها الاعتداد بالنفس.. لأنه قد أتي يومك وقت افتقادك ، سيعثر الاعتداد بالنفس ويسقط وليس أحد ينهضه وأوقد ناراً في مدنه فتلتهم كل ما حوله)).
[50 : 29 ، 31 – 32]
ومن أوصافها فيه :-
أ – هي ((كأس ذهب بيد الرب ، تسكر كل الأرض . من خمرها شربت الأمم ولذلك فقدت رشدها)).
[51 : 7]
ب- ((قائمة على المياه الغزيرة)) و ((كثيرة الكنوز)).
[51 : 13]
ج- هي خليط من الشعوب ولذلك هم عند بداية يوم غضب الله عليها ينصح بعضهم بعضاً : ((اهجروها ولنذهب كل واحد إلى أرضه فإن الحكم عليها بلغ أعلى السموات ورفع إلى الغيوم)).
[51 : 9]
3)- يذكر أشعياء أن العقوبة في يوم الغضب لا تختص بالرجسة وحدها بل :
((في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد ، لاوياثان الحية الهاربة، ولاوياثان الحية الملتوية ويقتل التنين الذي في البحر)).
لقد حار شراحهم في تفسير ذلك ، ولكن المتأمل في قيام رجسة الخراب يجد أن ثلاث حيات أنشأتها :-
1- الحية الهاربة التي أعطت وعد بلفور وهيأت للعصابات الصهيونية ثم هربت (بريطانيا).
2- الحية الملتوية التي التفت على الأرض المقدسة وهي دولة صهيون.
3- التنين أو الحية العظمى التي في البحر -إذ في البحر حاملات طائراتها ومدمراتها لإرهاب المسلمين- وهي أمريكا !!
ويؤيد ما سبق (ص62 و 67) عن الوحش وأن التنين هو الذي يعطيه القدرة والملك.
إن الشراح البروتستانت -وإليهم تنتمي المدرسة الأصولية- يفسرون بابل بأنها الكنيسة الكاثوليكية في آخر الزمان -أي منذ بضعة قرون إلى نـزول المسيح- ويؤولون صفات بابل الجديدة الواردة آنفاً بأنها مدينة روما ويتنبأون بهلاكها.
والحقيقة أن هذا الوصف لا ينطبق على مدينة ضالة في تدينها بل هو على إمبراطورية ضالة في غطرستها وتحديها لخالقها اعتداداً بقوتها وهيمنتها ، ولذلك فمن السهل علينا إثبات خطأ " بيتـز " في شرح سفر الرؤيا ، وذلك بذكر الصفات التي ذكرها هو نقلاً عن السفر :-
- ((الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر كل سكان الأرض من خمر زناها)) (ص245).
- ((المياه التي رأيت حيث الزانية جالسة هي : شعوب وجموع وأمم وألسنة)) (ص245).
- بعد تدميرها ((يبكي تجار الأرض وينوحون عليها لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيما بعد ، بضائع من الذهب والفضة والحجر الكريم واللؤلؤ والبز والأرجوان والحرير والقرمز ..والعاج والخشب والنحاس والحديد والقرفة والبخور والطيب والخرد والزيت والحنطة والبهائم غنماً وخيلاً ومركبات... كل هذه البضائع تجارها سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها يبكون وينوحون ، ويقولون ويل ! ويل ! ... خربت في ساعة واحدة ! (انظر : ص259-260 ).
إنها دولة الرفاهية والتجارة العالمية والشركات العملاقة ..فأين روما من هذا ؟
ثم يقول السفر :-
((رفع ملاك واحد قوي حجراً كرحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً : هكذا بدفْعٍ سترمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد )) (ص262).
ويقول :
((لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم (أتباع) أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض )) (ص263).
وحينئذٍ كما يقول السفر : تهلل الشعوب ويهلل من في السماء قائلين :
((المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا لأن أحكامه حق وعادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها)) (ص263).
إذن ليست روما ولكنها أمريكا وعقوبتها في الأسفار إما ربانية "رياح " كما سبق أو إعصار ((كيف صارت بابل دهشاً بين الشعوب ؟ طلع البحر على بابل فغمرها بهدير أمواجه ، وصارت مدنها دماراً . أرضاً قاحلة مقفرة…)).
[أرمياء 51 : 42-43]
وفي دانيال ومتّى "زلازل وأوبئة" على الأرض ولبابل -بلا ريب- النصيب الأوفر منها!!
..وإما بشرية يرسلها الله :
((أيتها القائمة على المياه الغزيرة الكثيرة الكنوز ، قد حان أجلكِ ، بنفسه أقسم رب القوات : أملأك رجالاً كالجنادب فيصيحون عليك بهتاف الانتصار ؟ هو الذي صنع الأرض بقوته وثبّت الدنيا بحكمته)).
[نفسه 51 : 13-14]
فما هتاف الانتصار الذي ينشده جند الله بعد تدمير رجسة الخراب يقيناً أو بعد تدمير أمريكاً غالباً :
إنه هتاف عجيب يورده أشعياء :
((استيقظي استيقظي
البسي عزك يا فلسطين -في الأصل صهيون-
البسي ثياب فخرك يا أورشليم
يا مدينة القدس
فإنه لا يعود يدخلك أقلف ولا نجس
انفضي الغبار عنك
قومي اجلسي يا أورشليم
حُلَّت قيود عنقك
أيتها الأسيرة)).
[52 : 1-2]
ويمتن الله على عباده المؤمنين الذين يفرحون بنصره قائلاً :
((لأني حينئذٍ أجعل للأميين (في الأصل الشعوب) شفة نقية (لا شفة نجسة كشفة إسرائيل) ليدعو جميعاً باسم الرب وليعبدوه كتفاً على كتف)).
[صفيناء 3 : 9]
يعلم الناس عامة وأهل الكتاب خاصة أنه ما من أمة تعبد الله كتفاً على كتف كالبنيان المرصوص إلا أمة الإسلام. وهم أطهر الناس شفة وحسب شفاههم طهارة أنها لا تسب الله فتقول إن له ابناً أو إنه يجهل وينسى ويندم -تعالى الله عما يقول المشركون علواً كبيراً-.
..
.
الخاتمة
.
.
.
.
فسيقولون متى هو ؟
قل عسى أن يكون قريباً

بقي السؤال الأخير والصعب : متى يحل يوم الغضب ومتى يدمر الله رجسة الخراب ومتى تفك قيود القدس وتعود لها حقوقها ؟
إن الإجابة قد سبقت ضمناً فحين حدد دانيال المدة بين الكرب والفرج وبين عهد الضيقة وعهد الطوبى كانت كما سبق 45 سنة !!
وقد رأينا أن تحديده قيام دولة الرجس كان سنة 1967 م وهو ما قد وقع وعليه فتكون النهاية أو بداية النهاية سنة (1967 + 45) = 2012م أي سنة (1387+45) = 1433هـ.
وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم – إلا إذا صدقه الواقع - لكن لو دخل معنا الأصوليون في رهان كما دخلت قريش مع أبي بكر الصديق بشأن الروم فسوف يخسرون قطعاً وبلا أدنى ريب وبدون أن نلتـزم بتحديد سنة معينة !!
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه