عرض مشاركة مفردة
  #124  
قديم 22-04-2006, 01:44 PM
عبد الرحمن السحيم عبد الرحمن السحيم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 73
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
اللهم آمين وجزاكم الله خيرا..كلمات تكتب بماء الذهب..وقد قرأت لكم مقال يا شيخنا رائع بكل معنى الكلمة تحت اسم : خفافيش الظلام..أتمنى ان تضعوا رابطه يرحمكم الله يا شيخ لينتفع به الإخوة بإذن الله..

شيخنا الفاضل..من كانت نفسه كثيرة التوبيخ ينطبق عليه القول : يائس من رحمة الله؟؟ وإن كان يثق برحمة الله وأنها غلبت غضبه كذلك بأنه يغفر الذنوب جميعا..وأنه أرحم به من امه..وأنه اللطيف الودود سبحانه..لكن لا يستطيع ان يمنع نفسه من ان يقول دائما مثلا : أثق بان الله قادر على أن يعطيني هذا الشيء أو يحققه لي وإن كنت عاصيا..لكن لأنني أنا لا أظن انني أستحقه..وهو في قلبه والله لا يدعي أنه يشرك مع الله في حكمه أو قدرته ولكن يرى نفسه هكذا ولا يتخيل أنه ستتحقق الأمور له وفقط..

وإياك ..


الجواب :

أولاً : يجب على الإنسان أن يُحسِن ظـنَّـه بِربِّـه ، ويَعلَم أن ما أصابه مِن خير وصِحّة وعافية وسَعَة رِزق ؛ إنما هو من فَضل الله ومِنَّـتِه ورحمته .

وعلى الإنسان يُسيء الظنّ بِنفسه ، ويَعلم أن ما أصابه أو يُصيبه هو مِن قِبَلِ نفسه ، وبسبب ذنوبه ؛ لِيَحْمِلَه ذلك على التوبة .
فالمؤمن يَهضِم نفسه .
وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة كان يُسَبِّح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ، يقول : أُسَـبِّح بِقَدْرِ ذَنْبِي . قاله ابن حجر في الإصابة .
لما ولي أبو بكر رضي الله عنه خطب فقال : إني وُليتكم ولستُ بخيركم . فلما بلغ الحسن قوله قال : بلى ولكن المؤمن يَهْضِم نفسه .
وقال الفضيل : لو شممتم رائحة الذنوب مني ما قربتموني .
وأُثْنِي على زاهد فقال : لو عَرَفْتَ مِنِّي ما عَرَفْتُ مِن نَفْسِي لأبْغَضْتَنِي .

وكنت كتبت مقالا بعنوان :
هذا بِذَنْبِي

فالمؤمن يَجمَع بين إحسان الْعَمَل والخشية ، والمنافِق يَجمَع بين إساءة العمل والأمن مِن مكْر الله . كما قال الحسن البصري رحمه الله .

ثانياً : يَنبغي أن يَنظُر الإنسان إلى أن اختيار الله خير له مِن اختياره لنفسه .
يُروى عن عليّ رضي الله عنه أنه قال : لو اطِّلع الإنسان على الغيب لما اختار غير ما اختاره الله له .

قال ابن القيم رحمه الله عن المصائب : إذا تَيَقَّن العبد أنها مَكتوبة مُقَدَّرة ، وأن ما أصَابَه مِنْها لم يكن لِيُخْطِئه ، وما أخطأه لم يكن لِيُصِيبه ؛ هَانَتْ عليه ، وخَفّ حملها ، وأنْزَلها مَنْزِلة الْحَرّ والبرد . اهـ .

يعني لا يَهتمّ لِمثل هذه الأمور اهتماما بالِغا ، بل تكون عِنده كالأمور المعتادة مِن حَـرّ وبَـرْد ، خاصة ما يتعلّق بالدنيا وفواتِها .

ثالثا : لا يأس مع الحياة ، ولا حياة مع اليأس .
فالمؤمن يَنظُر إلى هذه الدار ( الدنيا ) على أنها دار مَمَرّ ، والكافر يَنظُر إليها على أنها دار مَقَـرّ
فلو كان المؤمن مِن أشْقى الناس مَعِيشَة في الدنيا ، فإنه يوم القيامة يَتمنّى أن لو زِيد في بلائه !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَوَدّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعْطَى أهل البلاء الثواب لو أن جَلودهم كانت قُرِضَتْ في الدنيا بالمقاريض . رواه الترمذي ، وحسّنه الألباني .

كما أن لَحظة واحِدة من نعيم الجنة تُنسِي الدنيا بما فيها مِن بُؤسٍ وشقاء وبلاء .
ففي صحيح مسلم مِن حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤتَى بِأنْعَمِ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيُصْبَغ في النار صبغة ، ثم يُقال : يا ابن آدم هل رأيت خيرًا قط ؟ هل مَرّ بِك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويُؤتَى بأشَدّ الناس بُؤسًا في الدنيا من أهل الجنة فيُصْبَغ صبغة في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مَرّ بِك شِدّة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ، ما مَـرّ بي بُؤس قَطّ ، ولا رأيت شِدّة قط .

فلا يَجوز القنوط ولا اليأس ، لأن فَرَج الله قريب ، ورحمته وسِعتْ كل شيء .

والله تعالى أعلم .

..
__________________
الرد مع إقتباس