الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-07-2003, 12:15 PM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

وقررت الرحيل !


لا أدري كم نمت .. ولكني سمعت صوتا اعتقدت في بادئ الأمر أنه حلما.. ولكن هذا الصوت كان مصرا.. ولم يصمت.. فتحت عيني بتثاقل .. نظرت فإذا به محمولي يدق.. إنه سعود .. أجبت : ألو .. السلام عليكم .. أهلا سعود ..
- أهلا صغيرتي .. هل انت نائمة ؟؟
فركت عيناي وقلت : آه أجل كنت نائمة .. ماذا هناك يا أخي؟؟ هل أنت بخير ؟؟هل فهد بخير ؟؟
- أجل أجل نحن بخير .. روز أنا بالأسفل.. بدلي ملابسك وانزلي لي ..
- حسنا يا أخي ثواني ..
اغلقت السماعة .. نهضت بسرعة وارتديت ملابسي .. وقبل أن أخرج .. استوقفني مظهري بالمرآة..كنت مروعة .. زينتي التي كنت أضعها احتفالا بعودة خطيبي.. سالت وعبثت بوجهي.. فأصبح ككتاب تلوين لطفل صغير .. خط بأقلام التلوين خاصته خطوطا هنا وهناك .. أخذت المنديل ومسحتها.. مسحت وجهي وعدلت مظهري .. أخذت غطاء رأسي من على الكرسي وضعته على رأسي وخرجت ..
نزلت إلى المجلس.. فوجدت هناك سعود وفهد .. ابتسمت بريبة .. فما الذي اتا بهم معا والآن ؟؟
نهض إلي سعود وضمني بحنان .. فلطالما شعر سعود تجاهي بعاطفة أب لابنتة.. ضممته بقوة ولكأني أبث إليه بكل مافي نفسي .. ترقرقت الدموع في عيني دون أن أشعر .. انتزعت نفسي من بين أحضانه لأرميها في أحضان أخي فهد .. وهنا.. لم أتمالك نفسي .. فلقد انهرت باكية ..
مسح فهد على رأسي وقال: هوني عليك يا أختي.. لا تخافي نحن هنا معك.. لا تخافي حبيبتي..
جلست على الكرسي .. وجلس بجانبي سعود .. وفهد جلس على الأرض أمامي.. قال سعود: صغيرتي.. لقد علمت من نورة ماحصل.. علمت ان ذلك الأحمق تزوج .. لا تهتمي له صغيرتي .. فأنت لست بحاجة إليه ..
نظرت إليه وسالت عيناي مرة أخرى.. نظر إلي فهد بحنان وقالأ: روز..كفاك دموعا.. فهو لا يستحق ..
أجبتهم بصوت أبح: اعلم .. فهد..سعود.. أنا .. وقطع حديثي استرسالي بالبكاء..
قربني سعود بيديه القويتين إلى صدره وقال: أعلم ياصغيرتي شعورك والله.. ولكن لا تحزني فالحياة امامك جميلة.. وأنت لازلت صغيرة.. كم تبلغين من العمر؟؟ احدى عشرة؟؟ ام اثنتي عشرة؟؟
ضحكت وقلت: انا في العشرين من عمري يا اخي
ضحك سعود وقال: اعلم ولكني كنت أمازحك فقط ..
قال فهد: هيا ياروز.. وضبي أمتعتك فستعودين معنا إلى البيت ..
قفزت من مكاني كالملسوعة وقالت: أعود إلى البيت؟؟
أجاب سعود مؤيدا: أجل ياصغيرتي.. معنا إلى بيت والديك .. إلى حيث اخوتك..
أجبتهما: لا لا أقدر.. كيف أرحل؟؟ وإلى أي بيت؟؟ هذا هو بيتي.. وهؤلاء هم اخوتي.. كيف أرحل؟؟ سعود لقد عشت عمري كله هنا.. ثمانية عشر عاما في هذا البيت .. لم أفارقه يوما.. اتودون أن تبعدوني عنه الآن؟؟ تبعدوني عن خالتي هدى؟؟ عن أمي التي لم أحظى بغيرها؟؟ تريدون ان تبعدوني عن اختي نوره؟؟ عن أبي حسن .. عن اخوتي احمد و يوسف؟؟ وحتى عن الأحمق فيصل؟؟ أنا لا أكترث له أقسم لكم .. فأنا أحس بالحرية الآن وبعد أن تركته.. أحس وكأني عمياء وأبصرت ..فلا تحسباني غاضبة منه .. بالعكس.. فلقد أراحني من غلطة كنت سأدفع ثمنها عمري.. أنا لم أختر فيصل لأني أحبه .. بل لأني اعتقدت أني أحبه .. ولكنه لا يعني لي شيء الآن .. أقسم لكم..
اشتعلت عينا فهد وقال: وماذا يعني هذا؟؟ اذا كانوا هم اخوتك.. فم نحن؟؟ أبناء جيرانكم؟؟
قال له سعود ناهرا: دعها يا فهد .. فهي لا تقصد ذلك..
رد بغضب: وما الذي قصدته أجل؟؟ أنها تفضلهم علينا؟؟
اجبته أنا وقد أمسكت بيديه بحنان: فهد.. أنت أخي الحبيب المميز.. وسعود. هو أخي الرائع .. أنتما أخوي.. أنتما سندي في هذه الحياة.. أنتما ما بقي لي من ذكرى والدي.. فكيف لي أن أفضل أحدا عليكم حتى ولو من كان !!
صمت برهة ثم قال: إذن لم لا تأتي معنا؟؟ نحن نحتاج إليك ياروز.. نحتاج إلى وجود أختنا بقربنا.. لقد تركناك ترحلين عنا لأنك كنت صغيرة ومحتاجة للرعاية.. أما الآن.. فنحن من نحتاج لرعايتك.. نريد أن نعيش معك ولو قليلا.. فابقى معنا.. فلا ترحلي عنا إلا لبيت زوجك..
لا أدري كيف أرد عليه.. فانا أعلم أن رحيلي عن هنا هو العذاب بعينه.. ولكن هل أرد أخي خائبا؟؟
قال لي سعود: أجل ياروز.. نحن بحاجة ماسة إليك.. أرجوك لا تتخلي عنا..
ابتسمت لها وقلت: أجل .. سأعود معكما ..
قفز فهد فرحا وقال يسمح دمعة طفرت من عينه: وأخيرا تعود روز ؟؟أخيرا تعود البسمة لبيتنا؟؟ سأذهب لأخبر خالتي ونورة ليساعدانك في تحضير حقيبتك ..
مددت يدي ولكاني أحاول أن امنعه ولكني عدت وضممتها إلى صدري.. وابتلعت غصة في حلقي .. رمقت سعود فوجدته غاية الفرح.. يكاد يطير من أنسه .. لذلك قررت أن أصمت.. وأدوس على مشاعري .. لأجل اخوي..
جلسنا نتحدث قليلا أنا وسعود .. ثوان وإذا بنورة تدخل إلينا ودموعها تسبقها.. وكذلك الحال عند خالتي.. اقتربت مني نورة وقالت: أصحيح انك راحلة؟؟ أصحيح أنك ستتركينني وتذهبين لتعيشي مع اخوتك؟؟
أومأت برأسي مجيبة فقالت باكية: لم ياروز؟؟ لم تتركيني وترحلين؟؟ ألست أختك؟؟ إذا لماذا ترحلين؟؟ وعدتني أن ما حصل لن يغير بيننا.. ولكني أراه قد باعد بيننا كثيرا حتى بتي تريدين أن ترحلي عنا.. ألسنا عائلتك ياروز؟؟ ألست أنا أختك ؟؟ وأمي أمك ؟؟ واخوتي هم اخوتك ؟؟ إذا لماذا ترحلين ؟؟
وانضمت لها خالتي قائلة: روز بنيتي .. إن كان وجود فيصل يضايقك فمن الغد.. ولم الغد .. فمن الآن يخرج هو وزوجته من هذا المنزل.. فهذا منزلك أنت..
قاطعتها قائلة: لا يا خالتي.. لا تقولي هذا .. فيصل ابنك ومكانه بين أحضانك..
التفت إلى نورة وقلت: نورة.. أنت أختي و لازلتي أختي.. وطول عمري سأظل أحبك لأنك أختي العزيزة التي ليس لدي سواها.. أنسيتي أن لدينا أم واحدة؟؟ أنسيتي الحجر الذي كنا ننام عليه ؟؟ أنسيتي البيت الذي ضمنا معا ثمانية عشر عاما؟؟ أنت أختي التي لم تلدها أمي الحقيقية.. ولكنها ابنة أمي التي ربتني.. ولكن يانورة.. سعود وفهد هم اخوتي أيضا.. فلا أستطيع أن أتركهم وهم بحاجة إلي.. لذا يجب أن أذهب معهم.. لأرى ماهم بحاجة إليه.. لأعيش معهم ولو القليل من حياتي.. ولا تقلقي.. فأزورك كل يوم .. وأنام عندك في بعض الأحيان.. وستزورينني أنت أيضا.. فالبيت ليس بالبعيد .. بضع خطوات من هنا.. هيا يا أختي لا تبكي.. لأننا لن نفترق.. لا يوجد أي شيء بالدنيا يستطيع أن يفرقنا ..
نظرت إلي بعينين داميتين.. قذفت نفسها بين ذراعي وانهارت باكية .. لم أطق رؤية دموع أختي فأجهشت أنا بالبكاء معها.. امتزجت أصوات دموعنا وشهقاتنا.. وعبق المكان برائحة عبراتنا.. ضمتنا خالتي إليها وبكت هي الأخرى..
وبعد زمن.. نهضت خالتي وقالت بعد أن لملمت نفسها: هيا يا روز.. هيا لنعد حقيبتك استعداد للعودة..
أمسكت بيد نورة وابتسمت.. وقلت: ألن تساعديني يا أختي؟؟
مسحت دموعها الكثيرة بكفها وقالت: بلى.. بالطبع سأساعدك ..
ونهضنا سوية متجهين إلى غرفتي.. لأعد أمتعة الرحيل !!


يتبع ..
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس