الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #99  
قديم 13-08-2005, 11:14 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

لهما فقط..

في تلك الجزيرة..وفي ذلك الفندق الفخم.. وعلى تلك الشرفة المطلة على البحر الأزرق الأخّاذ.. وصوت الموج المرتطم بالصخور يسلب الألباب.. ولون السماء المصطبغ بالحمره يأسر الأفئدة..كانت السماء وكأنها في حالة معانقة للأرض.. تحيطها من كل جانب وكل صوب..تعانقها وتضمها إليها بقوه.. بكل شوق ومحبه.. حتى بدا المنظر كعاشقين اثنين..وفي تلك اللوحة المرسومه.. كان نواف يجلس في تلك الشرفه..في ذلك الفندق.. في تلك الجزيرة الجميله مع زوجته.. جلس نواف على كرسي في الشرفه وقد كان منهمكا في الكتابة.. يكتب كلمة فيمسح أخرى.. يظهر أنه كان منشغلا جدا في الكتابة حيث لم يلحظ دخول زوجته وجلوسها بجواره.. نادته بشاعريه: نواف ..

لم يجبها ليس لأنه تجاهلها.. بل لأنه لم يسمعها ..

أعادت قولها وندائها: نواف..

التفت إليها وقال: ماذا ؟

ابتسمت وقالت: ألم تسمعني أناديك ؟

- لا يا عزيزتي اعذريني فلقد كنت أكتب ..

- تكتب ؟ وماذا تكتب ؟

- أكتب ؟؟

- أجل. ماذا تكتب يا حبيبي؟

- أنا.. أنا أكتب شعرا..

- حقا ؟؟ أهو لي ؟

تلعثم وقال مغيرا مجرى الحديث: منذ متى وأنت هنا ؟

- منذ قليل..

أحست الزوجه بحسها الأنثوي أن هنالك أمرا ما.. كاد الفضول أن يقتلها.. حرك الفضول شيئا ما بداخلها.. فجر صمام هناك.. فبدء يعبث بجسدها الداخلي..تريد أن تقرأ الشعر..هذا ما كان يشغلها..لعله مفاجأة لها يفاجأها به بطريقة رومانسيه؟؟يقدمه لها مع باقة رائعة من الزهور وقبلة على خدّها فيخبرها كم هو يحبها.. ياله من زوج رومانسي مذهل!أجل سيفعل ذلك..بل ربما أكثر من ذلك .. رباه كم تحبه..

احمر وجهها لما دار بفكرها فقالت برقه: نواف.. أنظر إلى البحر.. إنه آسر ..اسمع صوته..إنه ينادينا.. لم لا نذهب فنجلس على ضفافه قليلا فتعبث أقدامنا بماءه الذي تتكسر أمواجه أمام عظمة صخوره ؟ لم نأت من بلادنا ونقطع كل هذه المسافه لأجل الجلوس بالفندق.. أليس كذلك؟ هنالك الكثير من الفنادق في بلادنا لما لم نجلس في أحدهم وكفى؟

- فعلا ..أنا آسف.. سأذهب لأبدل ملابسي للنزول.. هل أنت جاهزه عزيزتي ؟

- أجل.. أنا كذلك منذ وقت طويل..كنت أنتظر أن تحن علي وتقول هيا لنخرج ولكن يبدو أنه لا ينفع معك سوى القوة..

ضحك وقال: لا بل كلمة طيبة تفي بالغرض..

غمزت بعينها وقالت: حقا؟ وما رأيك لو كتبت لك قصيدة أدعوك بها للخروج؟؟

ضحك وقال: ذلك سيكون أفضل!!

- هيا سأنتظرك بالغرفة المجاورة فلا تتأخر علي.. ولا تتأنق كثيرا فلن يراك أحد سوى البحر..

- وأنت ؟

- أنت جميل بعيني لو ارتديت أسوأ ما لديك!

- حسنا..

خرجت زوجته وكتب هو حرفا آخرا ثم ترك القلم بعد أن سمع نداء زوجته عليه وغادر.. ترك الدفتر مفتوحا وغادر الشرفه وهو الذي ليس من عادته أبدا أن يترك دفاتره وأوراقه الخاصه مكشوفة أبدا ولكن..لله في كل شيء حكمه..

استغلت زوحته فترة وجوده في الحمام فأتت مسرعه تبحث عن الدفتر.. فوجدته مهيأ أمامها..مفتوحا على مصرعيه..كأنه يقول.. هاك اقرئيني.. جلست على الكرسي الذي كان يجلس عليه نواف وشرعت تقرأ ما سطر فيه..









ليه المسا لونـه كئيـب ومحـزون

وليه الشوارع وسط صدري حزينه ؟

يا مسافره للبعـد بالهـون بالهـون

باقي مـن الذكـرى ثوانـي ثمينـه

خلي العيون المتعبه تحظـن عيـون

خلي الفـرح يجمـع بقايـا سنينـه

خلي عذاب القلب بالقلـب مكنـون

يكفي من الحرمان ( جرحي مدينه)

اليوم احسك حلم شاعـر ومجنـون

سافر مـع الأحـلام لآخـر حنينـه

غفا وقلبه باعـذب الحـب مسكـون

صحـا لقـا نبضـات قلبـه تدينـه

واللحظه اللي حزنها لـون الكـون

صارت هنـا بيـن الحنايـا سجينـه

جمرة ألم تشعـل مسافاتـي ظنـون

عبره علـى شـط النواظـر دفينـه

أدري المشاعر كلهـا باكـر تخـون

لا ضجت الذكرى والاحلام وينـه ؟

لا مرني طيفـك تنهـات وشجـون

والحـزن شـرع للمشاعـر يدينـه

وشلون اسافر عن عذابات وطعـون

الياغـدا للجـرح صمتـي سفينـه

اليوم ذبلت فرحتي شمع وغصـون

واليـوم مـات بدفتـري ياسميـنـه

روحي فديتك غاليه حيـل وتمـون

وقلبـي علـى توديعـك الله يعينـه

عاشق غدا لاحساسك العذب مسجون

رغم اغتراب العمـر بينـك وبينـه

يبقى مع الأيـام شاعـر ومجنـون

يكفيـه لا مـر الفـرح تذكريـنـه





أغلقت الدفتر ووضعته مكانه.. تسارعت أنفاسها وتعالت دقات قلبها.. تنفست بعمق وقالت: وأنا التي كنت أظن أنها قصيدة شاعريه..إنها قصيدة حزينة لحبيب متألم لفراق حبيبته.. ترى لمن كتبها ؟؟ هل لـ ؟؟

لا لا .. لن أفكر كهذا التفكير به.. لا يمكن.. إنه يحبني.. ولا أتوقع أنه يحب أخرى.. لن أسأله..ولا أهتم لما كتب بالدفتر..لا أرى أمامي سوى قصاصة من ورق كتب عليها خربشات قلم..ليس من الضروره أن تكون معبرة عن احساس يحس به..ربما هي مجرد قصيدة كتبها.. المهم.. أني أشعر بصدق أحاسيسه لي..

همت أن تغادر ولكنها تذكرت أنها وجدت الدفتر مفتوحا.. لذلك عادت ففتحت الدفتر..ووضعته حيث كان.. وأعادت القلم لموضعه.. ثم غادرت إلى الغرفة المجاورة لتنتظر زوجها كما وعدت..

خرج نواف وقال: هيا يا عزيزتي لنذهب..

ابتسمت باصطناع فما أن رأته حتى تزاحمت الأسئلة في نفسها.. أسئلة حاولت جاهدة أن تكتمها وتقتلها في نفسها طوال أمسيتها الشاعريه مع زوجها تحت ضوء القمر..

أطالوا الجلوس على شاطئ البحر .. ولم يكن هنالك أحد سواهما ..وكأن الشاطئ كان محجوز لهما في تلك الليلة..


يتبع..
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس